الفن والرياضة من وسائل نشر الثقافات
    

 

اهتمت غالبية  الحضارات السابقة والأمم السالفة في الاستفادة من الفن، للتعبير عن القيم التي يؤمنون بها، لذلك الفن يعبر عن ما يشعر به الناس،ويتحول هذا الشعور إلى أفكار، ويبدع أشخاص بكتابة قصص تعكس حقيقة  الثقافة والأديان التي يؤمن بها المجتمع.

الفنون تعتبر مصدر من مصادر توثيق أحداث تاريخية معينة، نقل لي جدي خليف راضي الهاشمي الخفاجي والذي توفي عام ١٩٨٤ وعاش أكثر من ١٢٠ سنة، كيف كانت القبائل العربية في قضاء الحي والعمارة وفي مدينة الحويزة يقومون في تمثيل قصة استشهاد الإمام الحسين ع قبل الحرب العالمية الأولى والتي وقعت عام ١٩١٤، حيث كان يصطف الناس ويمثلون قصة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بمشهد تمثيلي على الأرض.

الفن يساهم بشكل كبير  في مد جسور العلاقات ما بين أبناء الشعوب، في عمليات التنقيب عن الآثار تم اكتشاف رسوم ومنحوتات تعود للعصر البابلي والاغريقي والحضارة اليونانية، بعصرنا الحديث، 

لعب الفنانين أدوار مهمة افضل من الساسة من المدنيين والعسكر في التأثير على الحاضنة المجتمعية، الفنانين يخطفون  عقول الشباب ومن كلا الجنسين، ومن خلال الفن، تمكنت قوى محلية أو اقليمية أو دولية استعمارية من إيصال أفكارهم وساهموا في نشر ثقافة معينة تستهدف قوى معينة، عجزت قوى الاستعمار من اخضاعهم بقوة السلاح، جائوهم من طريق الفن، بحيث أصبح لدى غالبية الجماهير العربية المرتبطة في الأنظمة العربية إنطباع سلبي، أن أي قوة تطالب بحقوقها وربما تدخل في مواجهة عسكرية مع قوى عظمى  معينة، يكون أقوال الجماهير العربية أن ماحدث اتفاق بينهم.

من خلال الفن والمسرح والاعلام قامت عدد من الدول العظمى في إقناع العقول العربية انهم جبناء لا يستطيعون قول كلمة كلا، والذي يقول كلمة لا، تنظر إليه الجماهير العربية بعين الشك، كيف هذا خالف الإجماع العربي بالقبول بالذل والانبطاح.

تعمل وسائل الإعلام بمختلف انواعها، ويلعب  الفن من خلال المسرح والغناء والموسيقى،  على ترسيخ الأيديولوجيات  المختلفة داخل المجتمع، عمل البعثيين الاراذل على استخدام كل الوسائل لمسخ المجتمع العراقي، لكن بسبب طائفية وشوفينية البعث سقطت خططهم.

بينما لننظر إلى سينما هوليود الأمريكية كيف تنتج آلاف الأفلام وبكل لغات العالم لتنال إعجاب مئات ملايين الشباب وبمختلف قارات العالم، وأصبحت الثقافة الأمريكية داخل بيوت الناس، من خلال الأفلام السينمائية الراقية.

لننظر إلى السينما والمسرح التركي كيف المسلسلات التركية نشرت الثقافة التركية، بحيث الكثير من المراقبين، اعتبروا أن تركيا تريد إعادة سيطرتها العثمانية من خلال الفن التركي ومن خلال عملاء طيب اردوغان أعضاء وقادة حركات الإخوان المسلمين، المنتشرين بكل الدول العربية والاسلامية، المسلسلات التركية المدبلجة، أصابت فتيات العرب بالجنون والهستيريا، بحيث هربت مئات الفتيات من السعودية والخليج لطلب اللجوء في استراليا وكندا وامريكا، بل هناك فتيات عربيات وقعن فى غرام  شاب تركي اسمه مهند، وهذا الشاب التركي يصرخ ويقسم لهن في باغلظ الايمان انه متزوج، لكن فتيات من دول الخليج يعرضن على مهند إعطائه الأموال لكي يقبل بزواجهن. 

لننظر إلى السينما الإيرانية باللغة الفارسية والتي تألقت في عمل المئات من الأفلام التي تخص سيرة الرسول محمد ص والإمام علي بن ابي طالب ع وفاطمة الزهراء ع والحسن والحسين وبقية الأئمة عليهم السلام بطرق سهلة عكست الجانب المضيء إليهم صلوات الله وسلامه عليهم، السينما الإيرانية مثلت افلام ومسلسلات حول الانبياء، ولنا بمسلسل يوسف الصديق التي أعجبت العالم المسيحي قبل الاسلامي، بحيث بث مسلسل يوسف الصديق من قبل قنوات مسيحية عربية،  لذلك يلعب الفن بكل أنواعه دور اساسي ومهم في ترسيخ وتقوية المعتقدات الروحية والعمل على زرع  القيم والعادات والتقاليد والقيم  الأخلاقية بنفوس الناس، يلعب الفن دورا رائدا في  تنظيم القيم المجتمعية، الفن مكمل للقوانين التي تنظم المجتمع.

