مائة يوم على الحرب على غزة؛ همجية القرن الواحد والعشرين
    

 

 

 

القتل والنزوح والدمار وانهيار المنظومة الصحية وهدم الأحياء السكنية هي العناوين الأبرز في الحرب الوحشية التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وفي أحدث حصيلة لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين، أُعلن أن 100 يوم من العدوان الإسرائيلي على القطاع أسفرت عن ارتفاع عدد الشهداء إلى 23 ألفا و968 شهيدا، وعدد المصابين إلى 60 ألفا و582 شخصا، 70% منهم نساء وأطفال.

بينما تعمدت إسرائيل خلال 100 يوم للعدوان الغاشم على قطاع غزة، مسح الأحياء السكنية بعوائلها، وانهيار المنظومة الصحية وتدمير بنيتها التحتية.

والعناوين الأخرى اللافتة في هذه الحرب، هي الميركافا، والنمر والأسرى الاسرائيليين والياسين 105 وضربات المقاومة الفلسطينية ضد القوات  الاسرائيلية و… .

فقذيفة “الياسين 105” هي قذيفة مضادة للدروع صنعتها كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، واستخدمتها لأول مرة في معركة “طوفان الأقصى”، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ودمرت بها عشرات الآليات الاسرائيلية المدرعة.

أما أسطورة دبابة الميركافا التي تعدها اسرائيل فخرا لصناعتها العسكرية، فقد تحطمت أمام قوة المقاومة الفلسطينية. ووسط الرقابة الإعلامية الشديدة التي يفرضها الجيش الاسرائيلي، لا يُعرف العدد الدقيق لدبابات الميركافا وناقلات الجنود وغيرها من الآليات الثقيلة الاسرائيلية التي نسفتها المقاومة، والاحصاءات الوحيدة المتاحة هي ما يتعلق ببيانات المقاومة التي تعلن يوميا في هذا الخصوص.

أما مدرعة النمر (Panther) فهي ناقلة جنود إسرائيلية مصفحة بالكامل، صُنعت لنقل الجنود المشاة من الجيش الإسرائيلي إلى ساحة المعركة، وتبلغ تكلفتها نحو 3 ملايين دولار أميركي، وتصنف وفقا لمميزاتها وملحقاتها ضمن ناقلات الجند المصفحة الأكثر أمانا في العالم. لكن كتائب القسام دمرتها بصواريخ “كورنيت”.

والعنوان الأبرز في هذه الحرب، هو الأسرى الاسرائيليين الذين اعتبرت اسرائيل تحريرهم واحدا من أهدافها الرئيسية لمواصلة العدوان على القطاع، الأمر الذي لم يتحقق لحد الان.

ولا يزال هناك أكثر من 136 أسيراً إسرائيلياً محتجزاً في غزة منذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، الذي أسفر عن قتل 1200 إسرائيلي، واقتياد الفصائل الفلسطينية لأكثر من 240 أسيراً إلى قطاع غزة، وفقاً للبيانات الإسرائيلية التي تتضارب.

ويرى مراقبون أنه ‏لا يوجد أمام إسرائيل أي خيارات لتحرير محتجزيها في قطاع غزة، دون التوصل إلى صفقة مع حماس والفصائل الفلسطينية” ويؤكدون عدم نجاح الضغط العسكري المكثف على الفصائل الفلسطينية لتحقيق هدف تحرير الأسرى.

لكنّ المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة قال الأحد “على الأغلب، سيكون العديد منهم (الرهائن) قد قتل مؤخرا، فيما لا يزال الباقون في خطر داهم وكبير كل ساعة، وقيادة العدو وجيشه يتحملون كامل المسؤولية”.

وفي إسرائيل، ما زالت عائلات الأسرى تحاول الضغط على الحكومة لإعادتهم، عبر تحركات عملية أحيانًا ورمزية. وأعلن أكبر اتحاد للنقابات في اسرائيل “الهستدروت” أن مئات الآلاف نفّذوا إضرابا لمئة دقيقة الأحد في مرور مئة يوم على احتجاز الأسرى.

لكن حماس ترهن مسألة عودة الأسرى الإسرائيليين بأمرين أولاً: “الوقف الكلي للحرب” و”الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية”.

