الرياضة وأسلوب الحياة يقللان شعور الرجل بالتقدم في السن
    

 

 

 

بعدما تناولت تقارير وجود سياسات تدعم الرجال في مرحلة “انقطاع الطمث” في صناديق الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، من خلال تسهيل العمل المرن، وتقديم حوافز مادية، بدأت تثار علامات استفهام حول مفهوم “انقطاع الطمث لدى الذكور”، وهل يُصاب الرجال فعلاً بهذه الحالة الجسدية والنفسية؟

وأوردت صحيفة “تلغراف” أخيراً أن “رجال الإطفاء بين مجموعة من عمال القطاع العام الذين يحصلون على دعم لانقطاع الطمث”. وأشارت إلى أن “منظمات عدة مموّلة من الضرائب بينها خدمات الإطفاء وقوات الشرطة والمجالس فرضت سياسات لاستيعاب الموظفين الذكور الذين يعانون من انقطاع الطمث”.

وتؤكد هذه السياسات التي واجهت انتقادات باعتبارها تقوّض حقوق المرأة، أن الرجال قد يعانون أيضاً من أعراض تشبه تلك التي لانقطاع الطمث، مثل الحالة المزاجية المنخفضة والمتقلبة، وعدم كفاية النوم، علماً أن “تلغراف” كشفت أن أجهزة الشرطة في المملكة المتحدة وإيرلندا تخطط لتبني ممارسات عمل أكثر مرونة لدعم جميع العناصر الذين يتعاملون مع قضايا تتعلق بانقطاع الطمث، بغض النظر عن جنسهم.

وبحسب دراسات علمية عدة “لا توجد حالة سريرية طبية تعرف باسم سن اليأس عند الرجال، وما يشعر به هؤلاء في مرحلة عمرية معينة يتعلق بوضعهم الصحي والنفسي الذي يجعلهم يشعرون بأنه يعيشون في مرحلة سن اليأس”.

يقول أخصائي الصحة العامة الدكتور محمد ترمس: “لا يمكن أن يصاب الرجال من الناحية الطبية بانقطاع طمث يشبه ما يحصل لدى النساء لأنهم ليس لديهم دورة شهرية تتوقف عند سن معينة، لكن المصطلح بدأ ينتشر في بعض الأدبيات العلمية، مع مرور الرجل بتغيّرات جسدية، مثل عدم القدرة على النوم، والتعرّض لتعرّق ليلي، وضعف الرغبة الجنسية، أو حتى مشاكل جنسية أخرى تتعلق بالانتصاب وغيره”.

يُضيف: “ما يحصل للرجال يتعلق عادة بانخفاض مستوى هرمون تستوستيرون، أي الهرمون الذكوري، الذي يؤدي إلى حصول تغيّرات في الدورة الدموية والجهاز العصبي، وتقلبات في المزاج، وفقدان العضلات في الجسم، كما تنخفض القدرة على ممارسة الألعاب الرياضية القوية، مثل رفع الأثقال وغيرها”.

وبحسب الجمعية البريطانية لجراحة المسالك البولية، ينتج هرمون “تستوستيرون” غالباً عبر الخصيتين اللتين يجري تحفيزهما لإنتاجه من طريق هرمونات أخرى تنتشر في الغدة النخامية بقاعدة الدماغ. ولا يعرف سبب انخفاض مستويات هرمون “تستوستيرون” مع التقدم في العمر، أو لماذا يؤدي نقص هرمون “تستوستيرون” النشط إلى مجموعة واسعة من الأعراض. وقد تحدث مستويات منخفضة من هرمون “تستوستيرون” بسبب تناول الكحول بشكل مفرط، أو التدخين، أو بسبب مشاكل صحية تتعلق بقصور في الغدة الدرقية.

 

ويقول ترمس: “يشعر الرجل بهذه العوارض مع التقدم في السن، وتلعب عوامل عدة دوراً في ذلك، بينها ضغط العمل وقلة ممارسة الرياضة وأسلوب الحياة المتبع، وغياب التوازن في تناول أطعمة صحية”.

وتفيد بيانات أصدرتها مجلة Medical news today بأن “مستوى هرمون تستوستيرون ينخفض نحو واحد في المائة سنوياً في المتوسط بعد سن الثلاثين”.

وتؤكد أخصائية الصحة النفسية الدكتورة نادية خير الدين، أن “الرجال يمرون بحالات نفسية مشابهة لما تمر به النساء عادة. ومع التقدم في العمر تظهر هذه العوارض بشكل لافت، وبينها تقلب المزاج، الاكتئاب، الخوف حتى من فكرة التقدم بالعمر التي تنعكس على حالتهم النفسية والصحية”.

تتابع: “يمر الرجال بهذه التقلبات المزاجية عادة بعد سن الخمسين، وقد ترتبط إلى حد كبير بالمخاوف الناتجة من التقدم بالعمر، والضغوط الاجتماعية المحيطة. وعادة يجب أن يزور الرجال الذين يعانون من هذه التقلبات المزاجية أخصائيين نفسيين لمساعدتهم في تخطي هذه المرحلة”.

وتشير أيضاً إلى أن “أسلوب الحياة المتبع منذ الثلاثينات من العمر يلعب دوراً مهماً في تأخير سن اليأس لدى الرجال، إذ أن ممارسة الرياضة، والابتعاد عن الضغط العصبي، وتقبل المراحل العمرية التي يمر بها الرجال والتغيّرات الجسدية تساعدهم في تخطي هذه المرحلة”.

ويتفق العديد من الأطباء والأخصائيين الصحيين على أن “هناك اختلافاً واضحاً في سن اليأس لدى الرجال مقارنة بالنساء. وتنقل صحيفة “ذي غارديان” البريطانية عن الدكتورة رافيندر أناند إيفيل، أستاذة علم الغدد الصماء وعلم وظائف الأعضاء التناسلية بجامعة نوتنغهام، قولها إن “انقطاع الطمث يمثل أعراضاً حادة ناجمة عن التوقف المفاجئ نسبياً لوظيفة هرمونات المبيض بسبب استنفاد احتياطي البويضات لدى المرأة، فيما لا يعاني الرجل من هذه الأعراض الجسمانية”.

أما البروفيسور ريتشارد شارب، الخبير في اضطرابات الإنجاب لدى الذكور من جامعة إدنبرة، فيلفت إلى أن انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون في الدم مع تقدم عمر الرجال لا يحصل بمستويات كبيرة كما يحصل بالنسبة لهرمونات المبيض لدى المرأة.

وإضافة إلى الدعم النفسي الذي يعد الأفضل في هذه المرحلة، يتحدث ترمس عن أدوية قد تساعد في تحفيز الهرمون الذكوري، لكن الأفضل للرجال أن يتبعوا أسلوب حياة متوازن قائم على أساس تناول أطعمة صحية، والابتعاد عن التدخين والكحول، وممارسة الرياضة التي تساعد في الحفاظ على الصحة الجسدية، وتؤخر سن اليأس.

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 10 - 11