اهون الامور في حفظ مبادئها
    


في العراق نخلط كثيرا بين اللعبة السياسية والوطنية، أي ان البعض يمارسها وغيرها من التكتيكات حتى لو كانت على حساب الوطن ومكوناته الإنسانية والحضارية والمواطن وان القائمين على أمره يبدون للناس تجاراً وانتهازيين لا يبغون غير تحقيق مصالحهم، وانعدام الثقة بهم وتفقد المؤسسات أي بريق قد يشد الناس إليها عن طريق التأسيس لظاهرة اللامبالاة والعزوف الاجتماعي و المشاركة بالرأي العام وعدم الاهتمام بعظيم المخاطر التي تصب حممها في الداخل من زرع الاختلاف وشق الصفوف وإضعافه وجعله لقمة سهلة لأعدائها بسبب الانشغال عن رد الأخطار الخارجية والاهتمام بمعالجة الأمور الداخلية التي من صلب عمل الحكومة وحق للمواطن بالمطالبة بها سلمياً ويجعلها اصحاب الفتن نقطة ارتكاز يثيرها أصحابها ويوقظونها من نومها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ولا يدركون سوء عملهم إلا بعد فوات الأوان والسفهاء، والجهَّال، هم من يوقظون الفتن ويوقدونها ولا يشعرون بنارها ومن يريدون شق وحدة الوطن بشكل يهدد الأمن ويزعزع الاستقرار وينشرون الإشاعات والأكاذيب ويثيرون المشكلات على كل المستويات ولا يفهمونها حتى تشتعل ناراً تحلق فوق حياتهم وتحرق أجسادهم .
نعم من حق الإنسان العمل في السياسة على ان لا يريد لثقافته السياسية أن يحكمها منطق أننا «قوم لا توسط بيننا»، بل منطق «وكذلك جعلناكم أمُة وسطا» كما في القرأن الكريم ؟ ومع الاسف فأن ممارسة السياسة من خلال منطق الفتن مشحون بالضغينة والنفور اتجاه مكون او اكثر من مكونات المجتمع أصبحت إشكالية سياسية كبيرة في العراق اليوم و تقوض كل محاولة للنهوض، للخروج من تحت عباءة الفساد ولتأجيل الاختلافات الأيديولوجية،والفرصة المناسبة لمراجعة فكرية عميقة للعمل ودراسة الاحداث والظواهر بدقة موضوعية حيادية تبتعد عن التحيّز والتعصّب والأفكار الشخصية والذاتية بل أنه مطلب للتطور وصورة من صور المشاركة وممارسة السياسية كجانب من جوانب حقوق الإنسان، الا أنه ومن غير المنطقي ان نتجاوز مصالحنا الوطنية وفي حفظ المجتمع وزجه في الكوارث والازمات من باب العمل السياسي، مما يجعلنا لذلك ومن باب الحرص ان نرفض عرقلة مسيرة الوطن بسبب هذه الممارسات الغير السياسية التي ينفذها البعض.
أنّ الذهنّية القائمة على خلق الازمات والخلافات بين افراد المجتمع  الواحد والطائفيّة المعلنة والمحاصصة والمجاهرة فيها لا يمكن أن ينجم عنها أيّ خطة إنقاذيّة أو حتى نيّة إنقاذ ، و الأزمات الوجودية لا تُقرب، والأوطان لا تُبنى، بهذه المنطلقات الأنانية والفئوية حيث المواطن غائب عن همومهم ولا قيمة له في معادلاتها.
