بعد إتلاف الملايين... هل مازالت مخاطر إنفلونز الطيور قائمة؟!
    

بقيت أم أحمد تكرر سؤالها لبائع الدواجن الذي اعتادت الشراء منه (من أين أتيت بالدجاج؟) ورغم اجابة البائع ان وجبة هذا الأسبوع جاء بها من قضاء بلد بعد إصابة حقول دجاج جنوب بغداد بإنفلونزا الطيور وإعدام ملايين الدجاجات، إلا أنها لم تطمئن كثيراً لجوابه، وفضّلت عدم الشراء حتى تسمع اطمئناناً حكومياً بهذا الشأن حتى أنها قاطعت البيض المحلي الذي اعتادت عليه على مائدة الفطور واتجهت صوب منتجات الألبان.

وثائق "المدى" والرد الحكومي
في الأسبوع الماضي نشرت صحيفة ووكالة وفضائية (المدى) ملفاً حول دخول الدجاج الفرنسي المحظور حكومياً الى الأسواق حسب وثائق وأدلة ثبوت رسمية مازلنا بانتظار رد الجهات المعنية حول الأمر وكيفية دخول الدجاج ومن ساعد بإدخاله في وقت يحتاج البلد كل الجهود الخيرة من اجل القضاء على الإرهاب، ووسط مخاوف الناس من تفشي الأمراض والأوبئة بسبب التلوث والإهمال زادت مخاوفهم هذه المرة من منتجات الدواجن المحلية بعد ان كانت مخاوفهم من المستورد ... كريم حمزة –موظف- ذكر انه منذ مدة ليست بالقصيرة اعلن مقاطعته لكل انواع الدواجن ان كانت لحوماً او بيضاً ، محلية ام مستوردة. عازياً سبب ذلك الى المخاوف من الإصابة بإنفلوانز الطيور. موضحاً انه فضل اللحوم والأسماك والأجبان في الوقت الحاضر حتى يتم التًكد من التطمينات الحكومية.
فيما تخوفت جنان كاظم –موظفة- من تناول الدواجن وبيض المائدة بعد مشاهدتها تقرير فضائية المدى. مبينة: انها اعلنت عن حالة طوارئ ومنع شراء وتناول الدجاج سواء أكان محلياً او مستورداً. داعية الجهات المعنية الى ضرورة تشديد الإجراءات على الاستيراد وفرض إجراءات صحية دقيقة على كل مايدخل الى الأسواق المحلية التي تشهد انتشار المواد المنتهية الصلاحية والماركات المزورة بكثرة ، حسب قوله.

ضبط وإتلاف 55 طناً
مدير عام صحة بغداد الكرخ جاسب لطيف الحجامي سبق أن أعلن عن ضبط وإتلاف 55 طناً و440 كغم من الدجاج الفرنسي المحظور الاستيراد في احد المخازن الستراتيجية في منطقة الدورة جنوبي بغداد. وقال الحجامي ،في بيان اطلعت عليه المدى، ان شعبة الرقابة الصحية المركزية في قسم الصحة العامة وبالتعاون مع جهاز الأمن الوطني {الشعبة الاقتصادية} والقوات الأمنية الماسكة للارض وفريقاً من مكتب المفتش العام في وزارة الصحة وفريقاً من رئاسة الوزراء وممثلاً عن جهاز المخابرات قاموا بضبط كمية من الدجاج الفرنسي المحظور دخوله الى العراق في احد المخازن الستراتجية في منطقة الدورة.
واضاف مدير عام صحة الكرخ: ان الكمية الكلية بلغت (55) طناً و (440) كغم اي ما يعادل (4620) كارتوناً يحتوي الواحد منها على (10) دجاجات زنة الواحدة (1200) غم حيث تم إتلافها وفق قانون الصحة العامه المرقم 89 لسنة 1981 وتعديلاته وبمحضر أصولي وبحضور صاحب العلاقة في منطقة الطمر الصحي في التاجي عن طريق سحقها بالشفل ومن ثم دفنها لمنع انتشالها وللوقاية من الأمراض.

تزايد المخاوف من الإصابة
إلا أن منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو)،  أقلقت حمزة وزادت من مخاوفه حين أعلنت عن إمكانية تفشي فايروس إنفلونزا الطيور في العراق حيث عدته أمراً "وارداً جداً"، كما لفتت الى افتقار البلاد لإجراءات السيطرة على الحدود. وقال مدير مشاريع منظمة الفاو للأغذية والزراعة في العراق هلال محمد في تصريحات صحفية إن احتمالية تفشي فايروس انفلونزا الطيور (H5 AI) من العراق الى بقية البلدان المجاورة أمر وارد جداً، مشيراً الى عدم وجود تعهد من قبل الجانب العراقي لاتخاذ إجراءات وقائية ضد هذا المرض، فضلاً عن الافتقار لوجود إجراءات سيطرة على الحدود العراقية الأمر الذي يعني بأن هذا المرض قد يكون مشكلة مزمنة في البلد واحتمالية واردة بانتشاره . 
ولفت محمد الى :أن الخطوات التي اتخذتها وزارة الزراعة العراقية بعد التحقق من وجود فايروس انفلونزا الطيور هي اتلافها لأعداد من الطيور مع إغلاق مزارع الدواجن دون معالجة الأسباب الحقيقية لهذا المرض. مبينا أن صناعة الدواجن مهمة للاقتصاد الوطني للعراق ولكن انتشار سلالة فايروس H5 قد تتسبب بخسائر اقتصادية ضخمة للبلد.