لننظر إلى مانراه من محتوى هابط في القنوات الخليجية، بعد تورط دول الخليج بنشر الإرهاب والتطرف الوهابي، عمدت السعودية وبقية دول الخليج على تمويل فتح قنوات لنشر التطرف وكذلك تمويل قنوات لنشر الدعارة والفساد، لذلك  الطغاة دائما، يستغلون الفن  لتقديم نسخ منحطة وأعمال مبتذلة في سبيل تغيير الموروث الثقافي. 

في السعودية فهم الإصلاح الثقافي والديني بشكل مغلوط، صحيح السعودية صرفت مليارات الى مؤسسة الترفيه وأصبحت وزارة، وتم تنصيب احد أحفاد الشيخ محمد عبدالوهاب مؤسس الوهابية ليكون وزير للترفيه وهو تركي الشيخ، نظم حفلات ماجنة، لكن هذه الحفلات لا يمكن أن تصلح الفكر الديني، الإصلاح يتم من خلال حذف فتاوى التكفير التي يعتاش عليها الإرهابيون الذباحين، حذف الفتاوى التكفيرية هي الوسيلة الوحيدة للإصلاح الديني والثقافي والأخلاقي والقيمي بالمجتمع السعودي.

يلعب الفن والرياضة بكل انواعها وخاصة في دول العالم الثالث، دور مهم، في زيادة حماس الجماهير، بشكل جنوني،  كرة القدم لها طعم خاص ومهم في نفوس أبناء الشعوب العربية، بل كرة القدم تكون عابرة إلى الحدود والقارات، بسنوات الإرهاب، تم استهداف تجمع لشباب عراقيين شيعة في قضاء بلد يشاهدون مباراة ريال مدريد وبرشلونة، واستشهد أكثر من ستين شاب شيعي عراقي من أبناء قضاء مدينة بلد.

في بطولة آسيا الحالية رأينا تضامن الجماهير العراقية مع المنتخب العراقي، تصوروا ابني ولد خارج العراق، حجز هو و جماعته وذهبوا الى الدوحة لتشجيع المنتخب العراقي، وشاهدته وجماعته يحملون اعلاما عراقية في لعبة  المنتخب العراقي عبر عدة شاشات قنوات فضائية عراقية.

الكثير من أنظمة الخليج أصابهم الذعر لكون الجمهور العراقي ذكر اسم الرسول محمد ص والإمام علي ع وفاطمة الزهراء ع والحسن والحسين ع، كاتب سعودي كتب مقالاً قال الشيعة يستثمرون المناسبة، يا شارب بول البعير، أقيمت بطولة الخليج بالبصرة، وقام الشيعة في إطعام مئات آلاف العرب واسكانهم مجاناً، الجماهير العراقية الشيعية بطبيعتهم يعشقون محمد ص وآل بيته، ولابأس يكون الرسول محمد ص وآل بيته قدوة وشعار للشيعة، في استطاعة القوى الخليجية تفعيل  شعار جهاد النكاح والمناكحة، ليكون ماركة مسجلة خاص في الثقافة  الوهابية أتباع السلف، ههههه.

اقول الى الإعلام السعودي البطولات الرياضية والفنية باتت كثيرة في آسيا وافريقيا، اذا الشيعة يروجون لثقافتهم بالرياضة  فأنتم لديكم مهرجان ترفيهي  وصف بالخيالي في موسم الترفيه والتعارف في مهرجان  الرياض العاصمة السياسية لمملكة خادم الحرمين الشريفين، يمكن لكم استغلال مهرجان الرياض بنشر الثقافة السعودية، منها جهاد النكاح والمناكحة، شرب ابوال البعير والحمير، لديكم ابداعات علمية وثقافية يمكن ترجمتها على أرض الواقع مثل ما ترجم الشيعة أفكارهم على أرض الواقع.

انا عشت في مملكة الدنمارك ثلاثين سنة من حياتي، ثقافة المجتمع مترسخة بشكل جيد، مترجمة من خلال الإعلام والثقافة والفن والرياضة،  فريق الدنمارك فاز في بطولات أمم أوروبا ونافس فرق في بطولات كأس العالم، عندما تجرى مباراة كرة القدم يقف الغالبية لمشاهدة مباراة كرة القدم، أن فاز الفريق يحتفلون وإن خسر الفريق يتفرقون بعد المباراة ويقولون نتمنى للفريق حظ سعيد في المباراة أو البطولات القادمة، وينتهي كل شيء، ولم نسمع أحد طالب بطرد المدرب أو معاقبة اللاعبين، بزمن صدام الجرذ وابنه عدي الكسيح كان يسجن ويعافي الرياضيين ويحلق شعر رؤوسهم مثل مافعل مع احمد راضي، وكان يفترض في احمد راضي أن ينتقد عدي الكسيح بعد سقوط نظام البعث، لكنه تطبع على الذل وبقي خانع مع البعثيين إلى آخر من يوم من أيام حياته، حدث حوار بيني وبينه بمحطة بي بي سي، في بداية  حواري معه طلبت منه أن يتبرأ من أفعال صدام الجرذ وابنه عدي الكسيح بحق أبناء الشعب العراقي لكنه رفض، وهذا دليل  انه كان يعيش في ذل وعبودية.

