بمناسبة الانتفاضة الشعبانية: مفهوم النصر في القرآن الكريم (ح 4)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
جاء في موقع مع الله صفحة مقالات عن مفهوم النصر في القرآن الكريم: 1- مفهوم النصر: النصر هو العون، والتأييد، والعطاء، ودفع الضر، فنصر فردٍ أو جماعة يشمل إعانتهم بالقول أو الفعل، وتأييدهم بالقول أو الفعل، وإعطاءهم ما ينصرهم، ويدفع الضر عنهم. 2- كلمة النصر في القرآن الكريم وردت كلمة نصر في القرآن الكريم 140  مرة. والصيغ التي وردت، هي: – الفعل الماضي ورد 15 مرة قال الله تعالى: "وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ" (آل عمران 123) – الفعل المضارع ورد  43  مرة قال الله تعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ" (محمد:7) – فعل الأمر ورد  8  مرات قال الله تعالى: "قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ" (البقرة 250) – المصدر ورد  22  مرة قال الله تعالى: "حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ" (البقرة 214) – اسم الفاعل ورد  15  مرة قال الله تعالى: "فَمَا لَهُۥ مِن قُوَّةٖ وَلَا نَاصِرٖ" الطارق:10 – الجمع ورد  11 مرة قال الله تعالى: "وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٍ" (البقرة 270) – الصفة المشبهة: ورد ت  24  مرة قال الله تعالى: "وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ" (البقرة 107) – اسم المفعول ورد مرتين قال الله تعالى: "فَلَا يُسۡرِف فِّي ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورٗا" (الإسراء 33) وجاء النصر في الاستعمال القرآني على أربعة أوجه: الأول-  المنع قال الله تعالى: "وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ" (البقرة 48) يعني: ولا هم يمنعون. الثاني-  العون قال الله تعالى: "وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج 40) الثالث-  الظفر قال الله تعالى: "وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ" (آل عمران 126) يعني: وما الظفر الرابع-  الانتقام قال الله تعالى: "وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعۡدَ ظُلۡمِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَا عَلَيۡهِم مِّن سَبِيلٍ" (الشورى 41) يعني: انتقم. 3- الكلمات ذات الصلة  بكلمة النصر – الفتح:الفتح  هو الإظهار على العدو بفتح البلاد. قال الله تعالى: "إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا" (الفتح 1). إنا فتحنا لك أيها الرسول فتحًا مبينًا، يظهر الله فيه دينك، وينصرك على عدوك، وهو هدنة الحديبية التي أمن الناس بسببها بعضهم بعضًا، فاتسعت دائرة الدعوة لدين الله، وتمكن من يريد الوقوف على حقيقة الإسلام مِن معرفته، فدخل الناس تلك المدة في دين الله أفواجًا، ولذلك سمَّاه الله فتحًا مبينًا، أي ظاهرًا جليًّا. وتعليقا على ما جاء في صفحة مقالات فقد اعان الله ثوار الانتفاضة الشعبانية ولو بعد حين "وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓ" (الحج 40) وقد انتقم الله من صدام وزمرته "وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعۡدَ ظُلۡمِهِ" (الشورى 41) وقد فتح الله للمنتفضين ابواب رحمته "إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا" (الفتح 1).
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: "وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ" (الاعراف 137). و (صنع) كما يقول (الراغب) في (المفردات) يعني الأعمال الجميلة، وقد وردت هذه اللفظة في الآية الحاضرة بمعنى الهندسة الجملية الرائعة التي كان يستخدمها الفرعونيين في أبنيتهم. و (ما يعرشون) في الأصل تعني الأشجار والبساتين التي تنصب بواسطة العروش والسقف، ولها جمال عظيم وروعة باهرة. و "دمرنا" من مادة (التدمير) بمعنى الإهلاك والإبادة. وهنا يطرح السؤال التالي وهو: كيف أبيدت هذه القصور والبساتين، ولماذا؟ ونقول في الجواب: لا يبعد أن ذلك حدث بسبب زلازل وطوفانات جديدة وأمّا الضرورة التي قضت بهذا الفعل فهي أن جميع الفرعونيين لم يغرقوا في النيل، بل غرق فرعون وجماعة من خواصّه وعسكره الذين كانوا يلاحقون موسى عليه السلام، ومن المسلّم أنّه لو بقيت تلك الثروات العظيمة، والإمكانيات الاقتصادية الهائلة بيد من بقي من الفراعنة الذين كان عدد نفوسهم في شتى نواحي مصر كثيرا جدا لاستعادوا بها شوكتهم، و لقدروا على تحطيم بني إسرائيل، أو الحاق الأذى بهم على الأقل. أمّا الإمكانيات والوسائل فإن من شأنه أن يجردهم من أسباب الطغيان إلى الأبد. ومصداقا لتفسير الشيخ الشيرازي فان الله جل جلاله جعل قصور صدام سجنا له و لعصابته لتكون آية لكل طاغ قتل شعبه ووضعهم في مقابر جماعية كما حصل في الانتفاضة الشعبانية.
