قادة أوروبا يضعون خطوطاً حمراء يلزمون بها لندن بخروجٍ سريع من اليورو
    

حدد قادة الاتحاد الأوروبي الـ 27 الذين اجتمعوا لأول مرة منذ أكثر من 40 عاماً بدون بريطانيا، الخطوط الحمراء لطلاقهم المستقبلي مع لندن، وبينها خصوصاً مسألة دخول السوق الأوروبية المشتركة.

إجراءات صارمة

القادة قرروا بالمقابل مواصلة مباحثاتهم في قمتهم المقبلة منتصف سبتمبر/أيلول 2016 في براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا التي تتولى الجمعة الرئاسة الدورية للاتحاد.

وبعد ستة أيام من الاستفتاء الذي قرر فيه البريطانيون بنسبة 52 بالمئة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، حذر الأوروبيون المملكة المتحدة من أنه لن يكون بإمكانها التمتع بامتيازات السوق الأوروبية المشتركة.

وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك: "لن تكون هناك سوق مشتركة على المقاس"، رافضاً أي مسعى بريطاني لتقييد حرية حركة الأشخاص داخل الاتحاد الأوروبي.

وأضاف توسك أنه "للحفاظ على حق التجارة بلا عراقيل مع الجيران، وهو أمر أساسي للاقتصاد البريطاني، على بريطانيا أن تقبل بالحريات الأربع الأساسية للسوق المشتركة بما فيها حرية التنقل".

التصعيد الأوروبي اتجاه بريطانيا زاده رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وقال إن الأوروبيين لن يقبلوا "بأي استثناء" لهذه القاعدة.

ومن جانبه، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن على لندن أن "تساهم مالياً" في مقابل الدخول للسوق الأوروبية.

تفاوض مشروط

وأكد قادة دول الاتحاد الأوروبي مجدداً الأربعاء أنهم لن يبدأوا "التفاوض بأي شكل" مع بريطانيا طالما لم تفعل لندن بند الخروج من الاتحاد الأوروبي أي - البند 50 من معاهدة لشبونة - ودعوها إلى القيام بذلك "بأسرع ما يمكن".

وخشية انتقال العدوى إلى دول أخرى في الاتحاد سعى القادة الأوروبيون إلى الحد من هامش المناورة لدى رئيس الوزراء البريطاني المقبل.

وأغرقت عملية الخروج بريطانيا في دوامة سياسية لا سابق لها وأثارت مجدداً خصوصاً فرضية انفصال إسكتلندا التي صوت سكانها بأغلبية كبيرة للبقاء ضمن الاتحاد.

وتوجهت رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا ستورجن الأربعاء إلى بروكسل لتقييم فرص انضمام إسكتلندا إلى الكتلة الأوروبية ككيان مستقل.

والتقت صباحاً رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز قبل أن تجتمع بعد الظهر برئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

وقالت ستورجن إن المباحثات التي أجرتها "مشجعة" لكنها أقرت بأنه "لا يوجد سبيل سهل" لتحقيق أهدافها.

وجعلت إسبانيا وفرنسا آمال دعاة الاستقلال الإسكتلنديين تتضاءل نسبياً. فقد رفضت مدريد التي تواجه تهديد انفصال كاتالونيا، التفاوض مع إسكتلندا بعد خروج بريطانيا.

وقال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إن "المعاهدات (الأوروبية) ضد ذلك. إذا غادرت المملكة المتحدة، فإن إسكتلندا تغادر المؤسسات الأوروبية".

احتواء الأزمة الأوروبية

ولاحظ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنه سيكون على قادة الدول الـ 27 بذل جهود "لتفادي التفكك".

ويعاني الاتحاد الأوروبي الذي تتنامى فيه حركات اليمين المتطرف والحركات الشعبوية، من توالي الأزمات وخصوصاً أزمة الهجرة التي تقسم الأوروبيين.

ومنذ عام والهوة تتزايد خصوصاً مع معظم دول شرق أوروبا التي ترفض تطبيق الحلول الجماعية لاستقبال اللاجئين التي قررتها بروكسل.

وسيلتقي الأوروبيون في 16 أيلول/سبتمبر في براتيسلافا لمحاولة التوصل إلى أرضية تفاهم ملموسة.

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل "الوضع بالغ الخطورة لكننا نعتقد أن الـ 27 (قادة الاتحاد الأوروبي) يمكنهم إدارة الوضع". مضيفةً: "نحن مصممون وعازمون على البقاء موحدين لمواجهة التحديات".

من جهته قال هولاند "لا شيء أخطر من الوضع القائم (الذي يستغله) الشعبويون. لا شيء يجب أن يمنع أوروبا من التقدم وخصوصاً القرار الذي اتخذه البريطانيون".

وعزز وزير الخارجية الأميركي جون كيري الغموض حول فترة ما بعد خروج بريطانيا حين قال إن "هناك بعض الوسائل" لقلب قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وأضاف كيري الذي اجتمع الاثنين مع كاميرون: "لا أريد، بصفتي وزيراً للخارجية، أن أعرضها اليوم. أعتقد أن ذلك سيكون خطأ. لكن هناك وسائل".

خليفة كاميرون

وترك رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لخليفته الذي سيتم اختياره في 9 أيلول/سبتمبر 2016 مسؤولية بدء الإجراءات القانونية لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

ومن المقرر أن تستمر مفاوضات الخروج عامين.

وقال كاميرون الثلاثاء 28 يونيو/حزيران إن "إصلاح حرية تنقل الأشخاص" داخل الاتحاد الأوروبي قد يكون "المفتاح لنبقى مقربين" من الاتحاد.

وفي محاولة لتبرير هزيمته المدوية في استفتاء 23 يونيو/حزيران، أشار كاميرون إلى دور ملف الهجرة خصوصاً من أوروبا الشرقية في الحملة والذي استخدمه أنصار المغادرة بكثافة.

وبدأت الأربعاء الحملة لخلافة كاميرون على رأس حزب المحافظين. وفتح باب الترشح حتى بعد ظهر الخميس.

ويتوقع أن تكون المنافسة على المنصب بين رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون قائد معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي ووزيرة الداخلية الحالية تيريزا ماي المشككة في الفكرة الأوروبية لكنها دافعت عن بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي.

محرر الموقع : 2016 - 06 - 30