جحود وَاِعْتِرَافٌ (قصة قصيرة)
    

بِقَلَمٍ / مُجَاهِدُ منعثر مُنْشِدٌ

 جَلَسَتْ بِجِوَارِي فِي سَيَّارَةِ أُجْرَةٍ, كُنْتُ أُطَالِعُ رِوَايَةَ البَحْثِ عَنْ الحَقِيقَةِ, بِصَوْتٍ هَادِئٍ خَرَقَتْ مَسَامِعِي بِعِبَارَةٍ: مَا تَبْحَثُ عَنْهُ مَوْجُودٌ فِي الطَّبِيعَةِ!.

 اِسْتَغْرَبَتْ جُرْأَتُهَا وَرَدَّدَتْ مُبَاشَرَةً: الحَمْدُ لله الأَوَّلُ بِلَا أَوَّلِ كَانَ قَبْلَهُ, وَالآخَرُ بِلَا أُخُرٌ يَكُونُ بَعْدَهُ.

تَبَسَّمْتُ وَسَحَبْتُ يَدَهَا مِنْ مِحْفَظَةِ أَوْرَاقِهَا لِتُلْحِقَ خُيُوطَ شَعْرِهَا الأَسْوَدِ بِبَقَايَاهِ أَعْلَى رَأْسِهَا, اِسْتِدَارَتُ بِرَأْسِهَا إِلَى, حَدَّقَتْ فِي قَلِيلًا, وَحَرَّكْتُ شَفَتَيْهَا الصَّغِيرَتَيْنِ: هَلْ تَسْمَحُ بِالنِّقَاشِ?

 نَعَمْ اِبْنَتُي, مَا الَّذِي دَعَاكِ لِقَوْلِكَ?

ـ بِاِبْتِسَامَةِ خرساء نَفَّخْتُ نَفْسَهَا كَبَالُونِهِ وَنَطَقْتُ: رَأَيْتُكَ تُتْعِبُ نَفْسَكَ وَتَبْحَثُ عَنْ مَجْهُولٍ, فَحَنَّ قَلْبُي لشيبتك, فَكَّرْتَ سَرِيعًا: بِأَيَّةُ وَخْزَةٍ أُفَجِّرُ البَالُونَةَ?

 اِلْتَفَّتْ صَامِتًا إِلَى الشُّبَّاكِ وَسَأَلَتْ نَفْسِي: هَلْ قَرَأَتْ يَوْمَا آيَةٍ مِنْ كِتَابٍ سَمَاوِيٌّ, بَادَرَتْ بِسُؤَالِهَا: (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ) مَا مَعْنًى (وَذَرُوا)?

ـ أَجَابَتْ: يَا عَمُّ مَعْنَاهَا (اُتْرُكُوهُمْ), لَكِنَّ التحاور مَطْلُوبٌ تُقْنِعُنِي أَوْ أَقْنِعْكِ.

 قَطَعَ حِوَارِنَا اِصْطِدَامِ السَّائِقِ بِشَاحِنَةٍ أَمَامَنَّا, اِرْتَفَعَ صُرَاخُ الأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ, قَالَتْ الفَتَاةُ بِاِبْتِهَالٍ: يَا الله سَتَرِكُّ يَا اللهُ.

 

 
 
 
محرر الموقع : 2019 - 03 - 21