عادل عبد المهدي وحكومة الخط الاحمر
    

عبد الحق الناصري

لم يعد خافياً على العراقيين الدور الكبير الذي لعبته المرجعية الدينية في اختيار عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة والمساهمة بوضع شروط اختيار كابينته الوزارية بالتنسيق مع السيد مقتدى الصدر الذي تولى تقديم عبد المهدي كمرشح للكتلة الأكبر وبالتوافق مع كتل أخرى في البرلمان وهو ما ينذر بتحول حكومته الى حكومة الخط الاحمر التي لا يجوز انتقادها او المساس بمن دعمها وسلّطها على الناس .

وعلى ما يبدو فان حكومة " عبد المهدي " هي أولى الحكومات العراقية بعد عام 2003 التي تم إقحام مرجعية السيستاني بتشكيلها بشكل واضح وبدون تحفظ ، بخلاف الحكومات السابقة التي سمعنا عن وجود تدخل بها ولكن بصورة غير مباشرة ، ويبدو أيضا إن من أقحم هذا العنوان اعتمد على ما رشح من تصريحات لقيادات سياسية تنتمي لكتل وجهات مختلفة أكدت وجود هذا التدخل دون وجود ما ينفيه فقد رفضت المرجعية بعض الشخصيات التي طُرِحت كمرشحة لمنصب رئاسة الوزراء أو لحقائب وزارية ، ثم وافقت على غيرها ، أو اتخذت قرارا بحرمان بعضها من المشاركة كما تسرّب من معلومات .

ازاء هذا الحال فان المرحلة المقبلة ستضعنا أمام حكومة اختارتها أزقة النجف الأشرف وصممت ملامحها لتكون قادرة على مواجهة التحديات المقبلة كونها ترتكز على أرضية صلبة وتحظى بدعم قوي يمكّنها من فرض رؤيتها وتطبيقها على ارض الواقع بأقصر فترة زمنية ،  ولن نرضى بان يتخلى احدٌ عن مسؤوليته لاحقا فالأمور بدت أكثر وضوحا من السابق وما عادت العناوين المحاطة بالقداسة لوحدها تخدعنا دون ترجمة هذه القداسة على ارض الواقع .

نعتقد إن مرجعية السيد السيستاني التي لم تنفِ ما ذكرناه ستكون أمام تحدٍ كبير في إثبات صحة قرارها الداعم لـ " عبد المهدي " وكابينته الوزارية التي فضّلنا عدم الحديث عنها وعن الاتهامات التي طالت عددا من أعضائها ، وإلا فان النتائج ستكون كارثية في حال فشل هذه الحكومة وستكون ردود الأفعال كبيرة تسمح بالتطاول على مقامها الذي استطاعت طوال الفترة الماضية الحفاظ عليه بسياسة الحياد والنأي بالنفس وعدم الخوض بالتفاصيل كما كانت تعلن على الأقل .

ويرى الكاتب علاء اللامي في مقال له نشر في السادس من تشرين الجاري قال فيه " إن تعيين المرجعية لاسم عادل عبد المهدي يحملها مسؤولية مستقبلية ثقيلة وخطيرة عن احتمال حدوث جريمة خصخصة الثروات النفطية والغازية العراقية وعن جريمة التفريط بكركوك العراقية في عهد هذا الشخص المجرب مرتين: الأولى في وزارة المالية في حكومة علاوي المؤقتة تحت إدارة الحاكم المدني الأميركي بول بريمر والتي رفع خلالها نسبة الإقليم الكردي من 12%إلى 17% بموافقة علاوي، وجُرِّبَ ثانية في وزارة النفط ذاتها والتي وقع خلالها على اتفاقية تصدير النفط من الإقليم مباشرة ومهد لتقسيم العراق فعليا ! " .

أعود لأقول إن كل ما نتمناه حقيقة نجاح حكومة " عبد المهدي " وتمكنّها من انتشال البلد من واقعه المزري والمتخم بالمشاكل والمعاناة نحو حياة أفضل ، والعمل على تحقيق الأولويات التي تلامس حياة المواطن بشكل مباشر، وسنعمل على دعمها في حال حققت ما ينتظره العراقيون منها في تحقيق ولو الحد الأدنى من طموحاتهم ، ولكننا أيضا سنجلدها بأقلامنا في حال خالفت التوقعات ولن ينفع دعم المرجعية لها فلا خطوط حمراء أمام معاناة الفقراء . 

محرر الموقع : 2018 - 11 - 14