أحياء اليوم الأخير من شهر شعبان الاثنين: كلمات متشابهة في القرآن الكريم (زهرة و وردة)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
أقام مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية جلسة قرأنية يقرأ كل حاضر آيات من الجزء الأول من القرآن الكريم بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، ثم ألقيت كلمة قصيرة للدكتور فاضل حسن شريف عن كلمتي الوردة والزهرة في القرآن الكريم، فقراءة دعاء الافتتاح بصوت الشيخ عبد السلام فرج الله، فأذان المغرب وصلاتها، ومأدبة افطار لصائمي شهر شعبان.

كلمات متشابهة في القرآن الكريم (زهرة و وردة):
جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى "وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ" (طه 131)"ولا تمدنَّ عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً" أصنافا"منهم زهرة الحياة الدنيا" زينتها وبهجتها،"لنفتنهم فيه" بأن يطغوا،"ورزق ربك" في الجنة "خير" مما أوتوه في الدنيا"وأبقى" أدوم. قوله سبحانه"فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ" ﴿الرحمن 37﴾"فإذا انشقت السماء" انفرجت أبوابا لنزول الملائكة "فكانت وردة " أي مثلها محمرة "كالدهان" كالأديم الأحمر على خلاف العهد بها وجواب إذا فما أعظم الهول.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ" (طه 131) وقد فسرناه في سورة الحجر وقال أبي بن كعب في هذه الآية من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات على الدنيا ومن يتبع بصره ما في أيدي الناس يطل حزنه ولا يشفي غيظه ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعمه ومشربه نقص علمه ودنا عذابه وروى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لما نزلت هذه الآية استوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسا ثم قال هذه الكلمات التي تقدمت"زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" أي: بهجتها ونضارتها وما يروق الناظر عند الرؤية وقال ابن عباس وقتادة زينة الحياة الدنيا"لنفتنهم فيه" أي: لنعاملهم معاملة المختبر بشدة التعبد في العمل بالحق في هذه الأمور وأداء الحقوق عنه وقيل لنفتنهم أي: لنشدد عليهم التعبد بأن نكلفهم متابعتك والطاعة لك مع كثرة أموالهم وقلة مالك وقيل معناه لنعذبهم به لأن الله قد يوسع الرزق على بعض أهل الدنيا تعذيبا له ولذلك قال عليه السلام لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء. "وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ" أي: ورزق ربك الذي وعدك به في الآخرة خير مما متعنا به هؤلاء في الدنيا"وأبقى" أي: أدوم. قوله عز من قائل"فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ" ﴿الرحمن 37﴾ {فإذا انشقت السماء} يعني يوم القيامة إذا تصدعت السماء وانفك بعضها من بعض {فكانت وردة} أي فصارت حمراء كلون الفرس الورد وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة أو الصفرة فيكون في الشتاء أحمر وفي الربيع أصفر وفي اشتداد البرد أغبر سبحان خالقها والمصرف لها كيف يشاء والوردة واحدة الورد فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بذلك وقيل أراد به وردة النبات وهي حمراء وقد تختلف ألوانها ولكن الأغلب في ألوانها الحمرة فتصير السماء كالوردة في الاحمرار. ثم تجري {كالدهان} وهو جمع الدهن عند انقضاء الأمر وتناهي المدة قال الحسن هي كالدهان التي يصب بعضها على بعض بألوان مختلفة قال الفراء شبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه وهو قول مجاهد والضحاك وقتادة وقيل الدهان الأديم الأحمر وجمعه أدهنة عن الكلبي وقيل هو عكر الزيت يتلون ألوانا عن عطاء بن أبي رياح.
ومن الازهار المذكورة في القرآن الريحان نبات مُعمّر وذات رائحة طيبة جداً، وقد كان ينمو فوق قمم الجبال في شبه الجزيرة العربية و يحتاج إلى كمية كبيرة من المياه حتى ينمو. قال تعالى "وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ" (الرحمن 12)، و"فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ" (الواقعة 89) فهو من نعيم الجنة. وعن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال (من عُرض عليه ريحان فلا يرده فإنه خفيف المحمل، طيب الرائحة). عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: حباني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بالورد بكلتا يديه، فلما أدنيته إلى أنفي قال: إنه سيد ريحان الجنة بعد الآس (زهرة عطرية). زينب اسم شجرة او وردة حسب ما جاء في القاموس المحيط. من التفاسير ان في يوم القيامة تتحول السماء كالدهن الذائب"فاذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان" (الرحمن 37). كَالدِّهَانِ: كدهن الزيت في الذوبان. وَرْدَةً: كالوردة في الحمرة. وفي الدر المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن عبيد المكتب عن إبراهيم قال: ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين. قيل لعبيد: أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن؟ قال: ذاك مقامه وحيث يصعد عمله. قال: وتدري ما بكاء السماء؟ قال: لا. قال: تحمر وتصير وردة كالدهان. إن يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما، وإن الحسين بن علي يوم قتل احمرت السماء.
