الجناس المحرف في القرآن الكريم (عالمين أو عالم بفتح اللام وكسرها) (ح 4)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
جاء في صفحة جمال اللغة العربية والحروف العربية عن الجناس: لغة: التجانس والمجانسة والتجنيس وكلها تدل على التماثل . فنقول تجانس الشيئان إذا دخلا تحت مسمى واحد . اصطلاحاً: يعني أن تتشابه كلمتين في اللفظ وتختلفان في المعنى فائدته: الميل إلى الإصغاء إلى صاحب الكلام لأن اللفظ إذا حُمِلَ على معنى ثم جاء وحُمِل َ على معنى آخر كانت النفس مشغوفة به أكثر ومهتمة به أيضاً . ـ له نوعان تعددت أسماؤهما بين المصنفين فسمي بـ: جناس (التصحيف و التحريف) ــ الجناس (التام و الناقص) 1ـ تجنيس التصحيف: فيه تتشابه الكلمتان في الشكل وتفرّق النقط بينهما كقول الشاعر: وَلَم يَكُنِ المُغتَرُّ بِاللَهِ إِذ سَرى لِيُعجِزَ وَالمُعتَزُّ بِاللَهِ طالِبُه 2ـ تجنيس التحريف: هنا تتشابه الكلمتان بالشكل والنقاط لكن الحركات تميّز بين معنييهما ــ ومن الأمثلة المعروفة قول أحدهم: طرقت الباب حتى كلّ متني ولمّا كلّ متني كلّمتني فقالت: أيسماعيل صبراً فقلت أيسما عِيل صبري ــ قول أبي فتح البستي: يَرمي سِهاماً إنْ أسَرَّ المَقْتَ لي بالكَيدِ لا يُقْصِدْنَ غيرَ المَقْتَلِ ــ وقال أيضاً: إلى حَتفي سعى قدَمي أرى قَدمي أراقَ دَمي ـــ وابن جابر الأندلسي يقول: بانوا فَهانَ دَمي وَجداً فَها نَدَمي * فَقَد أَراقَ دَمي فيما أَرى قَدَمي.
 
 عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن كلمة للعالمين بفتح اللام في القرآن الكريم: "فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ" ﴿العنكبوت 15﴾ لِّلْعَالَمِينَ: للناس. فأنجينا نوحًا ومَن تبعه ممن كان معه في السفينة، وجعلنا ذلك عبرة وعظة للعالمين. قوله تبارك وتعالى "إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ" ﴿ص 87﴾ لِّلْعَالَمِينَ: للجن والإنس. ما هذا القرآن إلا تذكير للعالمين من الجن والإنس، يتذكرون به ما ينفعهم من مصالح دينهم ودنياهم. قوله جل وعلا "وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ" ﴿القلم 52﴾ لِلْعَالَمِينَ: للإنس والجن. وما القرآن إلا موعظة وتذكير للعالمين من الإنس والجن. قوله جلت قدرته "إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ" ﴿التكوير 27﴾ لِّلْعَالَمِينَ: لجميع الناس. فأين تذهب بكم عقولكم في التكذيب بالقرآن بعد هذه الحجج القاطعة؟ ما هو إلا موعظة من الله لجميع الناس، لمن شاء منكم أن يستقيم على الحق والإيمان، وما تشاؤون الاستقامة، ولا تقدرون على ذلك، إلا بمشيئة الله رب الخلائق أجمعين.
 