وعلى صعيد الخسائر التي مني بها الجيش الاسرائيلي خلال أكثر من ثلاثة أشهر من حربه الشعواء على غزة وأهاليها، فقد ارتفعت حصيلة قتلى جيش الاحتلال إلى 523 ضابطا وجنديا بقطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، في حين تقول المقاومة الفلسطينية إن عدد قتلى الجيش الإسرائيلي أكبر من الرقم المعلن بكثير.

وكشف جيش الاحتلال إصابة 1106 من عسكرييه منذ بدء العملية البرية، 240 منهم إصاباتهم خطرة.

أما الحرب الاسرائيلية الغاشمة، فقد تسببت بدمار هائل في المنازل والشوارع والبنى التحتية والمستشفيات ما جعل غزة “غير صالحة للحياة”.

كما حولت الحرب مليوني فلسطيني، من أصل 2.3 مليون يعيشون في القطاع، إلى نازحين يحتمون إما في مراكز الإيواء أو داخل خيم في مخيمات مُستحدثة أو لدى أقاربهم.

وهؤلاء النازحون بالمجمل يعانون من أوضاع معيشية وصحية وصفتها تقارير دولية بالكارثية، وسط تخوفات من انتشار الأوبئة والأمراض في صفوفهم.

ورغم مرور 100 يوم من الحرب، يذهب محللون سياسيون إلى أن إسرائيل لم تحقق حتى الآن، الهدف المعلن المتمثل في تفكيك المقاومة الفلسطينية، وتقويض حكم وقدرات حماس العسكرية ويستبعدون إمكانية نجاح تل أبيب في تحقيق ذلك.

وأعلنت إسرائيل أنها ترمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف تتمثل في “القضاء على حماس”، و”إعادة جميع الأسرى”، و”ضمان ألا تشكل غزة مرة أخرى، تهديداً على إسرائيل”، بحسب ما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

لكن المحللون السياسيون يقولون أن “إسرائيل في ورطة حقيقية إذ أن الوقت أمامها أصبح ضيقاً للغاية، ولا يمكنها أن تنتصر وتقضي على حماس بالكامل.

ويؤكدون أن الحركة لديها امتداد على المستوى الجماهيري، وبالتالي حتى لو قُوضت بنيتها العسكرية، فهذا لا يعني انتهاءها ما يعني تغير شكل المقاومة الفلسطينية من نمط إلى آخر.

و “اليوم التالي” للحرب على قطاع غزة، كان له نصيبه هو الآخر من المقترحات والمبادرات الإقليمية والغربية، منها ما يشير إلى ضرورة إخراج حماس من القطاع، وعودة السلطة الفلسطينية إلى الحكم، وأخرى تدعم فكرة إطلاق حوار فلسطيني للوصول إلى شراكة سياسية استعداداً للمرحلة المقبلة.

لكن مراقبون يستبعدون أن تكون للسلطة في رام الله القدرة على إدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، “دون توافق وطني كامل وموافقة حماس والفصائل في القطاع”.

وعلى صعيد اخر يترقب الفلسطينيون والعالم خطوات محكمة العدل الدولية للنظر في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.

فقد دفعت هذه المأساة التي خلفتها آلة الحرب الإسرائيلية في غزة، جنوب إفريقيا لرفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، في 29 ديسمبر كانون/ الأول الماضي، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” في القطاع.

وعقدت العدل الدولية في لاهاي، يومي الخميس والجمعة، جلستي استماع علنيتين في إطار بدء النظر بهذه الدعوى. على أن تحدد المحكمة في الأيام المقبلة خطواتها المستقبلية بالدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.

وإجمالا فان الحرب الاسرائيلية العدوانية على غزة، تسببت بانعدام مقومات الحياة والصحة في قطاع غزة في ظل ارتفاع أعداد النازحين ومواصلة إغلاق المعابر وقطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود عن القطاع.

وعشية دخول الحرب الدامية في قطاع غزة يومها المئة، قالت الأمم المتحدة، السبت، إن النزاع “يلطخ إنسانيتنا المشتركة”.

 

 

 

محرر الموقع : 2024 - 01 - 16