جاء في التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوي: قوله سبحانه"فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ" ﴿الرحمن 37﴾ وقوله سبحانه: "فَكانَتْ وَرْدَة "تشبيه بليغ، أى: فكانت كالوردة في الحمرة. والوردة جمعها ورود، وهي زهرة حمراء معروفة ذات أغصان شائكة. والدهان: ما يدهن به الشيء. أى: فإذا انشقت السماء، فصارت حين انشقاقها وتصدعها، كالوردة الحمراء في لونها، وكالدهان الذي يدهن به الشيء في ذوبانها وسيلانها، رأيت ما يفزع القلوب، ويزلزل النفوس من شدة الهول. وشبيه بهذه الآية قوله تعالى: "وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً" (الفرقان 25-26). وقوله سبحانه: "فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَة " (الحاقة 13-16) . وقوله عز وجل: "يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ * وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً" (المعارج 8-10). ثم بين سبحانه ما يترتب على هذا الانشقاق والذوبان للسماء من أهوال.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ" (طه 131) فإنّ هذه النعم المتزلزلة الزائلة ما هي إلاّ"زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"، تلك الأزهار التي تُقطع بسرعة وتذبل وتتناثر على الأرض، ولا تبقى إلاّ أيّاماً معدودات. في الوقت الذي أمددناهم بها"لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى" فإنّ الله سبحانه وهب لك مواهب ونعماً متنوّعة، فأعطاك الإيمان والإسلام، والقرآن والآيات الإلهيّة والرزق الحلال الطاهر، وأخيراً نعم الآخرة الخالدة، هذه الهبات والعطايا المستمرّة الدائمة. قوله تبارك وتعالى "فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ" ﴿الرحمن 37﴾ يتحدّث القرآن الكريم عن بعض مشاهد يوم القيامة، والآيات أعلاه تذكر خصوصيات من مشاهد ذلك اليوم الموعود، وعن كيفية الحساب والجزاء والعقاب. يستفاد من مجموع آيات (القيامة) بصورة واضحة أنّ النظام الحالي للعالم سوف يتغيّر ويضطرب وتقع حوادث مرعبة جدّاً في كلّ الوجود، فتتغيّر الكواكب والسيّارات والأرض والسماء، وتحصل تغيّرات يصعب تصورها، ومن جملتها ما ذكر في الآية أعلاه; وهي إنشقاق وتناثر الكرات السماوية، حيث يصبح لونها أحمر بصورة مذابة كالدهن. (وردة) و(ورد) هو الورد المتعارف، ولأنّ لون الورد في الغالب يكون أحمر، فإنّ معنى الإحمرار يتداعى للذهن منها. ويأتي هذا المصطلح أيضاً بمعنى (الخيل الحمر)، وبما أنّ لونها يتغيّر في فصول السنة حين يكون في الربيع مائلا إلى الصفرة، وفي الشتاء يحمرّ، ويقتم لونها في البرد الشديد، فتشبيه السماء يوم القيامة بها هو بلحاظ التغيّرات التي تحصل في ألوانها فتارةً يكون لونها كالشعلة الوهاجة أحمر حارقاً، وأحياناً أصفر، واُخرى أسود قاتم ومعتم. (دهان) على وزن (كتاب)، بمعنى الدهن المذاب، وتطلق أحياناً على الرسوبات المتخلّفة للمادّة الدهنية، وغالباً ما تكون لها ألوان متعدّدة، ومن هنا ورد هذا التشبيه حيث يصبح لون السماء كالدهن المذاب بلون الورد الأحمر، أو إشارة إلى ذوبان الكرات السماوية أو اختلاف لونها. وفسّر البعض (الدهان) بمعنى الجلد أو اللون الأحمر، وعلى كلّ حال فإنّ هذه التشبيهات تجسّد لنا صورة من مشهد ذلك اليوم العظيم. حيث أنّ حقيقة الحوادث في ذلك اليوم ليس لها شبيه مع أيّة حوادث اُخرى من حوادث عالمنا هذا. فهذه المشاهد لا نستطيع إدراكها إلاّ إذا رأيناها. ولأنّ الإخبار بوقوع هذه الحوادث المرعبة في يوم القيامة ـ أو قبلها ـ تنبيه وإنذار للمؤمنين والمجرمين على السواء.
عن کتاب مفاهيم القرآن للشيخ جعفر السبحاني: الحوادث التي تقع في السماء: القرآن الكريم يحكي مشاهد الساعة في الآيات التالية، ويستخدم فيها الألفاظ التالية: الانشقاق، الانفطار، الانفتاح، الانفراج، الانطواء، التبدل، المور، المهل، وردةً كالدهان، التكوير، خسف القمر، واجتماع الشمس والقمر، إلى غير ذلك من التعابير الواردة في الآيات، وكلّ تعبير يشير إلىٰ جانب من تلك الحوادث، يقول سبحانه: 1."إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ" (الانشقاق 1). 2."إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ" (الانفطار 1). 3."وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا" (النبأ 19). 4."وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ" (المرسلات 9). 5."يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ" (الانبياء 104). 6."يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ" (ابراهيم 48). 7."يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا" (الطور 9). 8."يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالمُهْلِ" (المعارج 8). 9."يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ" (الدخان 10). 10."فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ" (الرحمن 37). 11."وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ" (التكوير 11). إلى غير ذلك من الآيات التي ترسم لنا مشاهد الساعة بما فيها من الحوادث المرعبة التي تقضي علىٰ حياة الكون ونظامه، فالسماء التي كانت تتراءىٰ كأنّها سقف محفوظ، تنشق وتنفطر وتنفرج وتنطوي كطي السجل للكتب، وتمور وتضطرب وتتموج وتأتي كالصفر المذاب وتأتي بصورة دخان كأنّها وردة كالدهان، وكأنّ السماء كشطت وأزيلت وتمددت، إلىٰ غير ذلك من الأحوال المتعاقبة التي تطرأ على السماء. وثمّة نكتة جديرة بالإشارة وهي انّ القرآن الكريم ينص علىٰ أنّ السماء في بدء الخلقة كانت من دخان وسيؤول إليه عند الانقضاء، حيث يشير إلىٰ بدء الخلقة، بقوله: "ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ" (فصلت 11) كما يشير إلى زوالها وصيرورتها دخاناً بقوله: "يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ" (الدخان 10).
 
 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 12