قراءة في خطاب السيد السيستاني الذي يتمنى بلسان الإمام الصادق عليه السلام أن يكون مع المقاتلين ويؤكد: فسلامُ الله عليكم من شعبٍ صامدٍ صابرٍ فاجأ العالم بصبره وصموده
    

كعادتها في وضع النقاط على الحروف..

وفي نصرة الملهوفين لكلمة حقٍ تبّرِد بها القلوب العطشى لحقائق هذه الطفوف..

انبرت المرجعية الدينية العليا لتسطير واحدةٍ من أروع خطبها ذات المغزى الغيبي، في السنتين الماضيتين بعد الأزمة الداعشية...

وذلك في خطبتها الثانية من صلاة الجمعة (19شعبان 1437هـ) الموافق لـ(27آيار 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامة ممثلها العلامة السيد أحمد الصافي.

ولا تسع الأقلام لبيان مطالبها، بل ربما تحتاج أهل العلم لتفسير بعض مضامينها، ولسنا حتى بمصاف خدّام تلامذة تلامذتهم، ولكن ما لا يُدرك كله لا يُترك جله.

وفيما يلي قراءة لبعض تلك المضامين وفق فهمنا القاصر، وهي نص كلام المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني:

1. ابتدأت الخطبة بطلب السيد الصافي من المؤمنين الانتباه لمضامين الخطبة، وعلى حد متابعاتي لخطب جمعتها، طوال اكثر من 12 عاما ونصف، هذه أول مرة تحصل في جمعة المرجعية الدينية العليا الرسمية في كربلاء المقدسة، من أحد ممثليها، وهو قد يؤكد ما قلناه في المقدمة.

2. وصفت المرجعية ما نعيشه من زمن هذه الأحداث بأنه " الأيام العظيمة " وأتى ما بعدها وكأنه يكشف عن سر هذه العظمة حيث قالت "التي يخوض فيها أعزّتنا في القوّات المسلّحة والشرطة الاتّحادية ومن يساندهم من المتطوّعين الأبطال وأبناء العشائر الغيارى معارك ضارية لدحر الإرهاب الداعشي عن مناطق أخرى من أرض العراق الطاهرة"، فأيام شعبان المعظم أصلاً ازدادت عظمة بهذه الإضافة.

3. ما زال سماحته يؤكد على أن الدفاع المقدس ضد داعش، انما هو دفاع عن الوطن ثم الشعب ثم المقدسات بقوله: " الدفاع عن وطنهم وشعبهم ومقدّساتهم "، وهي ثلاثية ما انفكت عراها طوال خطبها، إلا في مواضع الضرورة اللحظية.

4. وما زال المرجع الأعلى يًمجد بصانعي الدفاع هذا وانتصاراته بقوله:

" يجب أن نقف لنحيي بإكبار وإجلال هؤلاء الرجال الميامين على انتصاراتهم وبطولاتهم وتضحياتهم وتفانيهم في الدفاع" .

5. لكنه هذه المرة زاد على الثناء والتمجيد بصانعي الانتصارات من أبناء العراق، حتى قال ما لا يستطيع تفسيره حق تفسيره إلا أهله، فقال:

" إنّنا لا نجد من الكلمات ما تفي ببيان قدرهم ومكانتهم، ولا يسعنا إلّا أن نقول إنّكم حقّاً الأجلّ قدراً والأعظم أجراً ومثوبةً من جميع من سواكم".

كلامٌ عجيب، وكأني به يُفضِلهم على نفسه، فضلاً عن غيره، وهو مرجع الطائفة الأعلى.

6. ثم تلا هذا التمجيد العجيب عبارة أعجب، هي للإمام الصادق عليه السلام حين يخاطب شهداء الطف في زيارتهم المعروفة، والتي يقرأها المؤمنون كل يوم حين الزيارة، وليفاجئنا المرجع الديني الأعلى هذه المرة بجعل مصاديقها، أبناءُ العراق من " أعزّتنا في القوّات المسلّحة والشرطة الاتّحادية ومن يساندهم من المتطوّعين الأبطال وأبناء العشائر الغيارى ".

وهنا يقف عقلي القاصر عن تفسير ذلك، وأحيله لأهله، متعبدأ بقول أئمتي الهداة عليهم السلام، الذين أمرونا بتصديق وطاعة نوابهم ورواة حديثهم في غيبتهم، فيما جاؤا به عنهم عليهم السلام، لأنهم يروونه وفق أسس العلم وعلومه.

فقال:

"ويا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً".

وهل بعد ذلك الثناء ثناء؟!

7. وبعد أن يتطرق الى ثواب شهدائهم وأجر جرحاهم المُضاعف، يُذكرنا بواجبنا تجاههم فيقول:

" ولكن ما أعظم واجبنا تجاههم في رعايتهم والعناية بهم وتخفيف آلامهم وتأمين الحياة الكريمة لهم، وأمّا أرامل الشهداء وأيتامهم وسائر ذويهم فيكفيهم فخراً ما قدّموا للدين والوطن من شهداء كرام ولكن الواجب تجاههم أعظم، إنّهم فقدوا أحبّتهم ومن كانوا يحظون برعايتهم في حياتهم المعيشية، فلابُدّ أن يجدوا منّا من العناية والرعاية ما يعوّض ولو جزءً ممّا فقدوه بفراق أولئك الكرام".

وكلامه يحتم علينا ما يلي، كتكليف شرعي:

أ‌. رعاية عوائل الجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة منهم، والعناية بهم وتخفيف آلامهم وتأمين الحياة الكريمة لهم.

