تاريخ مواجهة الشيعة في جمهورية أذربيجان..
    

واجهت حكومة باكو مرة أخرى بالعنف اقامة المواطنين الأذربيجانيين لمظاهرات يوم القدس العالمي. وفي هذا الصدد، أفادت مصادر ميدانية من باكو عاصمة جمهورية أذربيجان، أنه بالتزامن مع يوم القدس العالمي تجمعت مجموعة من رجال الدين الأذربيجانيين الصائمين أمام سفارة الكيان الصهيوني في باكو احتفالا بيوم القدس العالمي واحتجاجاً على الجرائم اللاإنسانية التي يرتكبها الكيان الصهيوني إلا أن ذلك التجمع لاقى مواجهة عنيفة من قبل الشرطة والقوات الأمنية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه تم اعتقال معظم المشاركين في هذا التجمع المناهض للصهيونية.

ومنذ الاسبوع الماضي قام الشيعة في أذربيجان بالاحتفال بيوم القدس العالمي في الفضاء الافتراضي ، وكان اقامة أسبوع القدس في الفضاء الافتراضي أحد برامج رجال الدين الأذربيجانيين للاحتفال بيوم القدس كمبادرة عظيمة وخالدة للإمام الخميني(قدس).

تاريخ مواجهة الشيعة في جمهورية اذربيجان

في السنوات السابقة، قوبلت المسيرات المناهضة للصهيونية التي نظمها شعب أذربيجان المسلم بردٍ شديدٍ من القوات الأمنية، في حين أن شعوب دول أخرى في المنطقة، مثل تركيا وروسيا، تقيم بهدوء كبير برامجها المناهضة للصهيونية.

ففي يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك من العام الماضي تم اغلاق الشوارع المؤدية للسفارة الإسرائيلية وسيطرت الشرطة الأذربيجانية عليها ، وفي مكان آخر من العاصمة باكو تجمعت مجموعة من الصائمين في ممر الشهداء في باكو لزيارة قبور الشهداء ولإقامة مراسم يوم القدس العالمي ، حيث لم تسمح الشرطة والقوات الأمنية ، التي أغلقت ممر الشهداء في باكو ، للمتظاهرين إلا بزيارة قبور الشهداء.

في الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي يمنع فيها مسؤولو حكومة ” إلهام علييف” الاحتفال بيوم القدس العالمي في باكو ومدن أخرى في جمهورية أذربيجان. على الرغم من رغبة الشعب المسلم في جمهورية أذربيجان في إظهار موقف معادٍ لإسرائيل ، إلا أن حكومة باكو تمنع عملياً المظاهرات المناهضة لإسرائيل في يوم القدس العالمي كل عام.

وفي وقت سابق، ذكر بعض السياسيين الأذربيجانيين سبب قيام باكو بمنع الاحتفال بيوم القدس العالمي والاحتجاجات الأخرى المعادية لإسرائيل. فعلى سبيل المثال ، قال “فاضل مصطفى غضنفراوغلو” ، العضو في البرلمان الأذربيجاني والسياسي المقرب من حكومة باكو ، بشأن موقف حكومة “الهام علييف” من إسرائيل: “ان الأعمال الوحشية الواسعة في قطاع غزة دليل على التحريض على العنف والوحشية في العالم من قبل الادارة الأمريكية واسرائيل. لكن حكومة إلهام علييف غير قادرة على تحديد موقف واضح بشأن هذه القضية وذلك بسبب علاقاتها الجيدة مع الكيان الإسرائيلي العنصري، و تأخذ بعين الاعتبار بعد التحفظات.

وبعبارة أخرى، إن قيام حكومة إلهام علييف منع إقامة المظاهرات المناهضة لإسرائيل لا يعني أن الشعب المسلم في جمهورية أذربيجان يوافق على مواقف حكومة باكو ويعطي الشرعية لهذا الكيان العنصري ، ولكن الشعب المسلم في جمهورية أذربيجان يعارضه بشدة سياسات قتل الأطفال وابادة النساء والمعاقين جسديا في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولا يأخذون في الاعتبار أي تحفظات.

