أول لقاح لـ”كورونا” لن يقضي على الفيروس نهائيا.. لكن ينجح في تخفيف حدته
    

مِنَ المُرجَّح أن يدفع اليأس إزاء منع الاقتصادات من الانهيار تحت وطأة تفشي فيروس كورونا “كوفيد 19″، إلى اختيار العالم للقاح قادر على منع الإصابة الشديدة بالمرض أو الموت، لكنه لا يقي مطلقا من الإصابة بالفيروس التاجي.

وعلى الرغم من أنَّ القضاء على الفيروس تمامًا هو الهدف النهائي، إلا أنَّ اللقاحات المبكرة قد تأتي مع قيود على فاعليتها، وذلك حسبما يرى روبين شاتوك الأستاذ في إمبريال كوليدج في لندن والذي يقود تطوير دواء تجريبي. وقال شاتوك: “من المحتمل أن يكون أول اللقاحات، لقاح يمنع الإصابات الشديدة، لكن لا يمنع الإصابة بكوفيد-19 مطلقا وهذا لا يعني أنه ليس مهما”.

ومع حالة الحذر التي تحيط بقرارات الدول لرفع عمليات الإغلاق، يتطلع العالم إلى لقاح وقائي كطريق للعودة إلى حياة ما قبل الوباء. وبدعم من مليارات الدولارات من الاستثمارات الحكومية، يجري تطوير لقاحات من شركات غير معروفة؛ مثل: شركة كانسينو يبولوجيكس الصينية، وأيضا شركات عملاقة؛ مثل: أسترازينكا وفايزر.

وحقَّقت واحدة على الأقل من اللقاحات التجريبية الأسرع تحركًا تقدما حقيقيا، في التجارب البشرية، بعد أن أظهرت تأثيرًا على المرضى شديدي الأعراض، لكن أقل تأثيرا من ذلك على العدوى في الحيوانات. ويقول الخبراء إن مثل هذا المنتج ربما يستخدم على نطاق واسع إذا تمت الموافقة عليه، حتى لو أسهم ذلك على نحو ضئيل، حتى يتم طرح لقاح أكثر فاعلية في السوق.

وقال دنيس بورتون عالم المناعة وباحث اللقاحات في “سكريبس ريسيرش” في لا جولا، بولاية كاليفورنيا الأمريكية: اللقاحات تكون للوقاية من الأمراض، وليس بالضرورة للحماية من الإصابة بالفيروس.

وقال مايكل كينش خبير تطوير الأدوية الذي يشغل منصب نائب المستشار المساعد بجامعة واشنطن في سانت لويس، إنَّه في حين يحمل القدرة على إنقاذ الأرواح، فإن مثل هذه اللقاحات قد تؤدي إلى شعور بالرضا عن النفس في الدول المنهكة بسبب الفيروس. وأضاف “أظن أنه في اليوم التالي لتلقيح شخص ما، سوف يفكر: هل يمكنني العودة إلى الوضع الطبيعي؟ كل شيء سيكون على ما يرام. ولن يدركوا بالضرورة أنهم قد يكونون عرضة للإصابة”.

ويُعتقد أن “كوفيد 19” ينتشر بسبب أشخاص لا تظهر عليهم أية أعراض، وقد يسهم لقاح مضاد للأعراض في زيادة أعداد هؤلاء الأشخاص عديمي الأعراض.

وتعد اللقاحات من بين أكثر الأسلحة فعالية ضد الأمراض المعدية، وتمنع ما يصل إلى 3 ملايين حالة وفاة سنويًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. ومع ذلك، فإن القليل من اللقاحات- إن وجدت- فهي فعالة بنسبة 100% مع جميع الأشخاص الذين يحصلون عليها. فعلى سبيل المثال، يعاني حوالي 3% من الأشخاص الذين يحصلون على لقاح الحصبة من “إصابة معتدلة” بالمرض، وربما ينقل هذا المريض المرض إلى الآخرين.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، وفي إطار محاولات الدول لمواجهة التهديد المتزايد للفيروس، يلجأ المطورون إلى تقنيات لم يتم استخدامها بنجاح مع البشر. وهناك أكثر من 130 لقاحا قيد التجربة من أجل الوقاية من “كوفيد 19”. ويقول أحد الخبراء: “لن يكون هناك لقاح مثالي مطلقًا”.

وتعمل اللقاحات من خلال إعطاء الجهاز المناعي نوعا من الجراثيم، أو جزء أساسي منها، بما يضمن تهيئة الجسم للاستجابة في حالة التعرض الحقيقي للفيروس. وعندما يحدث ذلك، تهاجم البروتينات المناعية “الأجسام المضادة” الفيروس، مما يوقف دخوله إلى الخلايا. وفي بعض الأحيان، تزيد اللقاحات من الخلايا التائية المناعية، التي لا تفعل الكثير لمنع العدوى، لكنها يمكن أن تبطئ وتوقف تطورها في نهاية المطاف.

ويعدُّ حقن البشر بفيروس تم تعطيله أو قتله، من الأساليب الشائعة لرفع مستويات الأجسام المضادة. وهناك حوالي 9 تجارب قيد الاختبار؛ واحدة من صنع شركة سينوفاك بيوتك الصينية، أدى لمستويات عالية من الأجسام المضادة التي تستهدف “كوفيد” لدى القرود.

لقاح آخر تم تطويره في جامعة أكسفورد، يستخدم نهجًا مبتكرًا يتم فيه إدخال جينات كوفيد-19 في فيروس مختلف وغير ضار، لتقوم بعد ذلك بصنع البروتينات التي يتعرف عليها الجهاز المناعي، والتي تعزز الدفاعات ضد العدوى الحقيقية.

ويتبع حوالي ربع اللقطات التجريبية المدرجة من قبل منظمة الصحة العالمية، بما في ذلك اثنان بالفعل في الدراسات البشرية، نفس النهج المتبع في لقاح أكسفورد، وواحدة من مزايا التكنولوجيا لهذا النهج السرعة.

وقالتْ شركة أسترازينكا -التي تخوض شراكة مع “أكسفورد”- إنها ستبدأ تسليم جرعات إلى المملكة المتحدة في سبتمبر المقبل، وسترسل جرعات في أكتوبر إلى الولايات المتحدة، التي ساعدت في تمويل التجارب.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قالت أسترازينكا -وأربع دول في الاتحاد الأوروبي- إنهم توصلوا إلى اتفاق لتوزيع مئات الملايين من جرعات اللقاح.

محرر الموقع : 2020 - 06 - 16