أمجد وزهراء: ضوء في نفق العراق
    

الناظر للوضع العراقي، يشعر بسوداوية قاتمة، ويرى أن العراق يمر بنفق مظلم، طويل ومرعب، فالفشل السياسي والإقتصادي والأمني، كلها عوامل مساعدة على تقوية هذا الشعور المتشائم.
هذا الشعور وإن كانت له مغذياته، إلا إنه يجب أن لا يُغَيِب نظرنا إتجاه إيجابيات الواقع، وعلى الناظر عدم التسليم بأن قدرنا كعراقيين هو البلاء والمحن.
عند التفتيش في الواقع العراقي بحثا عن شمس مشرقة، ستطالع الباحث صور كثيرة عن جمال العراق، وروحية شعبهِ الصابر، وولائهم المطلق لدينهم ووطنهم.
طليعة هذه الصور ستكون جموع المتطوعين، الذين لبوا نداء المرجعية، فحينما داهم الخطر بلدنا الصابر، أفتت المرجعية الشريفة بالجهاد الكفائي، هب أبناء العراق للدفاع عن بلدهم ومقدساتهم، رغم مايعانيه معظم المتطوعين، من ظروف إقتصادية وإنسانية وإجتماعية صعبة، وكانت لكل واحد منهم قصة تعكس معدن هؤلاء النخبة، الذين مثلوا شعب العراق خير تمثيل، وأعطوا صورة ناصعة مغايرة عن الصور السوداوية، والتي رسمها المتشاؤمون.
من هذه القصص كانت قصة أمجد وزهراء، قصة تمثل نموذج يحتذى به في حب الوطن، والتضحية لأجله، ونورا مشعا في سماء العراق.
فزهراء التي كانت وحيدة أهلها وعزيزتهم، وهي من أهل الديوانية، خطبها الشاب أمجد عبد سالم من أهل الناصرية، ولمدة خمسة سنوات كان الرفض مصير الخطبة، لإعتزاز ذوي زهراء بأبنتهم الوحيدة، وبعد الخمس سنوات تمت الخطبة، لكن أمجد لبى نداء الوطن، وإنخرط في صفوف الجهاد، وبعد تسعة أشهر من الخطبة تعرض أمجد لإصابة في معارك الخالدية، جعلته يفقد ساقيه، وحينما رقد في المستشفى وعلم بحاله، كلم أهله للإعتذار من ذوي زهراء، وفسخ الخطبة، لكن المفاجأة كانت إن أهل زهراء لما وصلهم خبر إصابة أمجد ورقوده في المشتشفى، أخذوا عزيزتهم إلى حيث يرقد أمجد، ليجروا العقد الشرعي هناك، تشرفا بموقف أمجد وفخرا بإصابته، التي تعد شرفا ووساما، كونها حدثت في إطار فتوى نائب الإمام المعصوم عليه السلام.
جعل الله حياة زهراء وامجد حياة سعيدة، ورزقهم ذرية طيبة مؤمنة، وهنيئا لهم حيث ذكرتهم المرجعية الدينية بفخر وإعتزاز وإكبار، ودعت لهم بالموفقية على لسان ممثلها في كربلاء سماحة السيد أحمد الصافيِ
عبد الكاظم حسن الجابري

محرر الموقع : 2016 - 08 - 09