شبابنا والاحباط
    

عبد الكاظم حسن الجابري

للإحباط تعريفات مختلفة, ومرتبطة من حيث جهة البحث عنها, فهناك احباط نفسي, واحباط مجتمعي, واحباط مرتبط بالوهم.

والاحباط بصورة عامة هو عدم الحصول على شيء معين, مصحوبا بالحزن واليأس والصدمة.

يعاني كثير من شباب العراق من الاحباط, واليأس من ايجاد الحلول للمشاكل, فاغلب الشاب العراقي يصطدم بعدم حصوله على وظيفة, او عدم قدرته على السفر والاطلاع على الدول الاخرى, او حصوله على مدخول مادي او استقرار مجتمعي او شخصي.

في فلم النوم في العسل والذي كان بطله الممثل عادل امام, والذي كان يلعب دور عميد في الشرطة, ويشاركه فيه الممثل لطفي لبيب بدور الطبيب, سال عادل امام الطبيب عن الحالة المرضية التي كانت مدار القصة, وان الناس قد اصابها الاحباط, بسبب هذا المرض "العجز الجنسي" الذي انتشر بينهم, فأجاب الدكتور ان الاحباط له اسباب كثيرة, فبرامج التلفاز تسبب الاحباط, وقراءة الصحف تولد الاحباط, وكثرة سماع الكذب تولد الاحباط, والخوف من المستقبل ايضا يسبب مشاكل لوظائف الدماغ, فتعيش الناس في حالة من الاحباط المجتمعي.

هذه الاسباب التي ذكرها الممثل في ذلك الفلم, اجزم انها متوافرة بكثرة في مجتمعنا, فكل وسائل الاعلام العاملة في العراق او الموجَهَةُ للعراق تستخدم الكذب مادة دسمة لموادها الاعلامية, وقد اصرت القنوات –بمختلف اتجاهاتها- على الكذب وتكراره, فبدأت بالإصرار على ان العراق بلد مُخَرَب, وبلد الفساد الاول في العالم, وان العراق لن تقوم له قائمة, وان الزمن الماضي –زمن الديكتاتور الجرذ- كان افضل واجمل, وتكرار مصطلحات كثرة كالمحاصصة والفقر والنفط والامتيازات والوظائف والعشوائيات وتوظيفها في مواد اعلامية –ورغم ان بعضها حقيقة, الا ان ما يصوره الاعلام جعله كالوباء المنتشر والذي تحدث عنه الفلم الذي ذكرناه.

الحقيقة ان وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة الى الاعلام زادت من الاحباط لدى الشاب العراقي, لكثرة الكذب الذي يكتنفها, وعمل الجيوش الالكترونية المدعومة من اجندات اجنبية او محلية حزبية, اتخذت من التواصل الاجتماعي ساحة لتسقيط الخصوم.

المشكلة الكبرى هو ان الاحباط يولد سلوكيات شريرة لدى الفرد, فالإحباط من اكبر محفزات الانتحار, ومن اقوى مولدات العنف.

ان الاحباط المجتمعي سبب كبير من اسباب تدهور البلدان, وتفكك اواصر المجتمع, ويجعل العلاقات الإنسانية بين الافراد في مهب الريح, وتنتشر حالات الحقد والانتقام, وتظهر هذه الحالات كلما وجدت فرصة سانحة لها.

للتغلب على الاحباط المجتمعي فكلنا معنيون بذلك, واول المهام هو العمل على تدريب الشباب, على كيفية تجاوز الازمات والصعوبات التي تواجههم, ورفدهم بالخبرة المطلوبة لذلك.

ومما ينفع في هذا الباب هو اكتساب الفرد الثقة بنفسه, وكذلك البحث عن البدائل لما لا يتمكن من تحقيقه, والعمل على التدريب والتطوير, وزيادة المهرات الفردية, وتفريغ الضغوط من خلال ممارسة الهوايات والرياضة وخصوصا في الاجواء المفتوحة, وايضا عدم الاستغراق بالتفكير السلبي في المشكلة, وزيادة المعرفة من خلال القراءة والاطلاع.

 

محرر الموقع : 2019 - 12 - 03