موفق الربيعي يكشف عن السرطات الخمسة التي اصابت جسد المؤسسة الامنية بالعراق
    

وصف مستشار الأمن القومي السابق النائب د. موفق الربيعي، أن مايشهده الواقع الأمني العراقي بانه عبارة عن اورام سرطانية اصيب بها، بعضها قديم يعود لما قبل عام 2003، واغلبها جاء بعد هذا التاريخ ومن اهم هذه الاورام حالة الفساد والترهل وتداخل المسؤوليات وغياب الجهد الاستخباري وعدم وجود ارادة سياسية حقيقية تعمل على تشريع القوانين التي تدعم المؤسسة الامنية وتحفظ هيبتها.

جاء ذلك في الندوة التي عقدها «معهد التقدم للسياسات الانمائية» في محاضرة القاها النائب د. موفق الربيعي مستشار الامن القومي السابق وعلق عليها الخبير الأمني اللواء المتقاعد عبدالكريم خلف وادارها النائب الدكتور مهدي الحافظ وحضرها نخبة من الخبراء والمختصين في شتى المجالات.

الحافظ اكد وهو يفتتح الندوة ان العراق اليوم يمر بمنعطف خطير يتمثل بوجود ازمة حادة في الامن الوطني والقومي وما تم تقديمه من الحكومة في هذا المجال لايلبي الحاجة الوطنية لا الفردية ولا الجماعية.

واشار الربيعي إلى "غياب تكافؤ الفرص في النظام الأمني العراقي مع وجود طائفية ليس على مستوى القوات الأمنية انما في عموم العراق، ولهذا نشأت القوات المسلحة على أساس طائفي بعد أن جمعوا كل القوات الحزبية وادخلوها الجيش العراق فنتج عن هذا الاجراء الظروف التي نعيشها الآن.."، مضيفاً إلى أن "هناك حالة من التشابك بين الأجهزة وعدم وجود منهجية سليمة وادارة الحكم سيئة جداً، فضلا عن ذلك المآسي والخروق الأمنية التي تعرض لها ابناء شعبنا"، ثم اضاف مستعرضاً "تاريخ المؤسسة الأمنية في العراق وما تعرضت له من اختلالات في العقود الماضية.."، واصفاً الأجهزة الأمنية في زمن النظام السابق "بالعدائية وطبيعتها توسعية كما حصل في الحروب التي شنها النظام ضد دول الجوار كما انها لم تكن مهنية على الرغم من الادعاء بذلك؛ بسبب العقيدة الدكتاتورية، فالحزب هو الذي يقود السلطة ولم يكن هناك ضباط مهنيون فهم كانوا يقاتلون خوفا وليس من اجل عقيدة وكانت تلك الأجهزة تحمل فكراً انقلابياً؛ بسبب التركيبة البنيوية لها.."، لافتا إلى أن "النظام استخدم الأجهزة الأمنية في قمع الشعب.. وعلى هذه الخلفية جاء الاحتلال عام 2003، وكان يهدف إلى اسقاط السلطة بتعيين 20 الف عنصرا، ولكن سقطت الدولة ومؤسساتها وبهذا فقد تفككت الدولة العراقية وانهارت بنحو مريع بعد أن تم حل الجيش اما بقرار من « بريمر» او انه هو حل نفسه".

وتابع الربيعي أن "العراق لم يكن حراً في اتخاذ قراره الأمن حتى سنة 2012 انما كان بيد قوات الاحتلال.."، مضيفا انه "منذ عام 2006 شهدت القوات الأمنية تضخماً هائلا لم يكن يتناسب والحاجة الفعلية للبلد وصل إلى اكثر من 700 الف منتسب في وزارة الداخلية، و17 فرقة في الجيش فاصبحت المؤسسة الأمنية وكالة للتوظيف فغلب الكم على حساب النوع من دون الاهتمام بالتسليح وسرعة الحركة لكي تكون قادرة على مكافحة الارهاب بالتوازي مع حفظ السيادة الوطنية".

