ليست إيران التي طردتكَ يا عبادي بل هو الشعب العراقي، إسمع يا عادل!!(1)
    

محمد ضياء عيسى العقابي

 

نقلاً عن فضائية "آفاق" بتأريخ 13/12/2018، أثناء حديث لها مع الدكتور نديم الجابري، رئيس حزب الفضيلة سابقاً والمرشح لرئاسة الوزراء بعد حكومة الجعفري (كما يقول هو) والأستاذ الجامعي في موضوع العلوم السياسية والذي إستمر في عمله في جامعة بغداد رغم إبعاد حزب البعث لجميع الأساتذة غير البعثيين - فإن حيدر العبادي كان قد كتب مؤخراً قائلاً إن إيران تسببت في إبعاده عن ولاية ثانية لرئاسة مجلس الوزراء بسبب إمتثاله للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران وعلى من لا يمتثل لهذه العقوبات كالعراق.

سآتي الى إدعاء العبادي بعد أن أتناول ما صرح به السيد نديم الجابري في حديثه مع فضائية "آفاق" المنوه عنه أعلاه حيث أيّد الجابري موقفَ العبادي في الإمتثال للعقوبات الأمريكية على إيران من منطلق "أنا عليّ مراعاة مصالح الشعب العراقي المسكين ولست مسؤولاً عن مصالح الشعب الإيراني". وهذه الحجة ذاتها ساقها حيدر العبادي لإعلان إمتثاله للعقوبات الأمريكية؛ والإمتثال، هنا، يعني المساهمة في تنفيذ تلك العقوبات ضد إيران خارج إطار الشرعية الدولية .

وهنا، في هذا الشعار، تكمن اللعبة الإمبريالية ومفادها: إهتمْ بنفسك وبمصلحتك "تعشْ سالماً والقولُ فيكَ جميلُ"!!

لا أريد أن أُذكِّر بالجانب الأخلاقي ولا أريد أن أعوِّلَ عليه فهو، في كثير من الأحيان، خدعةٌ يتلبّسُها الإنتهازيون ليُمزِّقوها عند أول إمتحان. لا أريد أن أقول تذكّروا يوم أحضر الأمريكيون والطغمويون* والإنفصاليون داعشاً فهددت بغداد من أسوارها لولا فصائل المقاومة العراقية والعون الإيراني بتكليف من الرئيس المالكي فدفعوا ما كان مخططاً؛ ولي القناعة الراسخة بأنه، المخطط، كان يعني في بغداد والوسط والجنوب مثيلاً لما حصل لأبناء شعبنا الأزيديين من مآسٍ تدمي لها القلوب وتنكسر الضمائر التي لا تتوعك لدى الأمريكيين إلا عندما يريدون كسب ود "الأقليات"، بعد فشل المخطط، لإستخدامهم في شق صفوف الشعب. فبعد أن فعل الأمريكيون ما فعلوا عبر داعش، يأتوننا اليوم بـ "قانون المسائلة والإغاثة" لـ "حماية الأقليات من الإبادة" على حد قول فضائية (الحرة – عراق) بتأريخ 13/12/2018. كم أعجبني قول تلك الفتاة الشابة العراقية المسيحية الأصيلة في نفس القناة "هل تريدونني أن أصدق أن أمريكا عجزت عن حمايتنا من داعش؟!!!"

أعود، إذاً، للسياسة فأقول: للأسف تجارب الحرب الباردة واحدة بعد الأخرى لم تشر الى صحة ذلك الشعار أي "إخضع لأمريكا ... تعشْ سالماً والقول فيك جميل" بل العكس هو الصحيح إذ كان الشعار عبارة عن ثغرة تُفتح في جدار الوطن ليُوَسِّعها المستعمر ثم ينفذ من خلالها للسيطرة على الوطن بأكمله وهو الهدف المرجو من وراء ذلك الشعار التكتيكي الذي أُعجبَ به العبادي والجابري ومقتدى والحلفي؛ كما إنه، الشعار، إسفينٌ يُدقُّ بين بلدان المنطقة لخلق حالة من التوترات لتتطور الى حروب لا يستفيد منها سوى الإمبريالية والعدو الصهيوني كما حصل في الحرب العراقية الإيرانية وحرب إحتلال الكويت من جانب رأس النظام البعثي الطغموي، واليوم الحرب العدوانية على الشعب اليمني.

أسألُ العبادي والجابري ومقتدى والكثيرين أمثالهم من المتخاذلين والإنتهازيين والطامعين والمستثقفين والعملاء: كيف أعيشُ سالماً وأنا أعلم علم اليقين أن محاصرة إيران والعقوبات الأمريكية عليها كلها ناجمة بسبب موقف إيران الداعم للقضية الفلسطينية التي إن نسينا البعد العقدي الديني فيها فلا يجب أن ننسى أن تصفية القضية الفلسطينية تعني إنجاح المشاريع الإمبريالية واحد تلو الآخر بدءاً بـ "صفقة القرن" فتفتيت دول المنطقة وخلق "شرق أوسط جديد" ومن ثم إقتحام الفضاء الأوراسي ونقل الإرهاب الى عقر دار روسيا والصين للإنفراد بالعالم وتصريف أزمات النظام الرأسمالي المتوحش المحتضر دون رادع.

إنها خديعة كبرى القول إنه صراع عربي سعودي ضد فارسي إيراني. هذه تغطية على جرائم النظام الصهيوني المتطرف بحق الشعب الفلسطيني المضطهد من جانب الإمبرياليين والصهاينة والمطبِّعين من الرجعيين العرب.

فهل هي خدمة للشعب العراقي أن تجعلوا منه ومن وطنه، بشبابه وأموال نفطه، آلةً بيد الإمبريالي الصهيوني لتنفيذ مشاريعه الجهنمية التي لا تحقق شعاركم "الأبوي" أيها العبادي والجابري ومقتدى الصدر "... تعش سالماً والقولُ فيك جميلُ"؟ بل تحقق الإستعباد بعينه وتحقق شعار ".... تعشْ أبداً بين الحفر"!!

-يتبع-

محرر الموقع : 2018 - 12 - 15