جاء في الموسوعة الحرة عن انتهاكات مسندة إلى صدام حسين: أوامر وقوانين الاعدام: سن صدام حسين خلال فترة حكمه بعض القوانين الفارضة للإعدام ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أصدر قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 840 في 4/11/1986 الذي ينص على (يعاقب بالسجن المؤبد ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة من أهان بإحدى طرق العلانية رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه أو مجلس قيادة الثورة أو حزب البعث العربي الاشتراكي أو المجلس الوطني أو الحكومة. وتكون العقوبة الإعدام إذا كانت الإهانة أو التهجم بشكل سافر وبقصد إثارة الرأي العام ضد السلطة. ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس أو الغرامة من أهان بإحدى طرق العلانية المحاكم أو القوات المسلحة أو غير ذلك من السلطات العامة أو الدوائر أو المؤسسات الحكومية). إعطاء (صلاحية الحكم بالإعدام الفوري لآمري الفصائل صعودا إلى قادة الفيالق) والتنفيذ (ضد الجبناء والخونة) مع تزامن القضاء مع العقاب. ونقل سلطة العقوبة إلى أسفل هرم الجيش يعني أن آمر الفصيل له حرية التصرف بأن يقرر إجراء تحقيق أو أن يمارس تلك الصلاحية المطلقة للإعدام الفوري. وتم تطبيق هذا القانون بقوة على أي غائب عن جبهات القتال في الحروب العديدة التي خاضها الشعب العراقي. إصدار قانون 31 آذار 1980 الذي لا سابقة له في إعدام جميع أعضاء حزب الدعوة الإسلامية والمتعاطفين معه والمروجين لأفكاره وكل ذلك بأثر رجعي ودون محاكمة مسبقة وفق القرار المرقم 461 الصادر من (مجلس قيادة الثورة) وبتوقيع صدام حسين بتاريخ 31-3-1980. الجريمة الشهيرة والتي تم فيها اعتقال 42 من كبار تجار بغداد مع عدد من العاملين معهم الذين تم اقتيادهم مباشرة إلى قاعة المحكمة وإصدار حكم الإعدام بحقهم وإعدامهم بتهمة احتكار السوق. وبعد سقوط نظام حكم صدام حسين تم التحقيق في الجريمة وعن أهم الوثائق والصور في ملف القضية، قال المصدر القضائي أن (الوثائق والأقراص المدمجة تبين أن رئيس النظام السابق صدام حسين، أصدر توجيهاته يوم 25 من تموز/ يوليو 1992 إلى وزير الداخلية ومدير الأمن العام للقيام بحملة كبيرة لاعتقال تجار المواد الغذائية في سوقي الشورجة وجميلة ببغداد، ما أسفر عن اعتقال أكثر من مائتي تاجر، انتقي منهم 40 تاجراً أرسلوا عصر نفس اليوم إلى المحكمة الخاصة في وزارة الداخلية آنذاك واستمرت المحاكمة حتى بعد منتصف الليل، وانتهت بإصدار أحكام الإعدام على جميع المتهمين وتنفيذ الحكم في اليوم التالي مباشرة دون منحهم فرصة مقابلة ذويهم أو توديعهم وبدون حضور الادعاء العام أو رجل دين.) حسب تصريحها عدة مرات، تعرضت عائلة الشاعرة الآشورية العراقية فيفيان صليوا للتعذيب بسبب معارضتهم للحكم البعثي و(لقد قام نظام صدام حسين بإعدام أعز الناس إلى وكان ذلك عندما كنت في سن صغيرة). وسببه نشاط معارض لدى عمّها الذي كان له حركة سريّة تعمل ضد نظام صدام، كانوا يبحثون عنه، (وحينما لم يجدوه قرروا إعدام العائلة كلها تحت التعذيب بسبب شخص واحد وهو عمي و في وقت لاحق تمكنوا من اغتيال عمي في كمين نصبوه له).
كتب الدكتور عصام بيطار: على مدى عقدين من الزمان، اختفى أكثر من مائتي ألف عراقي في سجون صدام حسين دون أثر: قصص انتزاع الأظافر، وتقشير العيون، والإغراق بالدلو، واغتصاب زوجات وبنات السجناء لإجبارهم على الاعتراف بكل ما يحلو له، كلها تملأ المذكرات والشهادات والتقارير السرية التي خرجت من سجون الجحيم تلك. لم يتردد صدام حسين من خداع المجتمع الدولي واستغلال جوع شعبه في تعبئة جيوبه الخاصة، ففي سنة 1999، تم ضبط سفينة محملة بأكثر من ألفي طن من الأرز في طريقها إلى خارج العراق لتصدير تلك المعونات مقابل المال بدلًا من استخدامها لإطعام الشعب العراقي.كما تم العثور على مئات الأطنان من حليب الأطفال الذي تم بيعه للعراق من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء في الأسواق في جميع أنحاء الخليج، مما يدل على أن صدام حسين كان يحرم شعبه من السلع التي هو بأمس الحاجة إليها لتحقيق أرباح غير مشروعة. تسببت سرقات صدام حسين وأعوانه تلك بارتفاع أعداد وفيات الأطفال في العراق لأكثر من الضعف بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية وحليب الأطفال، بينما في ذات الوقت قدرت أرباح صدام حسين وعائلته من المتاجرة بأرزاق شعبه وحياة أطفالهم بأكثر من ستة مليارات دولار سنويًا للفترة الممتدة ما بين 1997 و2003. لقد كان حكم صدام حسين عبارة عن قصة رعب تمتلئ صفحاتها بالتعذيب، والإعدام، والتهجير، والإرهاب، والإبادة بلا محاكمات، والاعتداء، وقطع الرؤوس ميدانيًا، التي نفذت في كثير من الأحيان من قبل عصابة فدائيي صدام الإجرامية التي قادها نجل صدام الأكبر عدي حسين، والذي له سجله الخاص الحافل بالإجرام و السادية والوحشية. ومع كل هذا، يتفاجأ القارئ الواعي حين يرى مقدار الإعجاب والتبجيل والتقديس الذي يصل إلى حد العبودية تجاه هذا المجرم من قبل الكثير من العرب، خصوصًا في مجتمعات بلاد الشام.
 
 
 
 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 02 - 26