ما بين مهلة الـ 48 ساعة وخطاب المرجعية العليا ، كركوك تُرفرف بالعلم العراقي
    
بعد التصعيد السياسي العسكري للحزب الديمقراطي الكردستاني المستحوذ على زمام الأمور في شمال العراق وزعيمه المزعوم البارزاني، أنتجت أزمات حاولت أن تُعصف مؤخرًا بالبلد والتي تصب في مصلحة زعزعة الأمور بين المركز والإقليم عسى أن ينتج منها فراغات وهفوات تتيح للبارزاني دولته المستقلة والتي طالب بها بالتحديد بعد إنتهاء معارك القوات العراقية المحاذية لحدودِ الإقليم، هيستيريا الخوف المتراكم من إنتصارات الحشد الشعبي بالتحديد والقوات الأمنية جعلت منه يعيش حالة صراعات داخلية نفسية أزمت مسألة الدولة المستقلة.
 
رغم ما كان يَنعمُ بهِ منتهي الولاية والحاكم المتمرد حسب ما وصفهُ مجلس النواب العراقي في جلسته الاعتيادية الثالثة والعشرين، غَفلة الحكومة العراقية وانشغالها خلال السنوات الأخيرة في المعارك مع داعش أتيحت لجانب الاقليم فرص كثيرة ليفرض نفسه ويقوي جهته، وهذا بالفعل ما أسعف به بارزاني وما ساهم بنضوج فكرة الإنفصال الشامل وإعلان دولته المزعومة.
 
ظنَ إن العراق قد استنزف قواه في معارك تحرير البلد من عصابات داعش وهذه الظنون بالتحديد أهوت بتلك الأحلام الانفصالية، وجود المرجع الأعلى السيد السيستاني دام ظله في المشهد العام للبلد وتصدره في المواقف الحرجة والانصياع التام لمجمل الطاقات الشعبية والسياسية والإقليمية لتوجيهات هذا المرجع الكبير لم يُدرس جيداً من قبل الجانب الكردستاني، او ربما دُرس ولكن أخطأوا في مسألة إن وجود المرجع الأعلى يعني كلمة الفصل.
 
منَ الجانب الحكومي، كان للذكاء المُتزن للسيد رئيس الوزراء حيدر العبادي الدور الكبير في حل الازمات التي تعصف بالبلد، وهنا إن استذكرنا موقف المرجعية الدينية العليا من العبادي حال توليه زمام الامور كان واضحاً بمساندته في قراراته والقول المشهور لـ «على رئيس الوزراء ان يضرب بيد من حديد» وإن جاء الحديد متأخراً متأثراً ذلك التأخير بطبيعة السياسيات الداخلية الكُتلية للبلد، فأن العبادي ترجم الضربة الحديدة بأبهى صورها العسكرية والأمنية رغم فشله في تمثيلها سياسياً ومواجهة كل هذا الفساد المستشري أثر الحكومات المتعاقبة، لكن بالنتيجة أن يُقدم الأهم على المهم، وهذا بالفعل ما جرى في قيادة السيد رئيس الوزراء لدفة الأمور العسكرية.
 
إن السيد العبادي أيقن تماماً أن الفلاح السياسي والنجاح العسكري لا يمكن أن يسدل طريقاً من غير أن يكون مطابقا تماماً لقول وتوجيه المرجع الأعلى، وهذا بالتحديد ما فقده السياسيين السابقين المتولين لزمام الأمور، ويرى المراقبون والمحللون إن رئيس الوزراء كان جاداً في تعامله مع توجيهات المرجعية الدينية العليا في خطب الجمعة ومطبقًا لها.
 
يوعز هذا التطبيق إلى التفاف الشعب العراقي وتعاطفه الكبير لخطب الجمعة وتوجيهات المرجعية الدينية العليا، وتبرهن هذا الرأي بشكلٍ كبيرٍ في مسألة كركوك وإنفصال الإقليم المزعومة مؤخرًا، ولنضعها الآن بجانبين جانب يتناول الخطبة الأولى ليوم الجمعة والذي تناول به المرجع الأعلى توجيهات وخطوات إلى حكومة الإقليم ينبغي بها خلاصهم من الأنجراف السياسي، صاحب هذا الخطاب هوانٌ عسكري سياسي مُنظم من قبل رئيس الوزراء، ولكن من لم يأخذ بالنصح فالينتظر «ما لا يُحمد عقباه» حسب تعبير المرجع الأعلى في خطبة الجمعة التي تلت خطبة النصح والإرشاد.
 
ما جرى اليوم في كركوك، يضع البلد تحت خيار القيادة الحكيمة وهذا ما ترجمهُ الإخوة العرب والتركمان والأكراد في كركوك، مما يرسخ في أذهان العراقيين أجمع إن اليد الحاضنة الوحيدة في البلد والتي تنظر نظرة المساواة لجميع أطيافه من غير تفريق وتهوين هي يد المرجعية الدينية العليا، وما إن تمسكتم بها لن تضلوا أبداً.
 
مصطفى محمد الأسدي
محرر الموقع : 2017 - 10 - 16