منع دخول الدجاج
منظمة الدولية لصحة الحيوانات OIE  ذكرت في تقرير لها بداية هذا الاسبوع بأن 11 مزرعة في بغداد ومحافظة واسط أصيبت بتفشي وباء انفلونزا الطيور والذي أدى الى نفوق مايزيد على 500 الف طير، مع اتلاف 2.3 مليون طير آخر كإجراء لمنع انتقاله لمناطق أخرى ، اضافة الى اخذ التدابير ومنع دخول الطيور والبيض الى العاصمة بغداد من المدن التي اعلن عن وجود اصابات في حقول الدواجن فيها. وبسبب تلك الاجراءات تظاهر العشرات من أصحاب حقول الدواجن، احتجاجاً على قرار وزارة الزراعة بمنع دخول بضائعهم الى العاصمة بغداد، حيث  طالبوا الحكومة بضرورة دعم المنتج الوطني، وانتقدوا السماح بدخول الدواجن التركية والايرانية كما تساءلوا عن كيفية دخول الدواجن من دول مصابة بالمرض.

فحوصات دورية واتلاف المصاب
ابراهيم الشجيري -أحد أصحاب حقول الدواجن في بغداد- بيّن ان هذا القرار مجحف بحق أصحاب الحقول ويجب العدول عنه. مطالباً الجهات المختصة بالاهتمام بالثورة الحيوانية العراقية لامحاربتها. موضحاً انهم اتخذوا كل التدبير لمنع اصابة حقولهم بالمرض تحت اشراف كوادر وزارة الزراعة. 
واسترسل الشجيري: ان حقول جنوب بغداد تؤمن نسبة كيبرة من احتياجات العاصمة بغداد ان كانت لحوم الدجاج او بيض المائدة. مشيرا الى ان هذه الحقول تعيل عشرات العوائل من خلال العاملين فيها. مردفاً: بإمكان الجهات المختصة إجراء الفحوصات اللازمة على كل وجبة دجاج او بيض تطرح الى الأسواق ومصادرة المصاب منها وإتلافه.

إتلاف 3 ملايين طير
دائرة صحة واسط أعلنت عن إعدام طيور اكبر ثلاثة حقول لتربية الدواجن في قضاء الصويرة شمالي واسط بسب انتشار مرض انفلونزا الطيور في مناطق جنوب بغداد وصولاً إلى واسط .وقال مدير صحة واسط  الدكتور جبار الياسري انه تم إتلاف مايقارب 3 ملايين طير في اكبر ثلاثة حقول في العراق ضمن قضاء الصويرة وهي من حقول الدواجن البياضة الأهلية المميزة. مضيفاً: ان الجهات الأمنية والرقابية اتخذت اجراءاتها الوقائية بمنع دخول الدجاج الحي وبيض المائدة من بقية المحافظات الى واسط في الوقت الحاضر. موضحاً: ان فرق التفتيش انتشرت في مداخل السيطرات وبشكل يومي من خلال تعاونها مع دائرة صحة واسط والبيطرة.

قرار مجحف بحاجة للمراجعة
اما في بغداد ، فقد أُعلن عن إعدام نحو مليون دجاجة في ناحية الوحدة بسبب ظهور اصابات بمرض انفلونزا الطيور في عدد من الحقول بعد ان أثبتت الفحوصات البيطرية وجود إصابات مؤكدة بانفلونزا الطيور في عدد من حقول تربية الدواجن للسيطرة عليه وعدم انتشار الوباء. الامر الذي استوجب تشكيل خلية أزمة في محافظة بغداد للسيطرة على الوباء ومنع خروجه من قضاء المدائن ومنع تربية الدواجن في الوقت الحاضر وحسب تعليمات وزارة الزراعة التي حددت ثلاثة أشهر تمنع فيها تربية الدواجن.
صباح العامري -صاحب حقل دواجن- ذكر ان هذا القرار مجحف وبحاجة لمراحعة. داعياً الجهات المعنية الى مكافحة المرض واسئصاله لا محاربة اصحاب حقول الدواجن في رزقهم ورزق عوائهم والعاملين معهم. منوهاً الى اهمية ضبط الحدود خاصة مع دول الجوار لمنع انتشار المرض وتفشيه في انحاء البلاد. 
كربلاء تنتج 
مديرية زراعة كربلاء اعلنت أن حقول فروج اللحم في المحافظة والبالغ عديدها 185 حقلاً، أنتجت خلال الفصل الثاني من العام الحالي مليوناً و903 آلاف و779 دجاجة، تم تسويقها إلى الأسواق المحلية. مبينةً أن الحقول العاملة في المحافظة أدخلت مليونين و379 ألفاً و720 من الأفراخ. مضيفة في بيان صحفي:  أن حقول بيض المائدة العامة في المحافظة والبالغ عددها أربعة مشاريع أنتجت خلال الفصل ذاته، 22 مليوناً و 136 ألفاً و377 بيضة، مشيرة إلى: أن أعداد الدجاج في هذه الحقول بلغت 440 ألفاً و920 دجاجة، حيث أن البيض المنتج تم تسويقه إلى الأسواق المحلية لسد حاجة السوق من بيض المائدة.
وتابع البيان أن المفاقس العاملة في المحافظة أنتجت أكثر من خمسة ملايين و494 ألفاً من الأفراخ. موضحاً: أن هذه المفاقس أرقدت خلال الفصل الثاني من العام الحالي ثلاثة ملايين و913 ألفاً و640 بيضة منها 530 ألفاً و24 بيضة محلية، وثلاثة ملايين و 860 ألفاً و440 بيضة مستوردة. لافتاً إلى أن الأفراخ الناتجة من الترقيد تستخدم لتربية فروج الحم ولإنتاج بيض المائدة بهدف سد حاجة السوق المحلية..