جاء في موقع قاموس عن العَالَم في القرآن: قوله تعالى الحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ العٰالَمِينَ" (الفاتحة 2) قال ابن عباس: العَالَم: ما يعقل من الملائكة و الجن و الإنس. العالَم: واحد العالمين، و هم أصناف الخلق. (شمس العلوم و دواء کلام العرب من الکلوم ج 7 ص 4722) العالَمُ‌: الخَلْقُ‌ كلُّه. و قيل: هو ما احتَواه بَطْنُ‌ الفَلَكِ‌، و لا وَاحِدَ لِلْعالَم مِنْ‌ لَفْظِه، لأن عالما جَمْعُ‌ أشْياءَ مختلفَةٍ. فإن جُعِل عالمٌ‌ اسمًا لوَاحِدٍ منها صار جَمْعا لأشْياءَ مُتَّفِقَةٍ‌، و الجمْعُ‌ عالُمونَ. (المحکم و المحیط الأعظم ج2 , ص177). ما سوى اللّه، سمى عالما، لأنه علم على وجود الصّانع تعالى. و العالمون: جمع عالم، و العالم: لا واحد له من لفظه. و اختلفوا في حقيقته، فقال المتكلمون و جماعات من أهل اللغة و المفسرين، و العالم: كلّ المخلوقات. و قال جماعة: هم الملائكة و الإنس و الجن، و قيل: هؤلاء و الشياطين، قاله أبو عبيدة و الفرّاء. و قيل: الآدميون خاصّة، حكوه عن الحسين بن الفضل و أبى معاذ النحوي، وقال آخرون: هو الدنيا و ما فيها. قال الواحدي: و اختلفوا في اشتقاقه، فقيل: من العلامة، لأن كل مخلوق هو دلالة و علامة على وجود صانعه، و عظيم قدرته، و هذا يتناول كل المخلوقات، و دليله قولهم: العالم محدث، و قوله تعالى: "قٰالَ فِرْعَوْنُ وَ مٰا رَبُّ اَلْعٰالَمِينَ‌ * قٰالَ رَبُّ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ‌" (الشعراء 2324) و قيل: مشتق من العلم، و هذا على مذهب من يخصّه بمن يعقل. (الحدود الأنيقة ص 66، و تحرير التنبيه ص 74). (معجم المصطلحات و الألفاظ الفقهية ج 2 ص464). العالم في التصوّف: العالم ورث أقوال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، تعلّما و تعليما بشرط‍‌ إخلاصه، و أن لا يجعل علمه غاية لدنياه، و إلا خرج من الوراثة بالكلية. و قد أجمعوا على أنه لن ينال أحد من العلماء و العباد و الصوفية من علمه صلّى اللّه عليه و سلّم أو عمله أو خلقه إلا رشفة أو رشة، فقد اختصّ‌ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بخصائص لم يشاركه فيها أحد، فكان على مقام لا يدرك و لا يلحق و لا يعرف. (اليشرطية، الحق، 231، 17). (الموسوعة الجامعة لمصطلحات الفکر العربي و الإسلامي , ص1699). العالم عالمان: روحاني و جسماني: و إن شئت قلت: حسّي و عقلي، و إن شئت قلت علوي و سفلي. و الكل متقارب، و إنما تختلف باختلاف الاعتبارات: فإذا اعتبرتهما في أنفسهما قلت جسماني و روحاني، و إذا اعتبرتهما بالإضافة إلى العين المدركة لهما قلت حسّي و عقلي. و إن اعتبرتهما بإضافة أحدهما إلى الآخر قلت علوي و سفلي. و ربما سمّيت أحدهما عالم الملك و الشهادة و الآخر عالم الغيب والملكوت. و من نظر إلى الحقائق من الألفاظ‍‌ ربما تحيّر عند كثرة الألفاظ‍‌ و تخيّل كثرة المعاني. و الذي تنكشف له الحقائق يجعل المعاني أصلا و الألفاظ‍‌ تابعا. و أمر الضعيف بالعكس، إذ يطلب الحقائق من الألفاظ‍‌. (الغزالي، مشكاة الأنوار، 70، 1). (الموسوعة الجامعة لمصطلحات الفکر العربي و الإسلامي  ص1694)
 
