بوابة نحو الشيعة وجدار في وجه السنة: الكرد يتقدمون خطوة باتجاه الحشد الشعبي
    

هستيار قادر: حضر معظم النواب الكرد (من مجموع 62 نائباً) السبت الماضي جلسة البرلمان العراقي عند التصويت على قانون الحشد الشعبي وأكملوا النصاب وأعربوا عن تأييدهم للقانون، هذا الدعم لم يأت هباءً، لأن الكرد يتطلعون إلى إحدى مواد القانون التي تمثل بوابة لمشاركتهم في قوات الحشد الشعبي والتي سيتم تشكيلها في المناطق المتنازع عليها ذات المكونات المتعددة ولاسيما في كركوك وديالى والموصل وصلاح الدين. 

وقال النائب بختيار شاويس عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني لـ "نقاش": نحن "تتحدث احدى مواد القانون عن المتطوعين وكان لنا ككرد العديد من المتطوعين في المناطق المستقطعة وقد قدمنا شهداء في الحرب ضد داعش، لذلك بامكاننا المشاركة من خلال هذا الباب ويبقى ان تتخذ القيادة السياسية الكردية القرار بذلك". 

صدور قانون هيئة الحشد الشعبي جاء بعد ضغوط من قبل السنة من اجل تنظيم تلك القوات التي تشكلت منذ اكثر من عامين بفتوى من علي السيستاني المرجع الأعلى للشيعة في العراق لمحاربة مقاتلي "داعش" ضمن قانون. 

وتتكون معظم قوات الحشد الشعبي من الشيعة وتصرف رواتبهم من قبل الحكومة المركزية ذات الاغلبية الشيعية (عدا المساعدات التي يتسلمها بعض قوات الحشد من ايران)، ولكن القانون ذكر بالإضافة الى الإشارة الى الحشد الشعبي ذكر المتطوعين والحرس الوطني وذلك لتبديد تحفظات الكرد والعرب السنة. 

ومن المقرر أن يصدر مجلس الوزراء تعليمات لتنظيم شؤون القانون وبذلك ستتوضح إمكانية مشاركة المكونات الأخرى أكثر. 

ولم تتعامل حكومة اقليم كردستان خلال العامين الماضيين مع الحشد الشعبي كما يجب حيث انتقدت وجوده في المناطق المتنازع عليها التي تتواجد فيها البيشمركة أيضاً ولاسيما في كركوك التي لم تحسم عائديتها بين الاقليم والمركز بعد.

ويرى النائب محمد عثمان ممثل كركوك في مجلس النواب العراقي ان مشاركة الكرد في قوات الحشد الشعبي التي سيتم تشكيلها ضمن حدود المدينة مهمة لتبديد المخاطر التي شكلها الحشد عليهم. 

وقال عثمان لـ"نقاش": انه "كان الأفضل أن لا نقف ضد القانون حتى تكون لنا غدا نسبة في تلك القوات، فالعرب والتركمان لهم قواتهم في المناطق المستقطعة وسيخلقون لنا مشكلات في حال حدوث اي توتر". 

ورأى النائب الذي ينتمي الى كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني انه من الضروري ان يتواجد الكرد أيضاً في قيادة الحشد الشعبي ليكونوا في موقع اتخاذ القرار. 

أكثر المشكلات المتعلقة بتواجد الحشد الشعبي حدثت في قضاء طوزخورماتو المتنازع عليه والتابع لمحافظة صلاح الدين حيث يشكل الكرد والتركمان الشيعة الأكثرية فيه. 

ففي نيسان (ابريل) الماضي حدثت صدامات بين البيشمركة والحشد الشعبي في المنطقة خلفت العشرات من الضحايا قبل ان يعلن الطرفان هدنة من خلال اتفاق توصلا إليه. 

ولم تكن مشاركة الكرد في تشكيلة الحشد الشعبي مقبولة لدى جميع القوى الكردية، وقد انقسم الكرد في ذلك الى طرفين، فالقوى المقربة من ايران (الاتحاد الوطني وحركة التغيير) تؤيد القانون بوضوح، اما القوى المقربة من تركيا (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الاسلامي) فلديها تحفظات حوله. 

الملا حسن محمد العضو الكردي في مجلس محافظة صلاح الدين وهو من اهالي طوزخورماتو قال لـ(نقاش): "لا افضل مشاركة الكرد ضمن الحشد الشعبي، فهم بذلك يضفون عليه الشرعية في حين يملكون قوات البيشمركة". 

