مشمولون بالعفو العام سهّلوا "سقوط الرطبة".. والإسناد تأخّر 36 ساعة
    

احتاجت التعزيزات العسكرية لأكثـر من 36 ساعة كي تصل الى قضاء الرطبة، غرب الانبار، بعد تعرضه لهجوم عنيف شنه تنظيم داعش فجر الاحد، سيطر إثر ذلك على ثلث القضاء في وقت قياسي.
واستخدم التنظيم خلال الهجوم مدرعات تابعة للجيش العراقي، واستعان بخلايا نائمة قوامها مسلحون تم اطلاق سراحهم بموجب قانون العفو العام الذي أقره البرلمان مؤخرا.


ولم يتدخل الطيران العراقي ولا حتى الدولي إلا بعد 12 ساعة من الهجوم على المدينة الحدودية. وتكرر سيناريو انسحاب الجيش بشكل "غامض" قبل 3 ساعات من الهجوم، بحسب مصادر مطلعة. ونفذت القوة المهاجمة، في غضون ساعات قليلة، حملة إعدامات سريعة ضد المدنيين وشرطة ومسؤولين محليين، وقامت بتفجير عدد من الابنية الحكومية وسط القضاء.
وقالت مواقع إلكترونية مقرّبة من داعش، أمس، ان التنظيم شنّ، صباح الأحد "هجوما واسعا من 5 محاور على مدينة الرطبة".
وأشارت المواقع الى ان العملية نفذت بواسطة "انغماسيين" على ثكنات القوات العراقية في مركز المدينة ومحيطها، وقطع طريق الإمداد (الكيلو 160). وزعمت ان المسلحين سيطروا على "كامل المدينة" باستثناء "حي الكرابلة"، بسبب وجود قوات عراقية الى جانب تواجد جماعات من 
مسلحي العشائر.
وتأتي هذه العملية، بعد يومين فقط من اختراق نحو 200 مسلح لمدينة كركوك والسيطرة على عدد من أحيائها.
وأعادت هذه الخروق التحذيرات التي اطلقها مسؤولون وخبراء، تحدثوا لـ(المدى) قبل اسابيع من انطلاق عملية الموصل، من خطورة استثمار داعش للامن الهش في كركوك وصلاح الدين والانبار، والعودة الى استهداف المدن المحررة من جديد.
الخلايا النائمة
وكشف مصدر أمني رفيع المستوى من اهالي الانبار عن قيام خلايا نائمة في الرطبة بتسهيل دخول المسلحين، مشيرا الى ان تلك الخلايا تضم معتقلين سابقين تم إطلاق سراحهم بموجب قانون العفو الذي أقره البرلمان نهاية آب الماضي.
 المصدر الامني الرفيع، الذي تحدث لـ(المدى) شريطة عدم ذكر اسمه لحساسية المعلومات، أكد ان "لجنة التحقيق مع معتقلي داعش أفرجت عن عدد من المسلحين مقابل مبالغ مالية، وهم من شاركوا بالهجوم". وذكّر بدعوات اطلقها مسؤولو الانبار حذروا خلالها الحكومة بضرورة مراقبة عمل هذه اللجان، لكن الاخيرة تجاهلت ذلك.
وأكد المسؤول الرفيع ان "القطعات العسكرية المكلفة بحماية الرطبة، انسحبت بشكل مفاجئ قبل 3 ساعات من الهجوم". وكان هجوم داعش على المدينة  قد بدأ في الساعة الرابعة فجراً. بدوره أكد شاكر العيساوي، رئيس مجلس ناحية العامرية، ما تحدث به المصدر الامني الرفيع. 
لكن العيساوي اكد، في اتصال مع (المدى) امس، ان "50 عنصرا من طوارئ العامرية يتواجدون في الرطبة منذ اشهر"، لافتا الى ان هذه القوة "كانت الاكثر فعالية في صد الهجوم ولم تنسحب من القضاء".
وكانت طلائع الفرقة الأولى للجيش وصلت الرطبة، نهاية ايلول الماضي، بهدف مسك المدينة بعد تحريرها، وحمايتها بالاشتراك مع القوات الأمنية الأخرى، بعد تعرضها لهجومين شرسين.

تأخّر الدعم الحكومي
في غضون ذلك، أكد النائب محمد الكربولي لـ(المدى) امس، ان "التعزيزات العسكرية دخلت الى الانبار بعد الساعة الثالثة من ظهر أمس (الإثنين)".
واضاف الكربولي، وهو نائب عن الانبار وعضو لجنة الامن البرلمانية، ان "اللواء إسماعيل المحلاوي، قائد عمليات الانبار، قطع إجازته ودخل بقوة كبيرة من الجيش وبفوج من الشرطة الاتحادية الى القضاء"، متوقعا ان يتم تطهير المدينة خلال ساعات قليلة.
من جهته انتقد راجع العيساوي، رئيس لجنة الامن في مجلس محافظة الانبار، بطء استجابة الحكومة لمساندة القوات في داخل الرطبة.
وقال العيساوي، في تصريح ادلى به لـ(المدى) امس، ان "الحكومة تجاهلت الوضع في الرطبة"، لافتا الى ان "التعزيزات كان بإمكانها ان تصل من الرمادي أو هيت خلال اقل من 5 ساعات".
وتابع المسؤول الامني قائلا "الطيران العراقي او الدولي لم يتدخل إلا بعد الساعة الخامسة من عصر يوم الهجوم (الاحد)". وكشف عن قيام داعش بإعدام 20 شخصا من المدنيين والشرطة.
وتتصل الرطبة بمساحات صحراوية واسعة ممتدة الى الشريط الحدودي الرابط مع الاردن والسعودية. وكانت السلطات المحلية في الانبار اكدت ان "داعش" انطلق لاحتلال المحافظة من تلك المناطق، كما طالبت الحكومة عدة مرات، بشن عملية "تنظيف" في تلك المساحات الواسعة التي تشك بوجود "معسكرات داعشية" فيها.

تفاصيل الهجوم
ويقول النائب محمد الكربولي، الذي تقطن عشيرته مناطق قريبة من الرطبة، ان "القوات التي تحمي الرطبة لاتملك سلاحا كافياً"، مشيرا الى ان "المهاجمين استخدموا مدرعتين تابعتين للجيش العراقي و15 سيارة في الهجوم".
وكشف الكربولي ان "عناصر التنظيم تحشدوا في منطقة الفاضلية جنوب الرطبة قبل ان يبدأوا الهجوم"، مؤكدا ان القوة المهاجمة سيطرت على ثلث مساحة القضاء.
واضاف عضو لجنة الامن البرلمانية بان "المسلحين فجروا مبنى قائممقامية الرطبة، واعدموا حماية الدائرة الحكومية، وعددا من الشرطة والمدنيين، من بينهم مسؤول في المجلس المحلي مع عائلته".
وكشف الكربولي ان داعش، بعد 24 ساعة من الهجوم الاول، حاول إرسال تعزيزات مكونة  من 25 سيارة الى الرطبة قادمة من عكاشات، المنطقة الواقعة في منتصف الطريق بين الرطبة والقائم. واشار الى ان الطيران العراقي عالج الموقف وقام بتدمير الرتل بعد اتصالات اجراها مع القائد العام.
ونوه النائب عن الانبار الى ان التنظيم شن 4 هجمات كبيرة على قضاء الرطبة في غضون شهر واحد. 
وشهد القضاء الواقعة على حدود الاردن والسعودية، خلال شهر ايلول الماضي، 3 هجمات عنيفة نفذت بـ3 عجلات مفخخة.

محرر الموقع : 2016 - 10 - 24