وبين الربيعي أن "هناك خمسة سرطانات اصابت جسد المؤسسة الامنية انتجت لنا مشهداً امنياً مشوهاً في مقدمتها الفساد المالي متمثلا بسرقة ارزاق القطعات الأمنية التي اصبحت تمثل مصدراً مالياً لبعض القادة والامرين، فضلا عن الكثير من السلوكيات التي يتم ابتزاز المواطنين.."، مضيفاً "اما السرطان الثاني فهو الفساد الاداري المتمثل ببيع المناصب ووجود اعداد كبيرة من الفضائيين، اضف إلى ذلك غياب العقيدة عند المقاتل العراقي وعدم وضوح الرؤية لدى القادة وعدم قدرتهم على تشخيص العدو الحقيقي.."، واصفاً أن "اجتياح داعش لاربع محافظات عام 2014 يعد في احد جوانبه ايجابياً؛ لانه وحد العراقيين وكشف لنا مصدر التهديد الحقيقي وقلل من الشحن الطائفي في المجتمع وانقلب التحدي إلى فرصة في اعادة النظر بالواقع الأمني وبناء العقيدة لدى المقاتل.. فيما كان السرطان الرابع هو غياب الانضباط في المؤسسة الامنية والعسكرية.. والسرطان الخامس هو التأثيرات الحزبية والسياسية والجهوية والعشائرية مما ولد حالة من الفوضى وعدم اختيار الكفاءات الجيدة.. وكان متوقعا مع وجود هذه التحديات قد تؤدي إلى عدد من الاحتمالات، أما تنتهي بانقلاب عسكري وهذا احتمالاته ضعيفة، والاحتمال الثاني انتحار القائد العام للقوات المسلحة والاحتمال الثالث هو انهيار الجيش في اول مواجهة داخلية أو على الحدود وهذا الذي حدث في نكسة حزيران 2014".

ولفت الربيعي إلى "عدم وجود هيكلية واضحة للامن الوطني بجميع مفاصله انما متشابكة، ولا يوجد تحديد للوظائف والمسؤوليات بوضوح، رافق ذلك عدم تشريع القوانين للمؤسسات الأمنية انما هي تسير على اساس الامزجة الشخصية فاصبحت المفاصل الأمنية تتغير بتغير الشخص المسؤول.."، مشددا على أن "كارثة الكوارث عدم قدرتنا على اختراق العدو معلوماتياً وهذا ناتج من غياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية وعدم وضوح المهام لكل جهاز مما ادى إلى حدوث حالة من التداخل والفوضى احياناً في الاداء الامني".

ودعا الربيعي إلى أن "اشراك المجتمع في العملية الأمنية كما يحدث في الدول المتحضرة لما لذلك من اهمية في حفظ الأمن من خلال توفير المعلومة السريعة والحقيقية عن أي حالة مشكوك فيها، وبالتالي نتمكن من منع والحد من التخريب والارهاب.."، متوقعاً أن "يتم تحرير الموصل في غضون ثلاثة اشهر أو قبل نهاية هذا العام في ابعد تقدير وفي اسوأ الاحتمالات في الربيع المقبل.."، موضحاً أن "هناك بوادر تحسن واضحة لدى المقاتلين من خلال ارتفاع الروح المعنوية بعد ان تراجعت التدخلات الحزبية فالنكسة كانت بمثابة الهزة العنيفة.."، معرباً عن "امله في بذل جهود كبيرة لبناء جيش وقوات أمنية مهنية تقوم على أساس العلمية والتخطيط الاستراتيجي".

الى ذلك تحدث الخبير الامني اللواء المتقاعد عبدالكريم خلف عن اعادة النظر بالخطط الامنية من خلال توزيع الضباط والمنتسبين على المحلات السكنية بصفة استخبارات ولايسمح ببيع وشراء المساكن الا بموافقة ضابط استخبارات المحلة والقيام بعملية مراقبة لكل تحركات سكان المنطقة ومنحه صلاحيات مناسبة وتوفير ميزانية مناسبة.. فهل من المعقول ان تكون ميزانية احد اجهزة الاستخبارات مليون دينار فقط في حين انه يحتاج الى 70 مليون دولار.

