زيارة وزير الخارجية الفرنسي للنجف .. دلالة وحيثية
    
إن لهذه الزيارة وبالذات لمكتب المرجع السيد الحكيم التي كنت حاضرا خلالهااهمية خاصة ودلالات..
١_انها تذكر بفترة أوج ازدهار النجف وحوزتها العلمية العريقة ابان مرجعية المرجع الاعلى السيد محسن الحكيم ره حيث كانت من ضمن برنامج كثير من الوفود الرسمية والثقافية الأجنبية زيارة المرجعية والاستماع إلى وجهة نظرها.
٢الوفدالفرنسي كان على درجة عالية من الأهمية حيث شملاضافة لوزير الخارجية_رئيسي العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ الفرنسيين.
٣_الاعتدال الذي أثنى عليه الوزير الفرنسي أصبح سمة بارزة لمرجعية النجف الاشرف استطاعت أن تعكسه خلال السنوات الصعبة ورغم التحديات الكثيرة والمتنوعة التي واجهها العراق والمرجعية خلالها،مؤكدةان العراق وباقي البلدان اوطان لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الأخرى.
٤_ أشاد الوزير الفرنسي بالشعب العراقي وتضحياته وموقف المرجعية الحاسم في مقارعة تنظيم داعش الإرهابي ودحره، وأنه جاء ليبلغ المرجعية الدينية والعراقيين تقدير فرنسا لهم على ذلك.
٥_ان حديث سماحة المرجع مع الوزير كان على درجة كبيرة من الأهمية والدقة،ففي الوقت الذي تصور الوزير ان الاعتدال النجفي موقف سياسي صرف، ركز المرجع السيد الحكيم على ان لهذا الاعتدال والالتزام بالقيم الأخلاقية بعدا ثقافيا يمثل ركيزة وخلفية للموقف السياسي ،مؤكدا على أربع نقاط..
الاولى : أنه يمثل الهوية الثقافية الاسلامية الاصيلة التي رسمها وحدد معالمها النبي ص وأئمة أهل البيت ع من بعده حيث انتهجوها و ثقفوا شيعتهم عليها رغم تعرضهم هم وشيعتهم للاضطهاد و لحملات القتل و الإبادة الجماعية. 
الثانية: أن هذه الثقافة لم تكن نتيجة مواقف اصلاحية للامام علي وأهل البيت داخل الدين الاسلاميكما قد يتوهمه البعضوانما هو يمثل الفهم الصحيح للإسلام الذي أرسل به النبي محمد ص خلافا للصورة النمطية المشوهة عنه ص السائدة في الغرب،نتيجة ممارسات الجماعات المتطرفة والارهابية التي ركزعليها الاعلام الغربي.
الثالثة: أن هذه الهوية الثقافيةالدينيةالمنسجمة مع القيم الأخلاقية هي التي منعت الشيعة في العراق ابان تعرضهم لحملات القتل والإبادة الجماعية _وكذلك غيرهم الذين ما زالوا يعانون من الاضطهاد والقتل الجماعي في دول أخرى _ من ارتكاب المجازر بحق المدنيين الآخرين رغم كونهم أهدافا سهلة.
الرابعة: أن الاعتدال لا يعني الاستعداد لتذويب الهوية الثقافية والتنازل عن الحقوق المشروعة، وكما نلتزمه في مواقفنا وتوصياتنا لجمهورنا العريض نعتبره مسؤوليةالجميع، وننتظر من الآخرين التعامل بهذه الروح مع المسلمين وأن لا يفرضوا عليهم تغيير هويتهم وفرض ما لا ينسجم مع قناعاتهم الدينية،لان حقوق المواطنة لابد أن تحفظ للجميع.
٦كان اللقاء فرصة ليتعرف الوفد _من خلال مرجع دينيعلى جوانب من تعاليم الإسلام الحقيقية وسيرة رموزه لم يكن ليتعرف عليها في فرصة اخرى، وقد لاحظت مدى التأثير الإيجابي لمحتوى الحديث على أعضاء الوفد، اتضح من خلال تأكيد الوزير الفرنسي مرارا على إعجابه و اتفاقه مع ما طرحه السيد المرجع، كما اكده لاحقا المرافقون للوفد ايضا.
٧_ان الزيارة لم تكن بتخطيط أو تأثير بعض الشخصيات السياسية ،بل باعتبار أن نظر المرجع السيد الحكيم كان منذ بداية سقوط النظام السابق هو ضرورة الانفتاح على العالم، لأن لنا هوية وسلوكا وتاريخا وثقافة نعتز بها، و لتصحيح الصورة النمطية المشوهة عن الاسلام،وليستمع الآخرون من العلماء مباشرة، وليس بالضرورة أن تقتصر اللقاءات والحوارات على مفاوضات سياسية صرفة. وقد استقبل السيد المرجع كثيرا من الشخصيات السياسية والفكرية والثقافية من دول كثيرة خلال هذه الفترة.
وبإمكان اي شخص حريص أن يتواصل مع مسؤولي مكتب المرجعية لمعرفة حيثيات أي برنامج بدلا من تحليلات غير واقعية لا تنسجم مع الموضوعية المفترضة للمراقبين و الإعلاميين.
٨_ليس من المنطقي مقاطعة العالم بسبب مواقف غير مرضية تجاه قضايا معينة،فالمقاطعة لاتغير السياسات ولا تصحح الصورة،ولم يسبق لجهات اخرى أن قاطعت الأطراف التي كانت لها مواقف سلبية بل معادية للعراق والعراقيين،بل إن الأطراف المتصارعة تتحاور مع خصومها في فترات زمنية لحل المشاكل و الصراعات فيما بينها،والشواهد على ذلك كثيرة وحاضرة.
٩_قد لا يروق لبعض الجهات المعادية للمرجعية أو للشعب العراقي عموما تحقق مثل هذه اللقاءات والأنشطة،وهو امر طبيعي لأنهم يريدون أن يكونوا هم القنوات التي تعكس الصورة المشوهة للعالم عن العراق والمرجعية.
١٠ان ما سمعه الوفد من تحليل علمي و تأريخي لموقف المرجعية هو الذي دعا وزير الخارجية الفرنسي أن يقول لسماحة المرجع _بعدانتهاء اللقاء
"اتمنى ان نستفيد اكثر من حكمتكم“.
 
الإعلامي
عبدالكريم الحيدري
محرر الموقع : 2019 - 01 - 20