متى يتم الاكتفاء الذاتي ؟
وزارة الزراعة سبق وان اعلنت الحاجة الكلية للعراق من المنتجات الحيوانية لعام 2016، وفيما بينت أن نسب إنتاج الدجاج المجمد تبلغ (34%) من الحاجة السنوية وانتاج اللحوم الحمراء والمجمدة يبلغ (76%) من الاحتياج الفعلي، أكدت ان هذه النسب تتغير حسب الظروف. المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد نايف ذكر إن الحاجة الكلية للعراق من المنتجات الحيوانية لعام 2016 من الدجاج المجمد تبلغ (250) الف طن فيما بلغ الإنتاج المحلي (84) الف طن. مبينا: ان الكمية المطلوب استيرادها من الدجاج المجمد تبلغ  166 الف طن نسبة ، وهذا يعني أن نسبة الإنتاج المحلي تبلغ  (34%). متابعا: أن نسبة إنتاج العراق من بيض المائدة تبلغ (14%) حيث ينتج (630) مليون بيضة سنويا، فيما يبلغ احتياجه الكلي (4640) مليون بيضة"، موضحا أن الكمية المطلوب استيرادها سنوياً (4010) ملايين بيضة.
وذكر نايف ان هذه  الارقام متغيرة تبعا للظروف التي لا يمكن التكهن بحدوثها كالأمراض وغيرها والتي تسهم في تغيير المعادلة ولكن هذه الارقام هي في الظروف الطبيعية السائدة وعند توافر الظروف قد تتحسن وتصل في بعضها للاكتفاء الذاتي. مشددا على أن الوزارة وضمن خططها في زيادة الانتاج لمنتجات الثروة الحيوانية تحاول النهوض والوصول بالمجمل الى الاكتفاء  الذاتي وخاصة في مجال الاسماك.

فرق متخصصة ورقابة صحية
 عضو الخلية رئيس لجنة الزراعة في مجلس محافظة واسط هاشم العوادي بين إن خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة المحلية لبحث تداعيات الإصابة بانفلونزا الطيور التي ظهرت في حقول الدواجن بالمحافظة قامت حتى الآن بإتلاف نحو 3 ملايين دجاجة في أكبر مشاريع الدواجن في المحافظة. مبيناً: أن عمليات الإتلاف تتم من قبل فرق متخصصة وتحت رقابة صحية مشددة ومن خلال 13 فرقة بيطرية تم تشكيلها من قبل وزارة الزراعة لهذا الغرض .موضحا: ان العملية تتم وفق المعايير والمحددات الصحية التي تضمن عدم ظهور الإصابة من جديد من خلال حرق الطيور المصابة أولاً ومن ثم طمرها في مواقع بعيدة عن أماكن الحقول بعد وضعها في حفرة لا يقل عمقها عن ثلاثة أمتار ثم تجري عملية الطمر لها. مشيراً الى ان الفرق الميدانية تواصل التحري عن الإصابة في مناطق المحافظة كافة لاسيما القريبة من تلك الحقول .

1600 عامل وعائلة
حسين الياسري -صاحب حقل دواجل ومفقس في محافظة واسط- بيّن ان الخسائر التي نتجت عن اتلاف الطيور تقارب 90 مليار دينار. منوها الى تسريح قرابة 1600 عامل في الحقول التي اعلن عن تفشي الاصابة فيها. مشيرا: الأضرار الفنية التي ستلحق بالحقول التي ستبقى مغلقة لمدة لا تقل عن 3 أشهر حسب تعليمات وزارة الزراعة ثم تجري لها عملية تقييم شاملة وفحص وتحرٍ جديد من قبل الفرق البيطرية المتخصصة لإعادة تشغيلها من جديد. مطالباً بتعويض أصحاب المشاريع والحقول التي تضررت خاصة من الذين قاموا بالإبلاغ عن ظهور إصابات لديهم.

محرر الموقع : 2016 - 07 - 29