انشطار المنازل يتسبب بفقدان الأرصفة
    

انشطار البيوت الكبيرة الى مشتملات صغيرة في الغالب يتبعه تجاوز على الأرصفة وضمّها واعتبارها جزءا من الملكية الخاصة للبيت او المشتمل . اذ تحول معظم الأرصفة الى كراجات للسيارات وبالتالي ضياع ملامح التخطيط العمراني لمعظم الأزقة في الأحياء السكنية خاصة في العاصمة بغداد.  البعض لم ياخذ بالحسبان ان الرصيف الذي حوّله الى كراج او محل بقالة او اسواق غذائية تقع تحته شبكات المجاري والماء الصافي وكذلك في بعض المناطق كيبلات الكهرباء والهواتف الارضية التي تحولت الى تراث. هذه التجاوازت استباحت حق المواطن في السير على الرصيف وحماية نفسه من حوادث السيارات خاصة الاطفال وقت ذهابهم وعودتهم من المدارس، الفوضى في الأحياء السكنية جعلت أرصفة الأزقة لاتختلف كثيرا عن أرصفة الشوارع التجارية.


مساحة البيت لاتكفي ؟
في السابق ، كان المواطنون يستغلون الرصيف لحالات ايجايبة مثل إنشاء الحدائق او في زراعة نباتات معمرة ، لكن حتى الحدائق المنزلية تحولت الآن الى مشتملات او غرف اضافية امتد بعضها امتارا الى الرصيف.
 يقول "رائد حميد" من سكنة منطقة حي الجهاد في حديثه لـ(المدى): هناك مساحات لمنازل صغيرة لاتتجاوز (50) مترا بسعر  يتجاوز الـ (800) الف دينار للمتر الواحد. مبينا: انها بالكاد تكفي لبناء غرفة نوم وصالة. موضحا انه اشترى الارض بعد حصوله على حصته من الارث.
واستدرك حميد: لكن المساحة لم تكن كافية لبناء كراج  لسيارة الاجرة الصغيرة التي اعيش مع عائلتي على واردها لعدم حصولي على اية فرصة عمل رغم اني خريج جامعي. مردفا: لذا لم اجد غير الاستعانة بالرصيف ليكون امتدادا لمدخل البيت الذي تحول الى كراج للسيارة.  مضيفا: رغم انه تجاوز ومخالفة للقانون لكن الحرص على عدم سرقة السيارة دفعني لذلك. متابعا: لكن ما باليد حيلة لعدم قدرتي على شراء مساحة ارض اكبر لبناء الدار الذي يتسع مرأبا للسيارة.

 أرصفة المناطق الراقية ايضا
بينما اشار "سردار عبد القهار" ،صاحب مكتب عقار في منطقة الشعب، لـ(المدى) الى: وجود مساحات لمنازل لاتتجاوز (40) او (50) مترا ويكون الجزء الباقي مكملا بالرصيف. مضيفا: هذا شائع في المناطق السكنية الشعبية حيث المساحات الصغيرة تباع بأسعار أغلى وأسرع. مسترسلا: مانقصده هنا الارض حيث تكون كلفة البناء اقل لصغر المساحة. 
وبيّن عبد القهار: البعض يستغل الرصيف لبناء كراج او حتى صالة او غرفة اضافية. منوها: وهناك من قام ببيع الرصيف في بعض المناطق التجارية لتشيّد عليه افران الصمون الكهربائي. مؤكدا: ان هذه الحالة موجودة في معظم احياء بغداد لكنها على نطاق واسع في مدينة الشعب وبغداد الجديدة والشعلة وشارع فلسطين. مستطردا: هذه التجاوزات بدأت تظهر في المناطق الراقية مثل المنصور واليرموك والقادسية بسبب شيوع ما يعرف بالانشطار البيتي المستمر وامام مرأى ومسمع الجهات البلدية التي اعلنت اكثر من مرة عدم سماحها بذلك.  

تجاوزات وتهديدات حزبية 
التجاوزات كثيرة في العاصمة ان كانت في الشوارع العامة الرئيسية من قبل اصحاب المحال التجارية  او الفرعية من قبل اصحاب البيوت ، فهناك من استغل قطعة ارض متروكة لاحد الاشخاص ممن سافروا الى خارج البلد حيث قام بتحويلها الى مرائب لمبيت السيارات دون موافقات اصولية حيث يعلل بعضهم الامر على انه تقديم مساعدة للناس الذين لايملكون مرائب في بيوتهم بسبب حجم الدار.
عضو المجلس البلدي لقاطع الدورة "بشار حسن" ذكر في حديثه لـ(المدى): ان التجاوزات على الارصفة بدات بعد عام 2003 ولم تتوقف منذ ذلك الوقت الى اليوم وهي في تزايد مستمر. لافتا الى: وجود محاسبة المتجاوزين بعد انذارهم بفرض غرامات مالية وازالة التجاوز. مستدركا: لكن حقيقة نقولها ان هناك من يتدخل  ولايسمح بفرض هذه العقوبات بل يصل الامر الى التهديد والوعيد بالاتكال على بعض الاحزاب في توفير الحماية لهم.