عدد من المشاركين في الندوة ابدوا ملاحظاتهم وطرحوا رؤاهم بشأن المشهد الامني وآليات الاصلاح
الدبلوماسي السابق غالب العنبكي دعا إلى حفظ هيبة المؤسسة الامنية وعدم نعتها بنعوت سلبية ومنحها المزيد من الدعم لتحقيق نتائج افضل في عملية التحرير للموصل.. مشددا على ضرورة توفير الامن الانساني لافراد المجتمع من خلال تشخيص الخلل واسباب تدهور الامن مع وجود انتصارات مهمة على داعش.. مقترحاً ان يكون هناك نائب عسكري للقائد العام.
الدكتور محمد الحاج حمود الوكيل السابق لوزارة الخارجية دعا الى ضرورة الانتباه الى تقارير سابقة لهنري كيسنجر الذي يتحدث فيه عن الحرب العراقية – الايرانية التي ينبغي ان تحقق القضاء على جيشي البلدين وتدمير العقل والاقتصاد العراقي لتأمين اسرائيل.. مبيناً ان رجال الدين الايرانيين الذين تسلموا السلطة استعملوا الدين لبناء الدولة.. اما في العراق فقد استعمل الدين لتفكيك الدولة.. مضيفاً ان ماقاله كيسنجر تم تطبيقه في حربي 1991 من خلال المذبحة التي تعرض لها الجيش العراقي عند انسحابه من الكويت وكذلك خلال انتفاضة اذار من العام نفسه اعطى الاميركان صواريخ لا يصل مداها الى اسرائيل فقد تحطم الجيش.. لذلك بعد عام 2003 كان الجيش ضعيفاً محطماً نتيجة ما اراده كيسنجر ثم ما ارادته القوى السياسية.

الدكتور ابراهيم العبيدي المستشار في وزارة الخارجية اشار إلى ان الجيوش المهنية في كل دول العالم تضمن سيادة البلاد.. داعياً إلى اختصار الاجهزة الامنية إلى ثلاثة وتعزيز الجهد الاستخباري في دول الجوار.

الدكتور كريم شغيدل/ استاذ جامعي.. اشار الى ان الخلل ليس في الاشخاص انما في بنية الدولة فنحن دولة مكشوفة الظهر بسبب عدم وجود القدرة على اختراق التنظيمات الارهابية استخبارياً لعدم وجود جهاز مخابرات فاعل فالسفارات العراقية لا تمثل الدولة انما تمثل احزابها وغير قادرة على استقطاب مواقف داعمة للعراق.

الدكتور عباس الاسدي / استاذ مادة علم النفس في جامعة بغداد.. قال من المهم ان نشخص الداء ولكن الاهم وصف الدواء.

الدكتور عبدالله البندر / خبير اقتصادي.. قال ان مااراده الاميركان تحقق في العراق من خلال تفكيك الجيش واتلاف قاعدة البيانات فاعادوا العراق الى 50 سنة الى الوراء فقد تم نهب الاسحلة فتحول المجتمع الى ساحة مسلحة.. مشددا ان السيادة العراقية مازالت منقوصة فاميركا تسيطر على كل شاردة وواردة.. داعياً الى التخلص من المحاصصة قبل ان نتحدث عن بناء منظومة امنية ناجحة..

الاعلامي علي رمضان اشار الى وجود حالة من الترهل في الاجهزة الامنية من خلال عدم استعمال الاعداد الكبيرة من منتسبي الشرطة في تحقيق الامن المناطقي.
السيد عصام عباس قال ان العراق وضع استراتيجية للامن القومي العراقي وهي مهمة جداً كان يجب تطبيقها لانها متكاملة ولايمكن العمل من دون وجود استراتيجية واضحة للامن. انتهى.

محرر الموقع : 2016 - 07 - 27