والتحق خلال العام الماضي بعض من الكرد الفيليين من معتنقي المذهب الشيعي ضمن حدود قضاء خانقين التابع لمحافظة ديالى بالحشد الشعبي ولكن لم يتم التعامل مع ذلك كحصة الكرد. 

وحول ذلك قال النائب بيستون عادل عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني لـ"نقاش" ان "الكرد الشيعة الذين شاركوا في الحشد الشعبي ضمن حدود خانقين ليسوا من حصة الكرد وليس لديهم انتماء الى القومية الكردية، وانما انتماؤهم هو للمرجعية الشيعية". 

واعتبر عادل الشرط الوحيد لمشاركة الكرد ضمن الحشد الشعبي في المناطق المتنازع عليها هو ان تكون قيادة الحشد في تلك المناطق في يد الكرد والا فان ذلك يعتبر "تبعية" حسب قوله. 

مخاوف الكرد من الالتحاق بالحشد الشعبي هو لتفادي تكرار تجربة "الفرسان" المعروفة بين الكرد بـ "الجحوش" وذلك عبر تشكيل قوات كردية ضد اقليم كردستان كما قام به نظام صدام حسين سابقا وشكل قوات ضد الحركات المعارضة الكردية. 

ولم تكن للاقليم تجربة جيدة في التعامل مع القوات الكردية التابعة للحشد الشعبي، ففي شهر تموز (يوليو) من عام 2015 تم اعتقال حيدر ششو مسؤول وحدات حماية سنجار التابعة للحشد الشعبي في قضاء سنجار من قبل قوات الأمن التابعة للإقليم لفترة وذلك بتهمة "انشاء قوات غير قانونية" كما جاء في بيان لرئاسة الإقليم آنذاك. 

وقال اللواء قارمان كمال نائب رئيس هيئة الاركان لعمليات وزارة البيشمركة حول ذلك "لدينا تنسيق ضعيف مع قوة سنجار". 

ويرى اللواء قارمان انه من الافضل ان تتواجد قوات كردية في المناطق المتنازع عليها، ولكنه يستدرك "لا اقول ان يشارك الكرد في الحشد الشعبي في تلك المناطق". 

وكما لم يحسم الجانب الكردي امره حول المشاركة في الحشد الشعبي، يتعامل الجانب المقابل وهو الحشد الشعبي ايضا بحذر مع مشاركة الكرد. 

وقال كريم النوري المتحدث باسم الحشد الشعبي لـ"نقاش": حول القضية "نحن بانتظار قيادة الحشد الشعبي والقيادة العامة للقوات المسلحة لتقرر حول ذلك، انه موضوع حساس". 

وليس من الواضح حتى الان ما اذا كانت مشاركة الكرد ضمن الحشد الشعبي في المناطق المتنازع عليها ستعود بالنفع او الضرر عليه ليتمكن من خلالها من تحويل البيشمركة المتطوعين الى موظفين رسميين لدى الحكومة العراقية وفي الوقت نفسه يمنع بقاء نفوذ الحشد الشعبي في يد الاغلبية الشيعية في تلك المناطق. 

ويرى الدكتور نعمة العبادي مدير المركز العراقي للبحوث والدراسات ان هناك مشكلتين لابد من حسمهما قبل الحديث عن موضوع مشاركة الكرد ضمن الحشد الشعبي والاولى هي صدور الاجراءات للحشد الشعبي وتحديد مكوناته من خلال نسبة المكونات او المحافظات لمعرفة المناطق التي يشملها، اما المشكلة الثانية فهي حسم ما اذا كان الحشد الشعبي سيتواجد في المناطق المتنازع عليها او بامكانه دخولها. 

وقال العبادي لـ"نقاش" إن "مشاركة الكرد ضمن الحشد الشعبي سيقلل من الحساسية الناجمة عن كونه قوة تابعة لمكون واحد، الا انه ليس من السهل موافقة القيادة الكردية على ارسال المسلحين الكرد ضمن الحشد الى كربلاء والانبار". 

وما ينذر باحتمال ظهور مشكلة أخرى هو ان أكثر تماس للكرد في المناطق المتنازع عليها هو مع العرب السنة في حين يعارض هذا المكون حتى الآن قانون الحشد الشعبي.

وحول ذلك يقول الدكتور نعمة: "يشترك الكرد في المناطق المتنازع عليها مع العرب السنة لذلك فان مشاركة الكرد ضمن الحشد دون حسم موقف المكون السني من قانون الحشد الشعبي ستخلق للكرد مشكلات مع العرب السنة".


محرر الموقع : 2016 - 12 - 01