الجالية و خطب صلاة الجمعة ليوم الرابع من رمضان (ح 6) (حقيقة الصيام)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
جاء في خطبة الجمعة للشيخ حسن العامري التي أقامها مسجد الامام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية عن (حقيقة الصيام): وابتدأ بالاية المباركة " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة 183) فالصائم عليه أن يتصدق ويحفظ لسانه ويتسامى في أخلاقه ويتحنن على الأيتام ليصبح من المتقين كما تشير الآية، وكما جاء في الحديث الشريف (وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم). فشهر رمضان شهر البركة والمغفرة والتقوى والعبادة وهو ربيع القرآن.
 
ان قلب الانسان يجب ان يكون مملوء بالرحمة لكل الناس وبالاخص الفقراء والايتام. فالصلاة والصوم والعبادات لا تكتمل الا بالتحنن والصدقة. هنالك أكثر من مليار مسلم يصلون ويصومون ولكن كم منهم يساعد المحتاج والدليل أكثر الناس من الجياع في العالم هم المسلمون، وبذلك يظهر زيف العبادة من الذين ينظرون للجياع وهم لديهم ما يسد جوع هؤلاء فهذه عقبة لا يسدها الصوم "وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)" (البلد 12-18) لا يتم اجتياز العقبة الا باطعام المسكين واليتيم والاتصاف بالرحمة والصبر عند الشدائد اي الابتعاد عن العصبية والانفعال وذلك بالابتسامة وبشاشة الوجه. كان أبو طالب رضوان الله عليه رمزا لكفالة اليتيم والتحنن عليه.
 
جاء في الحديث الشريف (من حسَّن منكم في هذا الشهر خُلُقه كان له جواز على الصراط يوم تزلُّ فيه الأقدام). قال أمير المؤمنين عليه السلام (المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ). عليك أن تتحدث كما يتحدث القرآن "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" (التين 4). القرآن يتحدث عن الصبر والأخلاق والعلاقات الاجتماعية الطيبة. ولتحقيق التقوى عليك بهذه الامور حتى يتحقق الصيام كما أراده الله تعالى والذي هو بتعبير آخر صيام النفس عن التكبر والاهتمام بأمور المسلمين كما جاء في الحديث الشريف (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم). وعليك التمييز بين الحق والباطل. فكم شخص يملك المال ولا يصرفه على المحتاجين في رمضان، و مسامحة الأهل والاصدقاء عن الأخطاء "رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (الاعراف 23).
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 16