بفوز الصدر ؛ هل تتحقق العدالة؟‎‎
    

بفوز آلصّدر؛ هل تتحقق ألعدالة!؟

هذا المقال هو آلثّالث ألذي كتبته شخصيّاً للسّيد مُقتدى الصّدر و تيّاره بعد فوزه في إنتخابات 2018م و نُشر في مواقع عديدة, لكنه لم يُشكل حكومته بعد مقالي الأول ذاك بعنوان[هل أنت لها أيها المقتدى](1) و إكتفى بمنصب مدير الأمانة العامة لرئاسة الوزراء, و أنا أيضاً في الحقيقة شككت بقدرته أنذاك لتغيير الأوضاع الفاسدة لتعقيداتها و لتشعّبها و كذلك لأسباب شخصيّة و فنّيّة و إجتماعيّة و داخليّة تخصّ التيار و الطوائف من حوله .. و خارجيّة تخصّ الوضع الدولي و التحاصصي و آلأتفاقي و (هيمنة الخارج على قرار الدّاخل) بحيث أنهكت العراق لفساد أفكار الأحزاب التي حكمت لسرقة ما أمكنها للضّالييين و بلا رحمة لبناء بيوتهم مقابل هدم ألأوطان لا غير و كما أثبتت الوقائع ذلك!!

ثم دعمته بمقال آخر(2) أنذاك بهذا الخصوص, لعلّه كان بسبب حبّي لأستاذي محمد باقر الصّدر الفيلسوف الفقيه المخلص الذي ضرب بشهادته أعلى المقايس في الفكر و الصّدق بسبب حبّه وعشقه(الصدر الأوّل) الشديد لله تعالى, و أضفت لهُ تساؤلاً كبيراً مفاده بآلنّص؛
[لماذا لا تنتخب أو تؤيّد المرجعيّة العليا التي تعرف كلّ شيئ شخصاً تثق به لقيادة العراق بدل الأحزاب الجاهليّة ألمتحاصصة ؟].
و هل حقّاً لا تعرف(المرجعية) فنون إدارة آلدولة و السياسية و الأقتصاد و آلتربيّة و تحقيق العدالة الإجتماعيّة كما يقول البعض!؟

في هذا المقال .. و هو ألثّالث : سأتقدّم متفائلاً و لو قليلاً و لا أريد تثبيط عزيمة (ألسّيد ألصّدر) لتغيير الوضع بشروط سبق أنْ ذكرناها و عرضناها مراراً وكرّرناها حدّ الملل عبر مئات المقالات و حتى الدّراسات و الكتب التي أصدرناها .. أَ تَقَدّم من خلاله سائلا نفس السؤآل السابق إبتداءاً : [هل أنت لها أيّها المُقتدى؟], لتحقيق ما هَدَفَ إليه ألصّدريون على قلتهم منذ عهد الفيلسوف الفقيه محمد باقر الصدر(قدس) ثم شهادة والدك (قدس) حتى هذا الزّمن فأصحاب الحق
ّ دائماً قليلون خصوصاً في هذا الزمن بعد شهادة أؤلئك العظام ..
و إذا كنتَ لها لتُبيّض وجه الإسلام و الشهدين العظيمين لتطبيق العدالة .. فهناك محطات أساسيّة عليك وضعها في مقدمة الأهداف ...
و إعلم يقيناً؛ بأنّ هناك حقيقة كبيرة يتّفق عليها أهل السّماء قبل أهل الأرض العقلاء و هي أنّ العدد ليس مهماً بقدر أهمية المبادئ و الوسائل و الأخلاص ..  فالنوع هو المهم و المُقدّم على باقي المقايس ومعك بآلتأكيد من عشقوا الشهادة و هم اكفاء وقد قال الله تعالى يصف نبيه الخليل بآلقول :[كان إبراهيم أمة] وهكذا الأمام الراحل حين وصف رئيس القضاء الأعلى, بقوله: [كان بهشتي أمة في رجل], .. نعم ليس كثرة الناس و الأحزاب و حتى الجماهير دليل على القوّة و النّصر و الكسب بآلحقّ .. بل الأهم هو طبيعة الفكر الذي تحمله الجّماعة المؤمنة و الأهداف الأنسانيّة المقدسة العليا التي تسعى لها؛ فهي المقياس و المحدّد و المؤشر الذي على أساسه تتمّ عمليّة النصر و الأصلاح و تغيير ألأوضاع الفاسدة إلى أوضاع عادلة تُمحى فيها الطبقيّة و الفوارق الحقوقيّة بحيث يتساوى راتب الفقير مع الرئيس و الوزير مع الموظف و الجندي مع الضابط و المسؤول مع الموظف, خصوصاً في مسألة الحقوق والرواتب و الخدمات و التقاعد و غيرها! و بذاك الشكل العلويّ للحُكم .. يُؤيّد الله جهودكم و ينصركم و الجّماعة المتّحدة على الفاسدين الكبار المُتنفّذين المترقّبين, الذين إن بقوا – أيّ الرؤوس المدبرة و المديرة لعمليات الفساد و النهب الظاهر و الخافي – فإن النجاح لن يتحقق!
 و آلتأئيّد المؤكّد لنصركم هو بحسب قوله تعالى في سورة هود / 118 .. حيث أبى الله تعالى أنْ يرحم النّاس ويؤيّدهم بجعلهم أمّة واحدة متراحمة و مُتحابّة ومتماسكة ومشتركة في حياتها لتحقيق أهدافها؛ ما لم يتطهّروا ويتَّصفوا - أيّ الجّماعة المؤمنة - أو التيار المتصدي للقيادة؛ بصفة الرّحمة و التعاون و تحابب بعضهم مع البعض لنصرة الحق و المظلوم و تحقيق العدالة العلويّة - الكونيّة!