لماذا تواجه حكومة باكو مظاهرات يوم القدس؟

كما ذكر سابقاً يبدو أن أهم سبب قيام حكومة باكو بمواجهة اقامة المراسم المتعلقة بيوم القدس في السنوات الأخيرة كان الطابع المعادي للصهيونية في هذه المراسم.

وفي الوقت الراهن، تربط حكومة باكو علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني ، وقد وسع الجانبان هذه العلاقات على مدى السنوات القليلة الماضية.

يعتمد جزء كبير من العلاقات بين باكو وتل أبيب على النهج الغربي الذي تتبناه جمهورية أذربيجان ورؤية هذه الحكومة للغرب ، والذي تم تعزيزه في حكومة إلهام علييف. في الواقع ، تبحث حكومة باكو عن أمنها وسط الدعم الغربي والأمريكي، وبذلك ستمنع أي عمل لا يرضي الغرب. ونظراً الى طلب الصهاينة مواجهة التظاهرات المناهضة للصهيونية في يوم القدس ينبغي لحكومة باكو الامتثال لهذا الطلب.

ومع ذلك، فإن نهج حكومة باكو هذا لا يتوافق مع دعم المجتمع المسلم  وخاصة الشيعي في هذا البلد ، وفي الواقع ، سيزيد الفجوة بين الحكومة والشعب. وفي نفس الوقت، ان هذه الفجوة ستزيد المسافة بين الحكومة والمجتمع، وفي هذه الحالة ، ستعتمد الحكومة أكثر فأكثر على الحاجة إلى الدعم الأجنبي. وهنا تنظر الحكومة بتفاؤل كبير الى الغرب، ومنذ ذلك اليوم، تواجه أي شىء ما لا يرضي الغرب وتل أبيب ، بما في ذلك مظاهرات يوم القدس.

من ناحية أخرى، بذل الكيان الصهيوني ايضاً محاولات مضاعفة في السنوات الأخيرة لتوسيع نفوذه ووجوده في جمهورية أذربيجان. في الواقع ، تحاول تل أبيب دائماً التخلص من أغلال العزلة الإقليمية والدولية من أجل التعاون مع المزيد من الدول ، ويحاول الصهاينة ، بعد ادراكهم الكامل لقيودهم الهيكلية ، النفوذ والتأثير في بعض المناطق لفتح باب التجارة مع الدول التي يمكنها أن توفر لهم الكثير من المزايا.

كذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أصبحت منطقة جنوب القوقاز ودولها الثلاث المستقلة من بين الأماكن التي تسعى تل أبيب إلى النفوذ والتأثير فيها. ومن بين هذه الدول تمكنت جمهورية أذربيجان الاسلامية من ان تتمتع بجاذبية لتل أبيب لعدة أسباب أكثر من البلدين الآخرين في هذه المنطقة (أرمينيا وجورجيا). ومن بين الأسباب الرئيسية لمحاولات الصهاينة لتوسيع نفوذهم في جمهورية أذربيجان ، الغالبية المسلمة لسكان جمهورية أذربيجان ومن الشيعية على وجه الخصوص، والقرب من إيران  وغناها بموارد النفط والطاقة. ويبدو أن حكومة باكو واصلت متابعة هذه العلاقات ، نظراً لحاجتها إلى الدعم من الغرب واتساع الفجوة مع المجتمع.

لذلك، نظراً لهذه الظروف، فإن المواجهة والقمع العنيفين للمشاركين في مسيرة يوم القدس في جمهورية أذربيجان من قبل حكومة هذا البلد ليست غير متوقعة كثيراً.

المصدر: الوقت

محرر الموقع : 2020 - 05 - 28