( المرجعية ..لاتنطق إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان)
    

لم تنفك المرجعية الدينية العليا تخاطب الأمّة , وبالخصوص الشعب العراقي , بخطاب أبويّ رصين ذات طابع ارشاديّ تكامليّ , رعاية منها للمصالح العليا التاريخية والدينية والاجتماعية والسياسية . فالشعب العراقي , وهو دائما ًموضوع مادة خطابها , الذي أخذ صوراً متعددة , وخطاب منبر الجمعة واحد من هذه الصور . فمنبر الجمعة الذي بات يطرق أسماع الملايين من الناس داخل وخارج العراق , فبالإضافة لتناوله الأمور الحساسة والمشاكل الخطيرة , ألا أنه مليء بالإشارات والتلميحات والإضاءات وكل ما هو جديد { .. لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ــ ق ــ آية 37 }. ويمكن أن نلمس التلميح والإشارة والجديد من بعض مضامين خطبة صلاة الجمعة لـ ( 21تشرين الأوّل 2016م ) منها :
1 ــ لأول مرّة تصف المرجعيّة العليا , الأيام التي يعيشها الشعب العراقي الآن بـ ( الخالدة !). وأطلقت وصف ( رجالُ العراق ! ) على الأبطال من صنوف قواتنا الأمنيّة , وجحافل المتطوّعين وأبناء العشائر الغيارى . فهنا الخلود لا يليق إلا ّ برجال العراق , وأن الأمر برمته يعتبر مجازا ً ولا يليق البتة , لولا أن تأمّلتها المرجعيّة لأنها على يقين من ذلك . كون المقاتلين يقتربون من النصر النهائي لتحرير الموصل المعقل الأخير لداعش . و(يا من ليس لنا من نفتخرُ بهم غيرُكم.. ) إشارة واضحة الى أنهم هُم وليس غيرهم , ممن جلبوا النصر للعراق واستحقّوا الفخر والافتخار , للتفريق عمن يُسمّوْن بالرجال من السياسيين , وهم يتصنعون النصر الكاذب والمزيّف . بدليل  ولو كان هناك غيرهم لوجب على المرجعيّة الإشارة اليهم . بل واستحقوا قسم المرجعيّة العليا على ذلك ( فكنتم - وأيم الله - على مستوى هذه المسؤوليّة العظيمة ) وفي إشارة أيضا مِن أن هناك مَن هو ليس على قدر المسؤوليّة , لأنّ المقاتلين والحشد الشعبي ليس فقط , لم يمّلوا ولم يكلّوا حتى استرخصوا الأرواح وبذلوا الدماء , بل قد اختبرتهم المرجعيّة ونجحوا في الإختبار على عكس غيرهم من السياسيين , ولا يزالون يسطّرون الملاحم في سوح الوغى , ممّا سيخلدها التاريخ .
2 ــ التلميح بوجود قيادة حقيقيّة شاملة ( المرجعيّة ) على المستوى الواقعي تنطوي على البعد الإلهي , لا تشبه غيرها من القيادات على وجه البسيطة مطلقاً . وتحظى باحترام وتقدير جميع المقاتلين وخصوصا ً ( متطوعي الحشد الشعبي ) من خلال حضورها الدائم والمتواصل ورفدها لهم في كل مرّة بوصايا وإرشادات , ومنذ صدور فتوى الجهاد الكفائي عام 2014 م , مثل وصيتها الأخيرة ( ضرورة رعاية المعايير الإنسانيّة والإسلاميّة , في التعامل مع المعتقلين ... والابتعاد عن الثأر والانتقام .. ) . كما وتلمح الى وجود قائد فذ ( السيستاني ) لا نظير له ولا كفؤ له أبدا . فيما لو قورن مع أيّ  قائد ممكن أن يخطر على ذي بال . والمقاتلون يطبّقون باعتزاز وصاياه جميعا ً عن طيب خاطر , عكس مَن أرشدتهم المرجعيّة ورفدتهم بوصاياها ( وهم السياسيين قاطبة ), ولكنهم لم يرعوي حتى بُحّ صوتها .
3 ــ الإشارة الى أن المقاتلون ومن لبى نداء المرجعيّة وليس غيرهم , هم من يقومون بطيّ صفحة سوداء وفتح صفحة جديدة بيضاء من تاريخ العراق . فحينما تتطلّع المرجعيّة لأن( تُطوى فيه هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ العراق ..) هو استشراف المستقبل المفعم بالنصر والأمن والأمان , ولا يكون إلا ّعلى يد قواتنا الأمنية والحشد المقدس , فهي القوّة المعوّل عليها في التغيير  لا على غيرها .