بحقبة نظام البعث عندما يفوز الفريق العراقي يهدى الفوز إلى صدام الجرذ ونجله عدي الكسبح، ولازال بيننا اليوم، يكتب معنا بالصحافة، من  كان صحفي يعمل مع عدي الكسيح، يهدي فوز المنتخب إلى عدي الكسبح،  اكيد يقرأ مقالي هذا ويعرف نفسه وإذا كان منصف ومتحرر من عقدة العبودية فهو يُصدق قولي هذا، لكن من النادر نجد بعثي من أنفسنا نزيه إلا ماندر.

بعد خسارة المنتخب الوطني العراقي، ورغم قساوة الجماهير الرياضية العراقية مع لاعبي المنتخب الوطني العراقي، يوم أمس عن طريق الصدفة تابعت قناة العراقية الإخبارية، شاهدت السيد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استقبل الفريق العراقي وقدم لهم الشكر، بينما كان اللاعب العراقي بحقبة صدام الجرذ، اذا خسر المباراة يبقى يعيش في قلق وتخيلات كيف لون وشكل العقوبة التي تطاله من الأحمق عدي الكسيح.

طبيعة البشر مختلفين ولذلك يتم استغلال الرياضة والفن في الصراعات الايدولوجية، قبل سنة لعب المنتخب الأمريكي والايراني بكرة القدم، حتى الرئيس جو بايدن شاهد المباراة، وهنأ المنتخب الأمريكي الذي فاز على المنتخب الايراني، ولو فاز المنتخب الإيراني بالتأكيد الرئيس الإيراني يكتب تهنئة إلى المنتخب الإيراني.

لذلك لايمكن فصل الفن والرياضة  عن الصراعات الآيديولوجيا والخلاف البيني بين الدول.

بما انا اتبنى الفكر اليساري فإن الإيديولوجيا عند الرفيق كارل  ماركس، تعني  المنظومة الفكرية التي تعكِس واقع وطموح طبقة اجتماعية ما، وذلك من حيث أن إنتاج الأفكار والتصوّرات والقيم في كل مجتمع مرتبط بالنشاط الاجتماعي وبالإنتاج والتبادل الاقتصادي.

الايدلوجيا تعكس الواقع الاجتماعي، لذلك الفن بكل أنواعه يعكس الايدولوجيا المجتمعية، في أوروبا وفي العراق وفي إيران لايمكن شرب ابوال الحمير والجمال، بينما في السعودية والخليج واتباع الوهابية بكل اصقاع العالم لايتحرجون من شرب ابوال الجمال والاغتسال بها، وياكلون الضب بشكل جدا طبيعي وشهي.

أمس وقعت حادثة في الجماهيرية الليبية العظمى، أثار مقطع فيديو بسبب أغنية لشابة ليبية، هذه الأغنية سببت الكثير من الجدل عبر السوشيال ميديا،  وتسببت في اعتقال المطربة  الليبية وقد وجهت إليها تمت  خدش الحياء، وقام أنصار تنظيمات القاعدة بإلقاء القبض عليها وايداعها السجن،  وقد انتشر الفيديو، من خلال حفلة في  أحد الأعراس  وقد  ظهرت الفنانة الشعبية فاطمة الطرابلسية، والتي تم تسميتها من قبل الجمهور القبلي الليبي في اسم فني   بـ الحمصة، وهي تقوم بإلقاء  أغنية قد اعتبرها الكثيرون أن كلماتها قد تشجع على الانحلال

وقد اعتقلت السلطات الأمنية الليبية الفنانة الشعبية وذلك بعد انتشار مقطع فيديو وهي تؤدي أغنية قامت السلطات في اعتقالها.

أمس شاهدت مقطع فيديو في السوشيال بمواقع التواصل،  يصور مشاهد في موسم الترفيه بالرياض في المملكة العربية السعودية، شاهدت تطور كبير، قامت فتاة في الاحتفال باظهار ملابس نسائية داخلية وهي تلوح إلى الحشود البشرية المتعطشة والمتوحشة والتي تعاني من عقدة الكبت الجنسي، نعم هو هذا الإصلاح في المملكة العربية السعودية.

في الختام الفن والرياضة وسائل ترفيه ومتعة لكنها تحمل قيم الشعوب التي تؤمن بها لإظهارها للشعوب الأخرى.

 

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

3/2/2024

محرر الموقع : 2024 - 02 - 03