اجازة الخمس سنوات .. إجراء "قانوني" يراه آخرون "ترقيعياً" سيزيد من البطالة
    


بين الحين والآخر تخرج الحكومة بقرارات جديدة سعيا منها لتقليص نفقاتها في ظل ازمة مالية وصفت بأنها "الاعنف" في العالم عامة والعراق خاصة، لإعتماد الاخير على النفط بشكل رئيسي في وارداته، وفيما يصف البعض هذه القرارات بأنها "مستعجلة وترقيعية"، يعتبرها اخرون "قانونية وغير مخالفة للدستور"، في حين وجدها اخرون اجراء لـ"جس نبض" الشارع من اجل الشروع بقرارات اخرى.


الحديث عن قرار جديد يعتزم مجلس الوزراء الخروج به، ويقضي بـ"منح اجازة خمس سنوات للموظفين براتب إسمي"، سبقه احاديث سابقة عن قرار يقضي بالغاء البطاقة التموينية والذي لاقى رفضا من قبل الشارع، شأنه شأن قرار سير المركبات وفق نظام الزوجي والفردي الذي مات بعد إعادة احياءه بيومين.

وأعلن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، الثلاثاء السادس من ايلول الحالي، عن مناقشة مجلس الوزراء مشروع قرار يقضي بمنح الموظفين إجازة خمس سنوات براتب اسمي كامل تحسب لأغراض التقاعد، كما اشار الى أنه اقترح منح الموظفين بصفة عقود مبلغا ماليا والسماح لهم بإنشاء مشاريع خاصة بهم.

تحذيرات من ارتفاع البطالة جراء قرار "غير مدروس" يصفه اخرون بـ"الدستوري" 

قرار منح اجازة خمس سنوات لموظفي مؤسسات الدولة، كان محل سجال بين اعضاء مجلس النواب العراقي، وسط تحذيرات اطلقها البعض من ارتفاع معدلات البطالة، وفي حين وصفها البعض الاخر بأنه قرار "ترقيعي"، دافع عنه نواب اخرون بالقول بإنه قرار "دستوري لا يخالف القانون".

ويقول عضو اللجنة المالية النيابية حسام العقابي، إن "القرار الذي تم مناقشته في مجلس الوزراء حول الموظفين لا يجدي نفعاً، مؤكدا أنه "لن يتحسن المستوى المعاشي والاقتصادي بالعراق وليس ذات جدوى اقتصادية "، واعتبر ان "مثل هكذا قرارات هي محاولات ترقيعية لمعالجة الوضع بالبلاد".

ويضيف العقابي لـ السومرية نيوز، إن "القرار يعتبر خطوة غير محسوبة بشكل دقيق، مشدداً على ضرورة "ايجاد فرص للعاطلين ومعالجة البطالة وليس تسريح الموظفين ومنحهم راتبا اسميا".

قرار "غير مدروس"

عضو اللجنة المالية في البرلمان النائب هيثم الجبوري يصف القرار بأنه "غير المدروس"، مشدداً بأنه "لا يمكن دراسة مثل هكذا قرارات من الناحية المادية فقط، بل يجب ان تكون هناك دراسة من الناحية الاجتماعية ومدى انعكاسها على وضع البلد".

وتابع الجبوري حديثه لـ السومرية نيوز، بالقول إن "في العراق ثلاثة ملايين او اكثر من العاطلين، وبالتالي فأن هولاء سيفكرون بأشياء اكثر ، وعمليات الصرف ستكبر، ويصبحون مواطنين مستهلكين بدلا من ان يكونوا منتجين".

ويرى الجبوري ان "القرار لا يمكن ان يحرك العجلة الاقتصادية للبلد"، لافتا الى "تدمير القطاع الخاص ومنهم رجال الاعمال الوطنيين، وهم ما بين السجن والمستشفى وما بين هارب من الناس لتأخير مستحقاتهم لأكثر من اربع سنوات" بحسب تعبيره .