تعطيل مشاريع خدمية مهمة
واضاف حسن: كما هو معروف فإن العراق يعاني من ظاهرة الزحام والاختناقات المرورية بسبب التجاوز على الأرصفة في مناطق معينة. مبديا أسفه ان البعض من المواطنين ضد فكرة إخلاء الرصيف، معلللا سب ذلك ان بعضهم يجده مكانا مناسبا للتسوق والتبضع بسبب رخص الأسعار قياسا بالمحال التجارية. 
وبشأن التجاوز على الرصيف في المناطق السكنية فهذا امر اخر، مشددا انه: لايوجد من يحاسب المتجاوزين لا المجالس البلدية ولاحتى امانة بغداد ولهذا استغل المواطنون ذلك وبدأوا يحولون الرصيف الى غرف نوم او مطبخ او كراج سيارة. مؤكدا ان : بعض الأرصفة تحتوي على اسلاك الكهرباء (اعمدة ودفن تحت الارض) وشبكات الماء الصالح الشرب وشبكات الصرف الصحي وبالاضافة الى اسلاك الهواتف الارضية. مشددا: ان التجاوز على هذه الارصفة يتلف هذه الخطوط وفي حال عطبها لاتستطيع الدوائر الخدمية أداء عملها بشكل الكامل في الصيانة كما ان هذه التجاوزات تسببت بتعطيل العديد من المشاريع الخدمية المهمة.

بنايات بدون موافقات رسمية  
عضو المجلس البلدي لمنطقة الاعظمية ، والذي فضل عدم ذكر اسمه ، قال في حديثه لـ(المدى): هناك مناطق كثيرة انشئت عليها البنايات بشكل غير نظامي واعتمدت على نظام المقايضة وبدون موافقات وتحديدا في محلة (340) داخل فرع ومقابل مول ماس. مبينا: ان هذه البناية بنيت بشكل عشوائي واخذت مساحة الرصيف بشكل كامل اضافة الى الابنية التي انشئت في محلة (301) مقابل مطعم الواحة والتي ايضا استغلت الرصيف في البناء واعتمدت على نظام المقايضة والاتفاق الشخصي. مشيرا الى: محلة (314) شارع (19) قرب علوة بيع الخضار والفاكهة والتي استغلت الرصيف وبنيت فوقها العمارة علما ان شبكات الماء والمجاري مدفونة تحت الرصيف النظامي الذي كان سابقا قبل ان يلغى من خارطة المحال السكنية النظامية .

أولوية رفع تجاوزات الأسواق 
مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في الأمانة "حكيم عبد الزهرة" بيّن في حديثه لـ(المدى): الحقيقة ان هناك تجاوزات كثيرة في اغلب مناطق العاصمة بغداد وهناك من يستغل قطع الاراضي الفارغة ويحولها الى كراج لسيارته ان كانت داخل المناطق السكنية. مضيفا: اما اذا كانت قرب الاسواق التجارية فيقوم بتحويلها الى كراج مبيت ووقوف. متطرقا: ان هذه الحالة كانت معالجتها بالاتفاق مع قيادة عمليات بغداد وهو غلق اي كراج لايملك اجازة او موافقة اصولية صادرة من دائرة عقار الدولة التابعة لامانة بغداد ويحال صاحبه الى المحاسبة ، وفعلا تم غلق العديد من هذه التجاوزات على الاملاك العامة.
 اما فيما يخص تجاوزات اصحاب المنازل على الارصفة وضم بعضها الى البيوت فقد ذكر عبد الزهرة : نعم هؤلاء متجاوزون ويستحقون الغرامة. مستدركا: لكن وبكل صراحة الامانة تعمل على الاولويات اي بما معناه رفع التجاوزات من الاسواق والشوارع التجارية كي تسهل حركة سير المواطنين على الرصيف وعدم النزول الى الشارع وتعريض حياتهم للخطر . مردفا: من ثم نعود الى ارصفة المناطق السكنية.