ب‌. العناية والرعاية لأرامل الشهداء وأيتامهم وسائر ذويهم ما يعوّض ولو جزءً ممّا فقدوه بفراق أولئك الكرام.

8. يكتب المرجع الديني الأعلى في خطبته هذه جزء من تأريخ هذه المرحلة، ويؤكد في تدوينه هذا ما يلي:

أ‌. صبر العراقيين اللامحدود في هذه الظروف الصعبة، حيث قال:

"مضت سنتان منذ أن هبّ العراقيّون للدفاع عن بلدهم وشعبهم ومقدّساتهم أمام الهجمة الهمجيّة الداعشية.

وقد قدّموا خلال هذه المدّة آلاف الشهداء وأضعاف ذلك من الجرحى والمصابين.

ولكنّهم لم يملّوا ولم يكلّوا عن مقارعة الإرهابيّين، ولم يزالوا صامدين في مختلف الجبهات.

بل إنّهم يزدادون إصراراً على الاستمرار في جهادهم الدفاعي الى تطهير آخر شبر من أرض الوطن من رجس هؤلاء الظلاميّين".

ب‌. صبر العراقيين الذي لا يشابهه صبر لشعبٍ في العالم، حين قال:

" لقد ساهم الجميع في هذه المنازلة العظيمة شيباً وشبّاناً، كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، ولا يزالون مستمرّين في ذلك، فمنهم من يشارك ببدنه بالحضور في جبهات القتال، ومنهم من يشارك بماله بتوفير ما يحتاج اليه المقاتلون من المؤن وغيرها"

ويختمها بأروع عبارة تزرع البسمة على شفاه الصابرين من هذا لشعب المضحي المعطاء:

"فسلامُ الله عليكم من شعبٍ صامدٍ صابرٍ فاجأ العالم بصبره وصموده".

9. وفي سياق كتابة التأريخ أعلاه، فهل من المصادفة أن يخصص ممثله العلامة السيد الصافي قبل يوم من الخطبة، في كلمة افتتاح مهرجان فتوى الدفاع المقدس الأول في العتبة العباسية المقدسة، كل كلمته لمخاطر تبديل وسرقة تأريخنا لهذه المرحلة؟!!!

وهل لكلامه علاقة بتدوين المرجعية الدينية العليا أعلاه؟! وبكلام خطبتها التي حذرت من تبديل تأريخ هذه المرحلة، في 13/3/2015م؟!

حيث قال ممثلها العلامة السيد الصافي نصاً:

"حرصنا في أكثر من مناسبة على مسألة التوثيق لكلّ مجريات هذه المعركة، وهذه الفترة من تأريخ البلد".

"هذه الفتوى المباركة التي صدرت من المرجعية الدينية العُليا في النجف الأشرف، والتي حمت العراق وغيره".

"وأوّل من هبّ، وأوّل من دافع عن البلد، هم أبناء العراق، هؤلاء الذين بذلوا الغالي والنفيس ليمنعوا خطر داعش عن العراق".

" هذه الحقائق التاريخية إذا لم توثّق ستُسرق، وإذا سُرقت ستُمنح هذه الإنجازات لغير أهلها.. اقرأوا التاريخ.. فيه الكثير من السرقات!! ".

" مشكلتنا إخواني أنّنا شعب لا نوثّق، أنّنا نتساهل مع تاريخنا، أنّنا نجود بما عندنا للآخرين، والآخر لا يجود بما عنده لنا.. ".

" لابُدّ أن نكون حريصين جدّاً على مسألة التوثيق، اكتبوا أيّ شيء عن هذه المعارك، فبعد سنين سيخاطبنا الأبناء الرضّع الآن وسيطالبوننا بتاريخنا الذي أضاعه البعض "

وهذا نص كلمته:

https://alkafeel.net/ar-news/index.php?id=4223

10. تأكيد المرجعية على المقاتلين بمراعاة الجانب الانساني في التعامل مع النازحين المدنيين أبناء الفلوجة وغيرها، من المناطق المحتلة قيد التحرير، وهي تضع يدها على شبهةٍ وتردعُ جهلاً لبعضهم بحكم، وتؤسس لأولويات الأمور وفقاً لقاعدة دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، وقاعدة الأهم فالمهم، وغير ذلك، فتقول ما نصه:

" نؤكّد على المقاتلين الأبطال:

أ‌. بضرورة توفير الحماية للمدنيّين الأبرياء .

ب‌. وتخليص من احتمى به العدوّ منهم بكلّ الوسائل المتاحة، واعلموا أنّ إنقاذ إنسان بريء ممّا يحيط به من المخاطر أهمّ وأعظم من استهداف العدوّ والقضاء عليه".

وتختم وصاياها بتأكيدٍ وحثٍ فتقول:

فابذلوا قصارى جهودكم في تأمين حياة المدنيّين، وإبعاد الأذى عنهم، شكر الله سعيكم وجزاكم خير جزاء المحسنين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

#‏سيد_الجهاد #‏السيستاني
#‏بفتواك_ننتصر
#‏الحشد_الانساني
#‏الفلوجة_محررين_لامعتدين
# الحشد_الشعبي
#‏سماحة_السيد_السيستاني
#‏الفلوجة
#‏نحررها_جيشاً_وحشداً_واتحادية
#‏المرجعية_الدينية_العليا
#‏السيد_علي_السيستاني
جسام محمد السعيدي

محرر الموقع : 2016 - 05 - 29