دستوري "لا يخالف القانون"

عضو اللجنة القانونية في البرلمان كامل الزيدي، يصرح بالضد من الاحاديث اعلاه، ويقول إن "مقترح إجازة الخمس سنوات للموظفين خال من اية مخالفة قانونية"، مشيراً الى ان "هذا الاجراء مؤقت وليس دائمي".

الزيدي يقول لـ السومرية نيوز، إن "مجلس الوزراء يصدر قرارات البعض منها يستند لقانون والاخرى لا تستند"، مبيناً أن "موضوع اعطاء الاجازات او غيرها هي من صلاحية رئيس مجلس الوزراء والتي تأتي لتلافي الوضع المادي".

ويضيف الزيدي، "لايوجد أي اشكال او مخالفة قانونية في موضوع اعطاء اجازة للموظفين لخمس سنوات مقابل منحهم راتبهم الاسمي"، لافتاً الى أن "الحكومة عندما تكون لديها ازمات تتخذ عدة قرارات وهي بالنهاية مؤقتة وليس دائمة، وتتلائم مع الازمة الموجودة".

الزيدي يشير الى أن "هناك موظفين يطلبون اجازات بدون راتب، والآن الحديث عن اجازة لمدة خمس سنوات وبالراتب الاسمي".

تحذيرات من مشاكل اجتماعية لإشخاص غير قادرين

الخبير الاقتصادي ماجد الصوري يبين أن القرار "جاء من اجل التقشف في النفقات التشغيلية وتقليص التضخم الموجود في دوائر الحكومة"، محذرا في الوقت نفسه، من "مشاكل اجتماعية لأن الاشخاص الموجودين سيكونون غير قادرين بدور فعال في النشاط الاقتصادي".

الصوري يضيف لـ السومرية نيوز، إن "القرار قد يخفف العبء على الحكومة ولكن بشكل عام لن يحل المشاكل التي يتعرض لها العراق من الناحية التنمية الاقتصادية والمشاكل الاقتصادية".

وبقليل من التفاؤل يقول الصوري، إن "هناك امكانيات واسعة لتحريك الاقتصاد والبرنامج بشأن اطلاق ستة ترليونات دينار لموضوع تنمية القطاعات الاقتصادية"، مرجحا أن "يستفيد الموظف من ذلك، في حال وجود اكثر جدية في تمشية الاقتصادية العراقي بعيداً عن الروتين والإجراءات المعوقة".

موظفون يتحدثون عن "سلبيات" و"ايجابيات" القرار 

هيام رشيد خضير ، موظفـة لدى وزارة العمل تقترح عبر السومرية نيوز، "تقليص مدة الاجازة من خمس الى سنتين على الاقل، لتقييم مدى نجاح او فشل القرار"، معتبرة أن "منح الاجازة يجب أن يكون للاسهام في رفاهية الموظف، بما ينعكس ايجابا على التنمية الاقتصادية في البلد لا أن نزيد البطالة".

فيما يعتبر الموظف في وزارة التجارة محمد عبد الزهرة حسون، القرار "ايجابي" كونه "سيخفف عن بعض الحالات الانسانية وخاصة بالنسبة للنساء اللواتي بإمكانهن رعاية اطفالهن".

ويؤكد حسون عبر حديثه لـ السومرية نيوز، على ضروة أن "يدرس مجلس الوزراء القرار بشكل جيد مع المختصين لتلافي الاخطاء"، محذرا من "افراغ الدوائر الحكومية من الكفاءات في حال عدم تنظيم القرار بشكل مدروس". 

اما الموظف في وزارة التربية حميد اسماعيل فيرى خلال حديثه لـ السومرية نيوز، أن "القرار سيخدم الموظفين من الدرجات الدنيا والذي بامكانه من الحصول على الاجازة من اجل الحصول على عمل ثاني في القطاع الخاص خلال هذه الفترة".

ويعانـي العراق من ازمـة اقتصاديـة حادة نتيجة الانهيار العالمي لاسعار النفط، ما اضطر الحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الاجراءات "التقشفية" لضمان استقرار الاوضاع المالية في البلاد التي تواجه حرباً ضد تنظيم "داعش" والتـي كلفت ميزانية الدولة مبالغ طائلة.

محرر الموقع : 2016 - 09 - 09