الألمان يفتحون قلوبهم وبيوتهم للاجئين
    

هيمنت حوادث الحرق العمد والاحتجاجات ضد اللاجئين الذين وصل عددهم في ألمانيا هذا العام إلى 450 ألفا على عناوين الصحف بينما تواجه البلاد صعوبة في مواجهة تدفق أعداد قياسية من طالبي اللجوء الذين يفرون من الحرب والعنف والجوع.لكن هناك موضوعا صحفيا آخر في ألمانيا لا يحظى بنفس القدر من الاهتمام.
إنهم ملايين الألمان الذين يفتحون قلوبهم ومنازلهم لمساعدة جموع الفقراء المرهقين الوافدين من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا من أجل العثور على ملاذ وربما حياة جديدة في بلد لن يتوقف عن محاولة التكفير عن ماضيه النازي.ويمثل التوتر بين رافضي ومساعدي اللاجئين في ألمانيا التي تستقبل منهم أعدادا أكبر من أي دولة أخرى بالاتحاد الأوروبي، نموذجا مصغرا للصراعات بشأن هذه القضية التي تثير انقسامات في أوروبا خاصة في كاليه التي تتكرر فيها أعمال العنف.وأصبحت بلدة كيربن مانهايم الألمانية مدينة أشباح إذ هجرها السكان بعد أن اشترتها شركة (آر.دابليو.إي) لهدمها من أجل مشروع مستقبلي لحفر منجم مفتوح عمقه 400 متر. لقد تحولت إلى مقر إقامة مؤقت لثمانين لاجئا من الصومال وكوسوفو والبانيا والبوسنة.واستأجرت السلطات المحلية بعضا من المباني المقرر هدمها من شركة (آر.دابليو.إي) لحين الانتهاء من دراسة حالاتهم وهي عملية يمكن أن تستغرق شهورا وربما سنوات. هذا واحد من مجموعة من الحلول المبتكرة التي توصل إليها الألمان لمعالجة أزمة اللاجئين الذين وصل عددهم إلى مثلي ما كانوا عليه العام الماضي وبلغ 200 الف.
المهاجمون مقابل المساعدين


قال فولفجانج ايسر، وهو من الشخصيات العامة في المجتمع الألماني في كيربن مانهايم حيث غادر معظم سكان البلدة التي يرجع تاريخها إلى ألف عام ويبلغ عددهم 1600 نسمة منازلهم بالفعل: «دائما ما تحصل الأعداد الصغيرة من المتطرفين الذين يشعلون الحرائق على الاهتمام» .
وأضاف «لكن الحقيقة أن هناك عددا أكبر كثيرا من الناس في ألمانيا يعملون مقابل مشعلي الحرائق والمحتجين المناهضين للمهاجرين. هناك عدد أكبر كثيرا من الناس في ألمانيا الحريصين على مساعدة اللاجئين.»إن ايسر واحد من عدد لا يحصى من المتطوعين الذين لا يحظون باهتمام إعلامي في ألمانيا وهو يجمع قطع الأثاث والملابس والسلع المنزلية التي يتبرع بها مواطنون ألمان لتوزيعها على اللاجئين.
وتتناقض مشاهد طالبي اللجوء الذين يركبون الدراجات او ينتظرون مرور حافلة في شوارع كيربن مانهايم الخالية مع مشاهد مراكز اللاجئين المحترقة في بلدات مثل تروجليتز ورمشيجن.وهوجم نحو 150 مركز إيواء أنشئت حديثا ولحقت بها تلفيات أو دمرت هذا العام. 
وعادة ما يقوم المهاجمون الذين عقدوا العزم على الا يحصل اللاجئون على مأوى في أحياء جديدة من بلداتهم بإحراق هذه المراكز.
وقال هانز جورج ماسن رئيس جهاز الأمن الداخلي الألماني (بي.إف.في) لرويترز: «شهدنا تزايد عدد الهجمات على مساكن اللاجئين بدرجة ملحوظة خلال العام المنصرم ويساورنا قلق من أن يستمر هذا العدد في التزايد».
ألمانيا ملاذ للاجئين


اعتادت ألمانيا منذ زمن بعيد الترحيب باللاجئين في إطار تعاملها مع ماضي الرايخ الثالث حين فر نصف مليون من اليهود وغيرهم الذين اضطهدهم النازيون ووجدوا الملاذ في أكثر من 80 دولة. وبعد الحرب العالمية الثانية استقبلت ألمانيا 13 مليون نازح ولاجئ تقريبا فروا من شرق أوروبا إلى الغرب.وقال رفائيل ماسيمو (18 عاما) وهو واحد من مئات السكان الذين تبقوا في كيربن مانهايم إلى الغرب من كولونيا: «قدوم اللاجئين ليس مشكلة. 
مرحبا بهم جميعا.»وفي الوقت الذي قد يتخذ فيه العداء للاجئين أشكالا كثيرة من إطلاق السباب في وجوههم إلى شكوى ابناء الطبقة المتوسطة من تأثير وجودهم في أسعار المنازل فإن الدعم لهم أيضا يأتي في أشكال عديدة.وقالت هانلوره كرافت رئيسة وزراء ولاية نورد راين فستفاليا إن 150 موظفا حكوميا عادوا من التقاعد للمساعدة في استقرار اللاجئين وحمايتهم.
في هانوفر فتح قس شقة صغيرة قرب مكتبه يستخدمها الآن لاجئان من أفغانستان. في برلين استقبل زوجان مسنان رجلا في السابعة والثلاثين من عمره من غانا. أما في ميونيخ أصبح شاب في العشرين من عمره فر من أفغانستان عقب أن قطعت طالبان رأس اخيه حارس شاطئ بعد أن تغلب على خوفه من المياه.

كيربن مانهايم – رويترز

محرر الموقع : 2015 - 08 - 09