رئيس المخابرات الليبية: أيام تنظيم "داعش" في سرت باتت معدودة
    

قال مصطفى نوح، رئيس جهاز المخابرات الليبية (تابع لحكومة الوفاق)، إن "أيام تنظيم داعش، في مدينة سرت (شمال وسط البلاد) أصبحت معدودة وسينتهي بالكامل منها، لكن هذا لا يعني أن التنظيم سيتم التخلص منه نهائيًا في ليبيا أو أن كل عملياته ستنتهي".

جاء ذلك في حوار خاص، إطلعت عليه شبكة رووداو الإعلامية، فقد أوضح فيه أن "داعش قد يواصل عملياته القتالية بواسطة سيارات مفخخة وعمليات انتحارية، إلى جانب تنفيذ اغتيالات (عشوائية)، وكلها أساليب قتالية جبانة، لكن مع ذلك لن يبقى للتنظيم مكان آمن في ليبيا".

وحول مجريات المعارك الدائرة حاليا في سرت ضد "داعش"، قال نوح "إنها معارك عنيفة ومعقدة جدا، فالقتال يدور في مدينة فيها سكان وأهالي ووسط أحياء سكنية، وقوات البنيان المرصوص (تابعة لحكومة الوفاق) تفعل كل ما بوسعها لتجنب إلحاق أي ضرر بالمدنيين".

وانطلقت عملية "البنيان المرصوص" في مايو/أيار الماضي، بهدف إنهاء سيطرة "داعش"، على سرت، عبر ثلاث محاور هي (أجدابيا – سرت) و(الجفرة – سرت) و(مصراتة – سرت)، وتمكنت القوات من محاصرة التنظيم في مساحة ضيقة، وتكبيده خسائر فادحة في الآليات والأفراد.

وخلال الأيام الماضية، حققت قوات العملية تقدماً كبيراً في المدينة، باستعادتها أكثر من مقر أبرزها مجمع قاعات "واغادوغو" الحكومي، الواقع في قلب المدينة، وكان مقر قيادة تنظيم "داعش" فيها، إلى جانب تحرير مستشفى "ابن سينا" القريب من المجمع ومصرف متاخماً له. 

وأضاف رئيس الجهاز "المدنيون هم أهالينا قبل كل شي، وهو أمر يستغله التنظيم بشكل جبان من خلال التواجد والتخفي بينهم  في الأحياء السكنية، واكتشفنا كذلك أن عدداً من أتباع التنظيم حتى داخل سرت، عبارة عن خلايا نائمة لا يعرف الناس حقيقتها، هذه الخلايا اليوم تعمل وتنشط على توفير المخابئ لعناصر التنظيم، وتساعدهم في الهروب خارج المدينة وتوفير الدعم لهم".

وبخصوص المعطيات المتوفرة عن "داعش" في بلاده، أفاد نوح "كانت هناك مبالغة من قبل أجهزة حول العالم (لم يحددها) وفي الإعلام أيضا، عن حجم التنظيم المتشدد في ليبيا، ففي أوقات ذروتها كان لداعش حوالي ألفي عنصر، عدد كبير منهم قتل في سرت، وهناك آخرون فارون حاليا، أما الذين مازالوا داخل المدينة فعددهم يقدر بمئات قليلة".

وتابع "في بداية الحرب ضد التنظيم كانت الجبهة واسعة، والمساحات شاسعة، وخلال هذه الفترة استطاع عدد من عناصر داعش، الهروب والتسلل عبر الطرق الصحراوية باتجاه الجنوب، وعدد من المناطق الأخرى داخل وخارج ليبيا".

وحول الفارين من سرت، قال نوح "في جهاز المخابرات شكلنا فريق بحث قوي ومتفرغ من أجل تتبع عناصر التنظيم الفارين من المدينة، ولنا وحدات مقاتلة في الصحراء الليبية تلاحقهم ونجحنا في القبض على عدد منهم".

وعن دور المخابرات في الحرب الدائرة حاليا في سرت، قال رئيسه "الجهاز يلعب دوراً قوياً في الجبهة وفي الحرب على الإرهاب، وهو ينسق مع الجيش والثوار، ونحن كذلك متواجدون في الغرفة التي شكلها المجلس الرئاسي الليبي لمحاربة داعش في سرت، لنا تنسيق قوي مع سلاح الجو، ونقدم الخدمات المطلوبة منا".

