الدواعش.. أفضل خريجي “مدرسة” الإستعمار الفرنسي
    

اغلبنا قرأ عن الثورة الفرنسية وعن مبادئها في العدالة والمساواة والكرامة الانسانية الحرية، وكذلك عن باريس عاصمة النور والثقافة والشعر والموسيقى والرسم والمسرح، الا ان هذه القراءة كانت لنصوص كتبها الفرنسيون انفسهم والمفتنون بهم من العرب والمسلمين، فحقيقة فرنسا لم تكن كذلك، بل كانت على العكس منه بالضبط، فما فعله الفرنسيون في البلدان التي استعمروها كان ابشع من النازية و اوحش من داعش.

السبب الذي دعانا الى الحديث عن الوجه الاخر لفرنسا هو الخبر الذي اعلن عنه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قبل ايام عن استرجاع بلاده جماجم 24 من المقاومين وقادة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، كانت السلطات الاستعمارية، قبل 170 سنة، قد قطعت رؤوسهم ونقلتها إلى باريس حيث وُضعت في متحف الإنسان.

الخبر بحد ذاته مقزز كيف يمكن ان تقوم فرنسا بلد النور والثقافة بقطع رؤوس الجزائريين ونقلها الى باريس لتحفظ في متحف الانسان؟!!، والابشع من هذا ان عدد الرؤوس التي احتفظت بها فرنسا ليس 24 رأسا فقط بل اكثر من ذلك بكثير، وهذه الحقيقة المرعبة اول من كشف عنها الباحث الجزائري علي فريد بالقاضي المقيم في فرنسا عام 2011 .

بعد سنوات من الكشف عن السر الفرنسي البشع، بثت قناة “فرنسا 24” الفرنسية، تقريراً كشفت فيه عن 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف “الإنسان” في باريس؛ لرجال من المقاومة الجزائرية قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي أواسط القرن الـ 19، ثم نقلت إلى العاصمة الفرنسية ، وحفظت هذه الجماجم في علب من الورق المقوّى موضوعة في خزانات حديدية داخل قاعة منعزلة في المتحف بعيدا عن مرأى العموم.

المؤرخون الجزائريون ذكروا ان هذه الجماجم وصلت إلى متحف باريس على شكل هدية!! من الدكتور “كايو” بين سنتي 1880 و1881، وقد جرى تحنيطها وحفظها بمادة مسحوق الفحم لتفادي تعفنها، ورفض مدير متحف الإنسان بباريس، برونو دافيد، في شهر فبراير 2016، مقترحا لحركة المواطنين الجزائريين بفرنسا لإعادة الجماجم، على اعتبار أن محتويات المتحف ملك للدولة الفرنسية!!.

اللافت ان الفرنسيين اخفوا الجريمة الدنيئة وغير ألاخلاقية، المتمثلة بنقل جماجم المقاومين الجزائريين ورفض دفنها في مواطنهم الذي استشهدوا من اجله ، يفضح الخطاب العنصري والمناهض للاسلام والعرب لليمين المتطرف، الذي يحاول إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين، بينما تكشف القصة المروعة ال18 جمجمة التي تم فصلها عن اجسادها، ان جريمة قطع الرؤوس قبل ان تكون “داعشية” فهي فرنسية وبإمتياز.

الفرنسيون لم يذبحوا الجزائريين كالدواعش بل قاموا بحرقهم بالنار وخنقهم بالدخان من اجل ارعاب الجزائريين وارهابهم، حيث يتحدث التاريخ الجزائري عن مجزرة معروفة ب”محرقة أولاد رياح”، وقعت في القرن التاسع عشر، في جبال الظهرة، بولاية مستغانم، حيث قام العقيد الفرنسي إيمابل بيليسيي، في 19 و20 يونيو/ حزيران 1845، بمحاصرة نساء وأطفال ومدنيين في مغارة فروا إليها في جبال الظهرة، فأشعل العساكر الفرنسيون النار في مدخلها حتى لقي جميع من فيهم حتفهم اختناقا بالدخان، وأبيدت حينها قبيلة أولاد رياح بأكملها.

اما مجزرة واحة الزعاطشة (بلدة ليشانة حاليا في ولاية بسكرة) تعتبر من أبرز الجرائم التي اُرتكبت إبان الاستعمار الفرنسي وتعود وقائعها إلى 26 نوفمبر/ تشرين أول 1849، عندما هاجم الجنرال هيربيون الواحة التي كانت معقل الشيخ “بوزيان” قائد ثورة الزعاطشة، بقوات بلغ إجمالها 8 آلاف عسكري، وبعد يومين من الحصار والقصف بالمدافع، تمكنت القوات الفرنسية من تدمير الواحة بالكامل، وقطع 10 آلاف نخلة، وإحصاء 800 جثة لشهداء جزائريين وعدد آخر غير معروف تحت الأنقاض.

ان الجرائم التي ارتكبتها النازية لم تكن ابشع من جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، الا ان الغرب لم يسلط الضوء على بشاعة جرائم الفرنسيين بل حاول اخفاءها ، الا ان الكشف عن وجود  18 الف جمجمه لجزائريين في باريس، والذي يعتبر عينة صغيرة من الضحايا الذي سقطوا ابان الاستعمار الفرنسي ، يبين حجم الجريمة الكبرى التي ارتكبتها فرنسا “الداعشية” بحق الجزائريين ، ويكشف ايضا نفاق الغرب الذي يتباكى ليل نهار على ضحايا داعش، التي تربت وترعرت في احضان الغرب كما كشف كبار المسؤولين الامريكيين والغربيين.

*فيروز بغدادي

محرر الموقع : 2020 - 07 - 13