الملايين في العالم يحيون ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع)
    

 عندما تخرج واقعة من حيزها التاريخي. لتعلم البشرية طريق الصمود والعزة بوجه الظلم مهما عظم..هذه هي عاشوراء والنهضة التي قادها سبط النبي الامام الحسين عليه السلام.

مراسم احياء ذكرى عاشوراء تقام كل عام في انحاء البلاد الاسلامية وتتركز في المدينة التي شهدت الواقعة كربلاء المقدسة، الا ان مبادئ عاشوراء لا يمكن ان تحصرها فضاءات مكانية وزمانية ودينية، ما دام الصراع متواصل بين من يناضل من اجل الحق والحرية والعدالة والكرامة وبين من يتبنى نهج الاستبداد والباطل ويزهق الارواح البريئة من أجل ذلك.

هذا المشهد المليوني الجياش بالروح والعواطف الدينية والانسانية، طالما اثار شهية الباحثين عن معرفة الاسرار التي تكتنف نهضة عاشوراء وتحول دون زوال جاذبيتها رغم مرور نحو اربعة عشر قرنا على الواقعة التي استشهد فيها الامام الحسين عليه السلام هو وثلة ممن آمن بمبادئه الانسانية والدينية.

وان كان البعد العسكري لا يكاد يلفت النظر في واقعة عاشوراء غير المتكافئة بين الجيش الاموي الذي كان يضم عشرات الالاف وبين جبهة الحسين عليه السلام التي تضم نحو سبعين شخصا، الا ان القيم الكبيرة التي حملتها هذه الجبهة على قلة عددها ودفاعها حتى الرمق الاخير عن الحق والكرامة ورفضها الاستسلام لقهر سلطة حملت شعارات الدين زيفا لتبرير ظلمها وجبروتها ودمويتها وارهابها، حولت معركتهم الخاسرة عسكريا الى معكرة فاصلة انسانيا وقيميا ودينيا على مر التاريخ.

هذه المضامين القيمية لنهضة عاشوراء، شكلت المخزون الاخلاقي والانساني للاجيال المتعاقبة، كما مثلت الوقود التاريخي للنهضات والثورات وكل اشكال المقاومة ومنها مقاومة الارهاب الدموي الذي تواجه مخاطره الامة والانسانية حاليا، ففي كربلاء واجه الحسين واصحابه ذات السلوك الدموي والوحشي من قبل جيش يزيد بن معاوية حينما قام بالتمثيل باجساد الشهداء وقطع رؤوسهم وحملها الى الشام ليحتفل يزيد بانتصاراته. 

الشعارات والنداءات التي تصدح بها حناجر المشاركين في الشعائر الحسينية تؤكد ان عاشوراء ما زالت قادرة على تحفيز القيم والهمم والارادات في مواجهة اخطر واقوى التحديات وان نهضة كربلاء المفعمة بقيم الصمود والتضحية لم تنته باستشهاد الحسين عليه السلام، بل تحولت الى معركة فاصلة على مر التاريخ خاصة عندما تعمق الامم والشعوب قيمها الخالدة في شعائرها وثوراتها ومقاومتها.

*العالم

محرر الموقع : 2016 - 10 - 12