أحياء اليوم الرابع من شهر رمضان الجمعة (الآزفة في القرآن الكريم)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
أقام مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية جلسة قرأنية يقرأ كل حاضر آيات من الجزء الخامس من القرآن الكريم بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة دعاء الافتتاح، وكلمة للدكتور فاضل حسن شريف عن كلمة الآزفة في القرآن الكريم، فأذان المغرب وصلاتها، ومأدبة الإفطار للمتبرع مؤسس المسجد الحاج عطا علي.

عنوان الكلمة (الآزفة في القرآن الكريم)
 
عن تفسير الميسر: قال الله تعالى "أَزِفَتِ الْآزِفَةُ" ﴿النجم 57﴾ ازفت فعل، الْآزِفَةِ: الْ اداة تعريف، آزِفَةِ اسم، أَزِفَتِ: قربت، أزفت: دنت و اقتربت، و الآزفة: الساعة. و أزفت الآزفة: اقترب يوم القيامة، وان استبعد الناس مداها. و الآزفة: علم بالغلبة للقيامة، وسميت بذلك باعتبار تحقق وقوعها. قربت القيامة ودنا وقتها، لا يدفعها إذًا من دون الله أحد، ولا يَطَّلِع على وقت وقوعها إلا الله. قوله سبحانه "وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ" ﴿غافر 18﴾ الْآزِفَةِ: الْ اداة تعريف، آزِفَةِ اسم، يَومَ الآزِفَةِ: يوم القيامة (لقربها). وحذِّر أيها الرسول الناس من يوم القيامة القريب، وإن استبعدوه، إذ قلوب العباد مِن مخافة عقاب الله قد ارتفعت من صدورهم، فتعلقت بحلوقهم، وهم ممتلئون غمًّا وحزنًا. ما للظالمين من قريب ولا صاحب، ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم، فيستجاب له.

جاء في معاني القرآن الكريم: أزف قال تعالى: "أزفت الآزفة" (النجم 57) أي: دنت القيامة. وأزف وأفد يتقاربان، لكن أزف يقال اعتبارا بضيق وقتها، ويقال: أزف الشخوص والأزف: ضيق الوقت، وسميت به لقرب كونها، وعلى ذلك عبر عنها بالساعة، وقيل: "أتى أمر الله" (النحل 1)، فعبر عنها بالماضي لقربها وضيق وقتها، قال تعالى: "وأنذرهم يوم الآزفة" (غافر 18).

جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "أَزِفَتِ الْآزِفَةُ" ﴿النجم 57﴾ أي دنت القيامة واقتربت الساعة وإنما سميت القيامة آزفة أي دانية لأن كل ما هو آت قريب. قوله سبحانه "وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ" ﴿غافر 18﴾ أي الدانية وهو يوم القيامة لأن كل ما هو آت دان قريب وقيل يوم دنو المجازاة "إذ القلوب لدى الحناجر" وذلك أنها تزول عن مواضعها من الخوف حتى تصير إلى الحنجرة ومثله قوله وبلغت القلوب الحناجر "كاظمين" أي مغمومين مكروبين ممتلئين عما قد أطبقوا أفواههم على قلوبهم من شدة الخوف "ما للظالمين من حميم" يريد ما للمشركين والمنافقين من قريب ينفعهم "ولا شفيع يطاع" فيهم فتقبل شفاعته عن ابن عباس ومقاتل.

جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال تعالى: "أزفت الآزفة" (النجم 57) قربت القيامة. قال سبحانه: "وأنذرهم يوم الأزفة" (غافر 18) يوم القيامة من أزف الرحيل: قرب "إذ القلوب" ترتفع خوفا "لدى" عند "الحناجر كاظمين" ممتلئين غما حال من القلوب عوملت بالجمع بالياء والنون معاملة أصحابها "ما للظالمين من حميم" محب "ولا شفيع يطاع" لا مفهوم للوصف إذ لا شفيع لهم أصلا "فما لنا من شافعين" أوله مفهوم بناء على زعمهم أن لهم شفعاء، أي لو شفعوا فرضا لم يقبلوا.

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى  "أَزِفَتِ الْآزِفَةُ" ﴿النجم 57﴾ أي قربت القيامة و الآزفة من أسماء القيامة قال تعالى: "وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ" (غافر 18). قوله سبحانه "وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ" ﴿غافر 18﴾ الأزفة من أوصاف القيامة ومعناها القريبة الدانية قال تعالى: "إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا" (المعارج 6-7). و جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى  "أَزِفَتِ الْآزِفَةُ" ﴿النجم 57﴾ أزفت دنت، والآزفة الدانية، والمراد بها الساعة، وانما وصفها سبحانه بالدانية لأنها آتية، وكل آت قريب، وكل ما أدبر كأنه ما كان. قوله سبحانه "وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ" ﴿غافر 18﴾ الخطاب في أنذرهم لرسول اللَّه لى الله عليه واله وسلم. وضمير الغائب لمشركي العرب، والمعنى ما عليك يا محمد إلا أن تنذر المشركين عذاب يوم تذوب فيه القلوب والأبصار هلعا وجزعا، حيث لا صديق يتوجع، ولا الشفاعة تنفع. وهذا اليوم آت لا محالة.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى  "أَزِفَتِ الْآزِفَةُ" ﴿النجم 57﴾ أجل، فقد إقترب وعد القيامة فأعدّوا أنفسكم للحساب، والتعبير بـ "الآزفة" عن القيامة هو لإقترابها وضيق وقتها، لأنّ الكلمة هذه مأخوذة من الأزف على وزن نَجَف. ومعناه ضيق الوقت، وبالطبع فإنّ مفهومه يحمل الإقتراب أيضاً. وتسمية القيامة بالآزفة في القرآن بالإضافة إلى هذه الآية محلّ البحث، واردة في الآية 18 من سورة غافر أيضاً. وهو تعبير بليغ وموقظ، وهذا المعنى جاء بتعبير آخر في سورة القمر (الآية الاُولى) "إقتربت الساعة"، وعلى كلّ حال فإنّ إقتراب القيامة مع الأخذ بنظر الإعتبار عمر الدنيا المحدود والقصير يمكن إدراكه بوضوح، خاصّة ما ورد أنّ من يموت تقوم قيامته الصغرى. قوله سبحانه "وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ" ﴿غافر 18﴾ "الآزفة" باللغة بمعنى (القريب) ويا لها من كناية عجيبة، حيث أطلق سبحانه على يوم القيامة يوم الآزفة كي لا يظن الجهلة أن هناك فترة طويلة تفصلهم عن ذلك اليوم، فلا ينبغي والحال هذه أن ينشغل المرء بالتفكير به. وإذا نظرنا بتأمّل فسنجد أنّ عمر الدنيا بأجمعه لا يعادل سوى لحظة زائلة حيال يوم القيامة، ولأنّ الله تبارك وتعالى لم يذكر أي تأريخ لهذا اليوم المهول، حتى للأنبياء عليهم السلام، لذا يجب الإستعداد دائماً لاستقبال ذلك اليوم.
 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 16