الواقع الذي نعيشه اليوم في عراقنا الحبيب ، هو في ان اكثر سياسيوّنا لا يفقهون السياسة ، تقودهم هلوست الانفراد بالرؤيا فقط وتغلب عليهم ، كلٌ له رأي في الوطن والوطنية مخالف للحقيقة ، ولا نعرف من خولهم لقيادة البلد  بهذه الاشكال  حتى بلغت سياستهم  حدا لا تقبله منطق السياسة، ومشحونة بالمنهجية الواهية المتطفلة التي لا ترمي إلى بناء ، فتلك اللغة الهدامة لمعاني السياسة لا تعطي نتيجة المطلوبة ولا تعطي الحق في الوجود والمسافة مع أي فكر أيديولوجي بمسطرة النظام الديموقراطي ومبادئ المساواة والحريات ، وأصبح هم هؤلاء ليلاً نهاراً هدم الوطن بكل محتوياته، مكوناته لتبقى مصالحهم ، فهل تجد الحق في إعلان الهدم والفوضى بالوطن من دون أن تقبل الحساب فهل من السلمية أن تقايض الناس على ما ينتمون ويمتهنون ويوالون؛ ، وهل من الحق أن يعتدي السياسي ويسلب حق المواطن ويدعي ويتكلم بلغة الفوضى  بدل الأمن والأمان والسلم والسلام ، ولا نعتقد في مثل هذه الحالة من ان ولايتهم ولاية قانونية وشرعية لقيادة البلد و السياسة ليست لعبة ولا مهنة ولا خرافة ولا مطالب وهمية وليست تجارة دماء وبيع جثث وهدم ألامن الداخلي، وليس بالغريب أن من لا يمتلك الملكة السياسية، ومن خلت من نفسه الوطنية أو من يبحث عن مأوى لأجنداته الخاصة و لا يمكنه الوصول إلى نتيجة مرضية ، فØ!
 �اوحت السنين ولم يعد اليوم هنالك مبرر آخر لأزمات تتكرر بنفس المقدار والصورة السياسة علم ناضج وله ابعاد انسانية السياسة ونفسية، وله جذور تاريخية ومبادئ وقيم فيها أدوات عقلانية تستخدم للحاجة الضرورية، و ليست لعبة يمتهنها كل من هب ودب، فالتمكن من السياسة معناه التمكن في فتح الأبواب المغلقة، ومعرفة الأسرار المقتصدة.
 من الامور المهمة ويجب العمل عليها هي الاهتمام  بالدرجة الأساس بالمصلحة الوطنية والتي هي أساس وغاية كل من يريد أن يرتقي بشعبه ووطنه إلى أحسن المستويات و تراه أول المضحين وأخر المستفيدين . وعلينا ان نعتقد بأن  من يتنازل لمصلحة وطنه العليا هو بعينه النجاح الأكبر ويرى إن إشراك الجميع في صنع القرار هو من حق الجميع ولابد للجميع إذا أرادوا أن يبحثوا عن المصلحة الوطنية التي هي بالتالي مصلحة الجميع ومن خلالها يمكن تحقيق أي مصلحة أخرى ، وهذا بالطبع لا يأتي من التمسك والتعنت بالآراء بل بالعكس فأن اللعبة السياسية الحقيقية في العراق اليوم تدعوا إلى تنازل الجميع للوصول إلى فائدة الجميع .
 ان حالة التأجيج السياسي وحلقات التأزيم والمناورات والصراخ في الكشف عن حالة فساد من قبل البعض من السياسيين الذين ضربة مصالحهم الان من خلال شبكات الاعلام صحيحة ولا غبار عليها ولكن تدخل معظمه في اطار التكسب السياسي ولا غير وأن اكثرهم كانوا جزء من العملية السياسية وشركاء في تضخيم الفساد وتعاملوا بها والخلط بين مصلحة الدولة ومصلحة الفرد أو الجماعة أيا كانت قبيلة أم طائفة أم فئة يبقى هدفهم الاوحد ،لذلك فان سلامة العراق ولحمته الوطنية ووحدته وحاضره ومستقبله أهم بكثير من مثل هذه الممارسات السياسية الغير ناضجة والقائمة على فكرة ولعبة المصالح وإفساد المواطن على المواطن والتحشيد العشائري وشراء الذمم  لخلق الازمات والاحداث، ولابد للجميع ان يعي هذه المسألة وفي المقابل لابد وأن نعبر عن رفضنا رهن الوطن لكل عابث مهما علا أو كبر اسمه وشأنه .
عبد الخالق الفلاح             

محرر الموقع : 2020 - 09 - 26