مراتب الوجود و عوالمها : القسم الأوّل
    

 

 

 

حسب منهج أصول (الفلسفة الكونيّة العزيزيّة)؛ قرّرنا بعد البحث و المطالعة و التفكر العميق في رؤى وفلسفة الوجود لدى كبار الفلاسفة العرفاء عبر التأريخ كأبو سعيد أبو الخير و البسطامي و شمس التبريزي و الملا صدرا و السهروردي و إبن سينا و إبن عربي و تلامذته كصدر الدِّين و من سبقهم في بعض الميادين العلميّة و الفلسفيّة زمن اليونان القديم كفيثاغورس و أوغسطين و أرسطو ؛

 

 قرّرنا تحديد مراتب للوجود كطريق لدخول و فهم عوالم جديدة تفتح آفاق الأنسان و الخلق في عالم الممكنات لمعرفة قدرة و عظمة واجب الوجود و ممكن الوجود و ممتنع الوجود و بآلتالي مكاننا في هذا الترتيب, لأننا لا نريد أن نعيش صغاراً و نموت صغاراً كما هو حال الجميع تقريباً كطفليين يعتاشون على نتاج أفكار الآخرين.
 
و البداية من (آلذات الألهية) و هي المنطلق لكل الممكنات و العوالم و آلآفاق الكونية .. إذن :
 
ألمرتبة الأولى في المعرفة الكونيّة هي :
- ألذّات الإلهية : و يتمحور حولها الرّوح كمدار مشترك و حدود مع ممكن الوجود الذي يبرهن بدوره على ممتنع الوجود.
المرتبة الثانيّة في المعرفة الكونية هي :
- عالم الأمر : كآلرّوح و القرآن الكريم و هو وجود غير محكوم بآلزّمكاني و ليس حاكماً للزّمكاني أيضاً, و في كل عالم منها عوالم و طبقات .. فمثلاً (الروح) على سبيل المثال تتكون من مجموعة قوى كروح القدس وروح الإيمان و روح الشهوة و روح التسلط و هكذا.
ألمرتبة الثانية في المعرفة الكونيّة هي :
- عالم الخلق : يتكون من مرتبتين :
 
ألأولى؛ و جود مخلوق غير محسوس و هو الأقرب للرّوح و بآلتالي للذات المقدسة, لكن تلك (آلروح) التي عندما تتّحد مع البدن تصبح (نفساً) و تكون بآلتالي الأقرب للمشاعر و الحواس, و كذلك عالم (آلجّن) أيضاً يعتبر مرتبة في عالم الخلق الغير المحسوس لكن له مصاديق في وجودنا كآلعفاريت و آلبعض من الحيوانات, ثمّ عالم الملائكة التي تحيط بآلعرش و تنفذ مسؤوليتها بإتقان تام لا تخطأ أبداً .
 
ألثانية؛ و جود مخلوق محسوس, كعالم المادة التي تنتمي إليه أجسادنا أو أجساد المخلوقات الأخرى, وهو محكوم بقوانين الزمكاني, و علينا أن ندرك بأن هذا المحسوس لا يمكن إحساسه إلّا عندما تتصل بآلروح, التي بدونها تصبح مجرد كومة تراب أو من مادة معينة, حيث إن جميع الوجود تحكمها أربعة عناصر هي : [الهواء] و [النار] و [التراب] و [الماء]. و التي تحدد نوع المخلوق من خلال المقادير النسبية التي تكون المخلوق المعني, كآلبشر الذي يكون نسبة الماء في وجوده بحدود 87% والباقي يتشكل من مكونات أخرى من عناصر التراب و الحرارة و غيرها , و هكذا بآلنسبة لبعض المخلوقات تكون نسبة النار فيها هي الطاغية على نسب باقي المكونات, أو نسبة العناصر الترابية تطغى على النسب الأخرى.
 
و في كل الأحوال فأنّ (عالم الأمر)  و (عالم الخلق) يعودان لله تعالى, [أَ لَا له الخلق و الأمر تبارك الله ربّ العالمين](الأعراف/54).
فعالم الأمر الذي أبدعه الله تعالى يتعلق بصفاته مباشرة, و هو الذي خلق عالم الخلق الذي يحتاج في كل لحظة لله تعالى , حيث يعطيه الله تعالى حيثيّات وجوده؛ [إن الله يمسك السموات و الأرض أن تزولا و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعد الله, إنه كان حليماً غفوراً](فاطر/42).
يعني ؛ إن إمساك السموات و الأرض الذي يمثل (جسد السموات و الأرض) من الزوال يكون بواسطة أمر الله تعالى (عبر عالم الأمر).
[و من آياته أن تقوم السماء و الأرض بأمره](الروم/25).
 
و السؤآل الذي يطرح نفسه مقابل هذا أمامنا .. هو :
[ما هو هذا آلموجود؟] و :
[كيف نعرف هذا الموجود؟].
وما الذي يجب أن نعرفه !؟.
الجدير ذكره أنّ الفيلسوف (كانط) إستنبط فلسفته المشهورة بشأن المعرفة من هذا الذي قرّره عرفاؤونا السابقين بألف عام,
حين قال:
ما هي المعرفة؟ و ما الذي يجب أن أعرفه؟ و هل وجودي يمثله الفكر فقط؟
و على أساس مدى و كيفية الجواب على ذلك يتحدّد دورنا و حياتنا و مصيرنا, و بآلتالي جائزتنا التي وعدنا بها الله تعالى.
يرجى التّفكر عميقا بتلك الأسئلة الكونيّة – الهامة .
و إلى هنا ينتهى القسم الأوّل من البحث .. و سنكمل في القسم الثاني إن شاء الله.
ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد
 
 
 
 
 
 

 

 

 

محرر الموقع : 2024 - 02 - 29