جناس كلمة بعل في القرآن الكريم (زوج، صنم) (ح 1)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
الجناس هو التشابه بين الكلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى مثل كلمة بعل تأتي بمعنيين زوج و صنم. الجناس التام: قوله تعالى: "وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ" (الرحمن 7-9) فقد جاءت كلمة (الميزان) في المرّة الأولى بمعنى الشرع الذي تُوزَن به الأحكام، والأعمال في الجماعات، أمّا في الثانية، فهو مصدر ميميّ يعني الحُكم والقضاء والتقدير، بينما جاءت في الثالثة بمعنى المعروف، والقِسط. و البعل جناس تام كما (لا خير في بعل اذا كان بعلا) أي لا خير في (بعل) زوج إذا جعل من نفسه (بعلا) صنما يجب طاعته في حرام كما جاء في الحديث الشريف (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
وردت كلمة بعل ومشتقاتها في القرآن الكريم: وَبُعُولَتُهُنَّ، بَعْلِهَا، بَعْلِي، لِبُعُولَتِهِنَّ، بُعُولَتِهِنَّ، بَعْلًا. جاء في معاني القرآن الكريم: بعل البعل هو الذكر من الزوجين، قال الله عز وجل: "وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا" (هود 72)، وجمعه بعولة، نحو: فحل وفحولة. قال تعالى: "وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ" ﴿البقرة 228﴾، ولما تصور من الرجل الاستعلاء على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها كما قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء" (النساء 34)، سمي باسمه كل مستعل على غيره، فسمى العرب معبودهم الذين يتقربون به إلى الله بعلا، لاعتقادهم ذلك فيه في نحو قوله تعالى: "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ" ﴿الصافات 125﴾. عن کتاب تفسير غريب القرآن للمؤلف فخر الدين الطريحي النجفي: (بعل) بعل المرأة: زوجها قال تعالى: "وبعولتهن أحق بردهن" (البقرة 228) وبعل اسم صنم أيضا قال تعالى: "أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين" (الصافات 125) وقيل: تدعون إليها سوى الله ويقال: فلان بعل هذا: أي ربه ومالكه. جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا" (البقرة 228)، البعولة جمع البعل وهو الذكر من الزوجين ماداما زوجين وقد استشعر منه معنى الاستعلاء والقوة والثبات في الشدائد لما ان الرجل كذلك بالنسبة إلى المرأة ثم جعل اصلا يشتق منه الالفاظ بهذا المعنى فقيل لراكب الدابة بعلها، وللارض المستعلية بعل، وللصنم بعل، وللنخل إذا عظم بعل ونحو ذلك.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (البقرة 228) البعولة جمع البعل وهو الذكر من الزوجين ما داما زوجين وقد استشعر منه معنى الاستعلاء والقوة والثبات في الشدائد لما أن الرجل كذلك بالنسبة إلى المرأة ثم جعل أصلا يشتق منه الألفاظ بهذا المعنى فقيل لراكب الدابة بعلها، وللأرض المستعلية بعل، وللصنم بعل، وللنخل إذا عظم بعل ونحو ذلك. والضمير في بعولتهن للمطلقات إلا أن الحكم خاص بالرجعيات دون مطلق المطلقات الأعم منها ومن البائنات، والمشار إليه بذلك التربص الذي هو بمعنى العدة، والتقييد بقوله "إن أرادوا إصلاحا"، للدلالة على وجوب أن يكون الرجوع لغرض الإصلاح لا لغرض الإضرار المنهي عنه.
عن التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوي: قوله تعالى "وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً" (البقرة 228) قال القرطبي: البعولة جمع البعل وهو الزوج، سمى بعلا لعلوه على الزوجة بما قد ملكه من زوجيتها، ومنه قوله تعالى: أَتَدْعُونَ بَعْلًا أى ربا، لعلوه في الربوبية. و البعولة أيضا مصدر البعل. وبعل الرجل بيعل كمنع يمنع أي صار بعلا. و المباعلة و البعال: الجماع، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم لأيام التشريق: (إنها أيام أكل وشرب وبعال). قوله سبحانه "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ" (الصافات 125) والبعل: اسم للصنم الذي كان يعبده قومه، وهو صنم قيل: سميت باسمه مدينة بعلبك بالشام، وكان قومه يسكنون فيها، وقيل: البعل: الرب بلغة اليمن. قوله عز وجل "وَهذا بَعْلِي شَيْخاً" (هود 72) أى: زوجي إبراهيم "شيخا" كبيرا متقدما في السن. وعلى النساء المؤمنات أن يلتزمن الاحتشام في مظهرهن، ولا يبدين مواضع زينتهن الخفية إلا "لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن" (النور 31) فهؤلاء الأصناف السبعة الذين ذكرهم الله تعالى بعد الأزواج، كلهم من المحارم الذين لا يحل للمرأة الزواج بواحد منهم، وقد جرت العادة باحتياج النساء إلى مخالطتهم، كما جرت العادة بأن الفتنة مأمونة بالنسبة لهم، فمن طبيعة النفوس الكريمة أنها تأنف من التطلع إلى المحارم بالنسبة لها. ويلحق بهؤلاء المحارم الأعمام والأخوال والمحارم من الرضاع. والأصول وإن علوا، والفروع وإن سفلوا.
جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (البقرة 228) قوله: "في ذلك" إشارة إلى زمن التربص، وهو أيام العدة، ومحصل المعنى ان اللَّه سبحانه بعد أن بيّن وجوب العدة ذكر في هذه الآية حق المطلق في الرجعة على مطلقته ما دامت في العدة إذا كان الطلاق رجعيا، وهذا الحق ثابت له، سواء أرضيت أم لم ترض. ولا تحتاج الرجعة إلى عقد ومهر، كما انها لا تحتاج إلى شهود عند فقهاء الإمامية، ويأتي بيان ذلك مع دليلهم في سورة الطلاق. قوله عز من قائل "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ اللَّهً رَبَّكُمْ ورَبَّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ" (الصافات 125). وبعل الذي يدعونه من دون اللَّه اسم صنم كما دل سياق الآية. وفي قاموس الكتاب المقدس: ان بعل بريث اسم كنعاني و معناه رب العهد. عكف قوم الياس على عبادة بعل كما عكف من كان قبلهم على عبادة الأصنام فدعاهم إلى التوحيد كما فعل نوح وإبراهيم وموسى وغيرهم. 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 01