استثمار الرصيف مادياً
 وأضاف عبد الزهرة مدير الاعلام والعلاقات في امانة بغداد: إن عدداً كبيراً من الأرصفة والجزرات الوسطية في مناطق بغداد يستغلها مواطنون لأغراض تجارية وبشكل عشوائي. مبيناً أن أمانة بغداد سعت إلى تنظيم تلك الأرصفة والجزرات من خلال الاستثمار. موضحا: ان الهدف من ذلك هو رفع ما يشوّه جمالية العاصمة ويقطع طرق سير المارة، وتنظيم تلك الأرصفة والجزرات، وليس قطع أرزاق المواطنين. 
واكد عبد الزهرة: أن آليات الاستثمار سيعلن عنها قريباً، ليتاح للراغبين التقديم وفق الشروط التي  ستحددها الامانة وإن هناك غرامات مالية تصل الى (500)الف دينار على الذين يمتنعون عن ازالة تجاوزاتهم. لافتا: بعد انتهاء مدة الانذار الرسمية التي توجه لهم بموجب القرار (296) المعدل الذي خول الامانة صلاحية متابعة الظواهر السلبية التي تشوه منظر العاصمة بغداد. مشيرا الى :ان حملات ازالة التجاوزات لن تقف عند التجاوزات الصغيرة بل تشمل ساحات ومعارض بيع السيارات والمباني والدور غير القانونية على الاملاك العامة موكداً أن الحملة ترمي بالدرجة الأولى إلى المحافظة على جمالية مدينة بغداد .

الحاجة تبرر الوسيلة
ظاهرة جديدة تضاف الى الاعداد الكبيرة من الظواهر السلبية متمثلة بانتشار ورش الصناعة والنجارة وبقية انواع الورش والمعامل في الشوارع العامة وبالقرب من المساكن من دون ان تكون لها موافقات قانونية في اماكن وجودها خاصة ان تلك الورش استولت على الرصيف لتضاف الى ظاهرة جَزر المواشي ومحال القصابة مهنة اخرى ربما تسحب مهنا اضافية بذلك تحول الرصيف الخدمي الى محال تجارية مثلما نشاهد في الكثير من الشوارع الرئيسية في المناطق السكنية.
الرصيف افضل مكان مجاني وملك للجميع ، هكذا بدأ ابو صلاح  حديثه لـ(المدى) هو يفترش الارض ليبيع بعض العاب الاطفال بالقرب من سوق شعبية في منطقة حي الجهاد متحاشيا بذلك دفع ايجار المحل الذي لايقوى على دفعه حسب قوله. موضحا: أن الايجارات مرتفعة والعمل لايسد. مضيفا: من حسن حظ عائلتي ان بيتنا قريب من السوق الشعبي والا لكان حالنا صعب. مضيفا: لا يوجد عمل ولا حتى وظيفة ولدي عائلة من خمسة افراد لذا لم اجد امامي غير فتح محل صغير في البيت لبيع بعض المواد الغذائية مستعينا بجزء من الرصيف. 

السبب أزمة السكن 
ويبيّن "ابو محمد" من منطقة حي اور لـ(المدى) : اضطررت الى شطر جزء من حديقة منزلي وبناء مشتمل لاولادي بدل التوجه للإيجار أو السكن في مناطق بعيدة عن مصادر رزقنا وعملنا ببيع الخضار والفواكه. مردفا: وبسبب ضيق المساحة لم يكن امامي سوى التجاوز على الرصيف الواسع بعض الشيء وضمه الى المشتمل، عادا ذلك بالامر المؤقت لحين تحسن الاحوال المعيشية والتمكن من بناء بيت اخر للعائلة.  
بينما علقت "ام بشير" انها باعت جزءا من حديقة منزلها بعد فقدان زوجها ولعدم استطاعتها توفير فرص عمل لاولادها، مبينة انها باعت (50) مترا بسعر خمسين مليون دينار. مردفة ان ذلك ساعدها بشراء سيارة لاحد ابنائها والعمل به من اجل معيشة العائلة. متطرقة: لكن بسبب ضيق المكان اضطر ولدي الى تحويل الرصيف الى كراج للسيارة. مشيرة: كما ان الشخص الذي اشترى الـ(50) مترا تجاوز هو الاخر واستولى على الرصيف وفتح محلا لبيع المواد الغذائية. منوهة: نتمنى ان تكون تلك مرحلة مؤقتة وتلتفت الدولة الى المواطنين وتعمل على حل ازمة السكن التي تسببت بالكثير من الاشكالات.  

محرر الموقع : 2016 - 06 - 14