إن الذي دفعني للكتابة مرّة أخرى و بشوقٍ رغم الشكوك التي تُراودني حول إمكانيّة التغيير لمعرفتي بطبيعة العراق و العراقيين و الوضع ألقانونيّ العام الذي حدّده قوى الخارج بتقسيم (السلطات ألثلاثة) و هي معظلة كبرى و شكل ظالم, حيث ينفى ذلك التقسيم أصل الانتخابات و فلسفة الدّيمقراطية على مساوئها من الأساس و بآلتالي آلمستقبل الواعد .. إنّ الذي دفعني رغم كلّ ذلك للكتابة؛
(هي كلمة السيد المقتدى التي أعلنتها للنّاس و التي تبعث على آلأمل و القوة و الخير بعد إستبيان نتائج الانتخابات مباشرة) ..

 و قد يتحقق ذلك الوعد في الأعلان .. لكن بشرط عدم تكرار ما تمّ في السّابق, و أول الأمور(الأهداف)؛ هي محاكمة الفاسدين مثلما فعل جدّك الأمام عليّ(ع) عندما رفض حتى المساومة أو المصالحة الشكلية رغم التوصيات الكثيرة من مقرّبيّه مع رأس الفساد (معاوية بن أبي سفيان) الذي إستطاع أن يُفتت بدهائه جمع المسلمين ويشيع الأرهاب والحرب و اللاإستقرا ليسيطر على الوضع؛ معلناً (الأمام)؛عدم شرعيّة ولايتة للشام .. بل و أعلن الحرب عليه و على منافقي و متحاصصي الداخل في الكوفة و البصرة في اليوم الأول من خلافته, و هكذا بدأ نظامه العادل لذلك آمن به أخيراً و بعد مرور القرون كل المفكريين و الفلاسفة كـ (روسو) و (هيجل) و المنصفين معهم و منهم هيئة الأمم المتحدة برئاسة كوفي عنان, ليخلد للأبد.
 
رغم عدم إيماني بمنهج أو صيغة (آلدّيمقراطيّة) للحُكم لأسبابّ فلسفيّة عميقة تتعلق بآلعدالة و بماهيّة الفكر الكونيّ من جهة  و طبيعة الأنظمة الدّيمقراطية التي رفضها حتى (ألفقهاء العرفاء و الحكماء و الفلاسفة العظماء منذ عهد سقراط و أرسطو و أفلاطون و قبلهم أوغسطين و الحكماء السّبعة في عهد اليونان القديم .. بجانب رفض الأنبياء و الأولياء جميعاً لذلك .. و السبب الثالث أيضا؛ هو الواقع الذي يعيشه شعوب العالم قاطبة بسبب الدّيمقراطية المستهدفة و حالة الطبقية التي هي نتاج واضح للدّيمقراطية في كلّ البلدان بما فيها ألدّيمقراطية و بشكل أخصّ الدول الرأسماليّة التي إتّخذت ألدّيمقراطيّة سلاحا لذرّ الرماد بوجه الناس لسرقتهم, حيث الفوارق الطبقية وصلت حدّاً لا يمكن ضبطها للأسف الشديد ممّا تسببت بإنتشار الظلم  و الطبقية و الإضطهاد المعيشي و الحرب و العنف و الأرهاب و النهب بشكل صارخ!!