4 ــ دعوة الشعب بجميع مكوناته بأن يأخذوا ( العبر والدروس من تجاربهم المريرة الماضية , وينتبهون الى أخطائهم وخطاياهم ويتفادون تكرارها !) دعوة لأن يتحمل الشعب مسؤولياته تجاه عراق ما بعد داعش , لأن النصر لم يقم إلا ّبدماء مئات الآلاف من خيرة الشعب العراقي . فالاعتراف بخطأ الانجرار وراء الصراعات السياسية الحزبية والكتلوية التي عطلت الدولة وشلت مؤسساتها وعدم العود اليها . واستشعار خطيئة رمي النفس بأحضان الغير , ومحق الإرادة الوطنية بتطبيق الأجندات الخارجيّة . كما أن للنصر استحقاق لأن يتكاتف الجميع على بناء الوطن , بعيداً عن (الإحن والأحقاد ) التي كرستها الأحزاب السياسية خلال الثلاث عشر سنة , مدة تصديها للشأن السياسي .
5 ــ الدعوة الى تكاتف أبناء الوطن ( العراق ) بعيداً عن الإحن والأحقاد , دعوة لإعادة الأمور الى وضعها الطبيعي . حيث أن المعادلة كانت قد قلبتها الأحزاب السياسية لصالحها , بعمل منحرف دؤوب منذ تغيير عام 2003م وللآن . فبتحايلها على النظام الديمقراطي , ومغادرتها للاستحقاق الإنتخابي بانتهاجها المحاصصة السياسية المقيتة, وبروز الطابع الطائفي والفئوي والقومي في العمل السياسي , وعلى غرارها تم تقاسم الدولة بمؤسساتها , مع تكريس الفساد المستشري بها , استطاعت الطبقة السياسية أن تسحب وتجيّر وتذوّب مكونات الشعب لصالحها وتجعلها داخل الأحزاب السياسية , وتجعل من نفسها ليس فقط لسان حال المكوّن الإجتماعي والفئوي والقومي والمذهبي , وإنما صارت هي المكوّن والمذهب والقوميّة . فالمرجعيّة تدعو المكونات لأن تخرج من ربقة الأحزاب والكتل السياسية وسيطرتها , وتتحرر من الطائفية والفئوية والقومية , وتنشد الدولة المدنية الدستورية التي تضم وتحضن الجميع.
6 ــ عمدت المرجعيّة وكنتيجة للإحن والأحقاد والخلافات , أن تشير الى أن هناك نوعين من التدخل الأجنبي للعراق , ودعت الشعب ( ولا يسمحون للأجنبيّ باستغلال خلافاتهم للتدخّل في شؤونهم الداخليّة , وخرق سيادة بلدهم بذرائع مختَلَقة كما يحصل اليوم ! ) :
أ ــ قولها \" ولا يسمحون للأجنبيّ باستغلال خلافاتهم للتدخّل في شؤونهم الداخليّة !\" إشارة الى مؤتمر الصحوّة الإسلاميّة الذي عُقد ببغداد , الذي دعا اليه السيد عمّار الحكيم زعيم الإئتلاف الوطني , وبرعاية الجمهورية الإسلامية في إيران  يوم 22/10/2016م . حيث جاء لمحق الإرادة الوطنيّة , ولتكريس سياسة المحاور الإقليمية المرفوضة .
ب ــ وقولها \" وخرق سيادة بلدهم بذرائع مختَلَقة كما يحصل اليوم !\". في إشارة واضحة الى تركيا وتواجد بعض قطعاتها العسكرية داخل حدود العراق بذرائع شتى . وإذا ما حللنا تعبير (كما يحصل اليوم ..) نجدها تشير الى الخرق الأمني الذي حصل بمحافظة كركوك من قبل عناصر داعش في منتصف ليلة الجمعة  21/ 10 /2016م , وهي إحدى تبعات ورفسة من رفسات التدخل العسكري التركي في العراق .
7 ــ للمرة الأولى يعمد ممثل المرجعية للإشارة الى المرجعيّة اثناء شرحه لبعض الفقرات ( إخواني..لاحظوا هذا التعبير ..هنا المرجعيّة الدينيّة العُليا تقول : ليس ..) في إشارة الى المشككين وللمتصيدين في الماء العكر ,مِن أنّ كلام خطبة الجمعة هي كلام المرجعيّة ذاته , أو بتقرير منها . وأخيراً نكون مخطئين إذا جزمنا أن المرجعية لم تأتي على ذكر السياسيين , فهي وإن لم تذكرهم مباشرة ,ألا أن خطابها موجه لهم من خلال التلميح والإشارة , وحتما ًدهاء السياسي يقطع ويُقر بوقوفه ,على الجانب الآخر من المرجعيّة , كما وقف يزيد على الجانب الآخر من الإمام علي بن الحسين (ع) . ويُقر السياسي اليوم ويقول بلسان يزيد  فيما لو نطقت المرجعيّة , فهي لا تنطق إلا بفضيحتي وبفضيحة آل أبي سفيان ..!؟.

بقلم : نجاح بيعي .

محرر الموقع : 2016 - 10 - 25