وشدّد نوح على أن "الجهاز ساهم كذلك بشكل فعّال من خلال عدد من كفاءاته الهندسية، في تفكيك عبوات ناسفة ومفخخات، وتمكنا بفضل الله من إنقاذ أرواح عشرات بل مئات الأبرياء، وقدمنا كوكبة من عناصرنا شهداء في المعركة الجارية الآن في سرت، فقدناهم عند الخطوط الأمامية للقتال".

وبخصوص مصادر تمويل "داعش"، لفت نوح أن "التنظيم في سرت له أموال كبيرة، مصادرها تأتي بالأساس من الهجرة غير الشرعية، التي يستفيد منها ماليا، إلى جانب أشكال تهريب أخرى، بما فيها المخدرات التي توفر له دعم مالي كبير، وكذلك الخطف، والابتزاز، وإجبار الأهالي على دفع المال مقابل إطلاق سراح ذويهم، كما استعملوا السطو على المصارف للحصول على المال، فضلا عن أن هناك دعم أجنبي وصلهم عبر البحر، لا نعرف مصدره بعد، لكننا بصدد تتبع الأمر".

وحول أصول عناصر التنظيم في ليبيا، أكد المسؤول الأمني أن "هناك عناصر ليبية وأخرى أجنبية، والعدد الأكبر من الأجانب من تونس للأسف، كما أن هناك عناصر تابعين لجماعة بوكو حرام (النيجيرية) يقدر عددهم بالمئات، انضموا إلى التنظيم، وعدد ليس بالهين من دولة مالي وأوغندا، وأيضاً جنسيات أخرى مثل المصريين، والتشاديين، والسودانين..".

وعن أهم التحديات التي تواجه الوضع الأمني في ليبيا، قال نوح "نجحنا في جهاز المخابرات بالنأي به عن التجاذبات السياسية، لأننا نعمل على أمن الوطن والمواطنين، وانطلقنا منذ اللحظة الأولى في خطة إعادة بناء الجهاز، وفي هذا الأمر طلبنا مساعدة كل الكفاءات الوطنية المتوفرة بمن فيها الذين عملوا قبل الثورة، وهناك إجماع على الاستفادة والعمل مع الجميع، باستثناء من تلطخت أياديهم بدم الليبين، حتى المتقاعدين طلبنا منهم الاستشارة والعمل معنا للاستفادة من كفاءاتهم، ونعمل على تدريب عناصر جديدة".

وأكد رئيس المخابرات أن "هناك ضعفاً كبيراً في الإمكانات، للأسف هناك  شعور بأننا تُركنا وحدنا أمام آفة الإرهاب العالمية، ولكن بشكل عام نحن نتقدم، التنسيق بين المخابرات الليبية وباقي الأجهزة في دول الجوار والأوربية يتقدم ويتحسن".

وأضاف نوح: "هناك تنسيق عالي جدا مع الجانب التونسي خاصة بعد أحداث بن قردان (حين هاجمت جماعات إرهابية في مارس/آذار الماضي مقرات وثكنات عسكرية وأمنية، ونتعاون مع جل الدول الأوروبية، ما عدا الجانب الفرنسي الذي للأسف لا يتفاعل معنا وهو سلبي جدا، فقد  اختار التعامل والتنسيق مع الميليشيات (لم يسمها) بدل التعامل مع الجهاز الرسمي والشرعي للدولة الليبية".

وعقب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 إثر ثورة شعبية، دخلت ليبيا في مرحلة من الانقسام السياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربًا ومدينتي طبرق والبيضاء شرقا.

ورغم مساعٍ أممية لإنهاء هذا الانقسام عبر حوار ليبي جرى في مدينة الصخيرات المغربية وتمخط عنه توقيع اتفاق في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، انبثقت عنه حكومة وحدة وطنية باشرت مهامها من العاصمة طرابلس أواخر مارس/آذار الماضي، إلا أن هذه الحكومة لا تزال تواجه رفضاً من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان  شرقي البلاد. 

وإلى جانب الصراع على الحكم، تشهد ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي، فوضى أمنية بسبب احتفاظ  عدد من الجماعات المسلحة التي قاتلت النظام السابق بأسلحتها.

محرر الموقع : 2016 - 08 - 21