و إنتقادنا هذا لا يعني وجود العدالة المطلقة .. أو حتى النسبيّة في أنظمة البلدان الأخرى سواءاً ألملكية أو الأسلامية أو الإشتراكية أو الشيوعية أو الأميرية أو الجمهورية منها و غيرها بل ربما هي أسوء بكثير منها! لأنها تعاني أيضا الفوارق الطبقية و التمييز القومي و العنصري و الحزبي و الطبقاتي و الحقوقيّ و العشائري بشكل صارخ, على كلّ حال هذا ليس محل بحثنا الآن .. لنرجع إلى الموضوع المطروح يا سيّدنا الجليل و أنت على أبواب تشكيل حكومتك الجديدة التي عليها الكثير من المهام الصعبة و أوّلها عدم التسامح مع الفاسدين الذين أكثرهم تقاعدوا لإستلام رواتب خيالية من دم الفقراء بآلاضافة إلى المصّريين على البقاء لقيادة الفساد و الظلم ..

و هناك خطوات أساسيّة تفصيليّة لا يمكن التهاون بها أو عليها بعد الخطوة الأولى التي أشرنا لها؛ يجب عليكم تطبيقها منذ آليوم ألأوّل لتحقيق السلطة العادلة و بقوّة و بلا مهادنة أو توافق أو تحاصص أو العفو عن الفاسدين أو السماح للمتقاعدين الكبار بإدامة فسادهم وهم يستنزفون برواتبهم الحرام لقمة الفقراء و ملبسهم و مسكنهم و صحتهم بشكل واضح و علني و مستمر, و إنّ مجرد التهاون أو حتى التلميح بتلك الصيغ الجاهليّة التي رفضها الأمام عليّ(ع) للتآلف مع الفاسدين السابقين أو العفو عنهم أو تركهم؛ ستؤسس لهدم الدّولة الجديدة و ستُحطم العدالة قبل كلّ شيئ .. مهما حاولت أو كنت محميّاً أو كانت تحيط بك قوات و مليشيات مسلحة في الظاهر و كما حدث في السابق و رأيتَ بوضوح مذابح المظلومين في بغداد و المحافظات من قتل و قنص و شهداء و جرحى و معوقين بآلآلاف.

إن تطبيقك لهذه الخطوة الكبيرة و الأساسيّة ضمان لإنتصارك في الخطوات اللاحقة من قبيل تشكيل حكومة مقتدرة و فاعلة و منسجمة لبناء الوطن و أول أساس للبناء بسيط جدّاً يا سيدنا و سأكتب لكم عنها بإذن الله و يتعلّق ببناء البيوت و العمارات و الشقق التي معها ستُسبب بتشغيل الملايين من المهندسين و العمال و الفنيين و الأطباء و المحاميين و القضاء و الأمن و العاطلين عن العمل من كل فئات المجتمع و الأهمّ أيضاً هو كسبك لتعاطف الشعب مع نهج الصدريين العظيمين اللذان تقدما للشهادة و لم يهمهم لا مكانة المرجعية ولا الأهل ولا المال و الجاه ولا ألأبهة!

فهل أنتَ لها بصدق و شجاعة هذه المرّة بعد فوزكم المُبين بأصوات الفقراء في الأنتخابات يا أيّها المقتدى!؟

أم ستترك الحبل على الغارب و تقف خلف الهدف لجمع الكرات الخارجة من الساحة و بآلتالي ترجع غاضباً أسفا كما رجع موسى عليه و على نبيّنا السلام و هو يلوم قومه؛ 
(بئسما خلّفتموني من بعدي أ عَجلتم أمرَ ربّكم) و النتيجة يكون إنتخابكم سبباً لإنتشار ألظلم وتحطيم آمال الفقراء و فساد العراق كله بعد ما جَرّب الشعب آلحاكمون السابقين الذين طبقوا ما إعتقدوا به من ثقافة أحزابهم ألمُتحجرة لتحقيق مصالحهم الخاصة ليستقرّ آلفقراء بإنسحابكم في قعر بيوتهم لقراءة دعاء الفرج ؟
وإنّي و الله أخاف عليكم من عذاب يوم عظيم, و إنا لله و إنا إليه راجعون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نُشر المقال بتأريخ 25 آيار 2018م بعنوان: [أيها المقتدى هل أنت لها؟], عبر الرابط التالي:

https://www.sotaliraq.com/2018/05/17/%D8%A3%D9%8A%D9%91%D9%8F%D9%87%D8%A7-%D8%A2%D9%84%D9%85%D9%8F%D9%82%D8%AA%D8%AF%D9%89%D8%9B-%D9%87%D9%84-%D8%A3%D9%86%D8%AA%D9%8E-%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%9F/
(2) الجولة الجديدة لحكم العراق, عبر الرابط:
ألجولة ألجّديدة ألمُخيفة لحُكم آلعراق!؟ ألعارف الحكيم : عزيز حميد مجيد – ::موقع منبر العراق الحر:: (manber.ch) 

...
محرر الموقع : 2021 - 10 - 12