جاء في الإتقان في علوم القرآن جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي: الجناس المحرف بأن يقع الاختلاف في الحركات كقوله: "ولقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين" (الصافات 72-73)، وقد اجتمع التصحيف والتحريف في قوله: "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" (الكهف 104). ومنها: الناقص بأن يختلف في عدد الحروف، سواء كان الحرف المزيد أولا أو وسطا أو آخرا ، كقوله: "والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق" (القيامة 29-30)، "ثم كلي من كل الثمرات" (النحل 69) (ص 171) ومنها: المذيل بأن يزيد أحدهما أكثر من حرف في الآخر أو الأول ، وسمى بعضهم الثاني بالمتوج كقوله: وانظر إلى إلهك" (طه 97)، ولكنا كنا مرسلين" (القصص 45)، "من آمن به" (الاعراف 86)، إن ربهم بهم" (العاديات 11)، "مذبذبين بين ذلك" (النساء 143). ومنها: المضارع ، وهو أن يختلفا بحرف مقارب في المخرج، سواء كان في الأولى أو الوسط أو الآخر كقوله تعالى: "وهم ينهون عنه وينأون عنه" (الانعام 26). ومنها: اللاحق بأن يختلفا بحرف غير مقارب فيه كذلك ، كقوله: "ويل لكل همزة لمزة" (الهمزة 1)، "وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد" (العاديات 7-8)، ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون" (غافر 75)، "وإذا جاءهم أمر من الأمن" (النساء 83). ومنها: المرفق: وهو ما تركب من كلمة وبعض أخرى كقوله: "جرف هار فانهار" (التوبة 105).
 
جاء في منتديات براق عن الجناس للكاتب وسام اليمني: أقسام الجناس: أن الجناس في اﻻ‌صطﻼ‌ح: هو أن يتشابه لفظان في النطق، ويختلفان في المعنى، وقد يكون هذا التشابه تاما فى كل الحروف، وقد يكون في بعضها دون البعض، ومن ثم كان الجناس نوعين: جناس تام، وآخر غير تام.وإليك بيان ذلك: أوﻻ‌ - الجناس التام وهو الذي يختلف فيه اللفظان في المعنى، ويتفقان في أمور أربعة هي: (1) عدد الحروف (2) نوعها  (3) ترتيبها (4) هيئتها. ونذكر من أمثلته في اﻷ‌سلوب القرآني قوله تعالى يخبر عن جهل الكافرين في الدنيا واﻵ‌خرة، إذ عبدوا في الدنيا اﻷ‌وثان، وأقسموا في اﻵ‌خرة بالله أنهم ما لبثوا في الدنيا غير ساعة، ومقصدهم في ذلك عدم قيام الحجة عليهم، وأنهم لم ينظروا حتى يعذر إليهم، فقال سبحانه: "يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون" (الروم 55)  فالساعة اﻷ‌ولى: يوم القيامة. والساعة الثانية: هي الساعة الزمنية التي يعرف بها الوقت، ويتكون من مجموعها الليل والنهار. وبينهما جناس تام، حيث اتفق اللفظان في عدد الحروف، ونوعها، وترتيبها، وهيئتها. وقد قسم البﻼ‌غيون الجناس التام إلي قسمين: جناس تام مركب. وجناس تام غير مركب.
 
جاء في كتاب البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها عن الجناس للكاتب عبد الرحمن الميداني: الْمُسْتَوْفَى وهو الجناس التامّ الذي يكون اللّفظان المتشابهان فيه من نوعين مختلفين من أنواع الكلام، كأن يكون أحدهما اسماً والآخر فعلاً، ومن أمثلته ما يلي: (1) قول أبي تمّام: مَا مَاتَ مِنْ كَرَمِ الزَّمَانِ فإنَّهُ * يَحْيَا لَدَى يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الله. (2) قول صانعاً مثلاً: يَزِيدُ لَهُ أيَادٍ لاَ تُبَارَى * ويَسْبِقُ مَنْ رَجَاهُ لِمَا يُرِيدُ   يَزِيدُ عطاؤُهُ مَا جِئْتَ تَرْجُو * نَدَاهُ بِكُلِّ آوِنَةٍ يَزِيدُ. "يَزيدُ" الأول اسم علم. و "يزيد" الثاني فعل مضارع. "المتشابه" وهو الجناس التام الذي يكون أَحَدُ اللَّفْظَين المتشابهين فيه مركّبَاً من كلمتين فأكثر مع اتفاقهما في الخطّ، ومن أمثلته ما يلي: (1) قول أبي الفتح الْبُسْتِي: إِذا مَلِكٌ لَمْ يَكُنْ ذَا هِبَة * فَدَعْهُ فَدَوْلَتُهُ ذَاهِبَة. "ذا هبة" الأول: أي: صاحب هِبَةٍ. والثانية اسم فاعل من الذّهاب. (2) قول القاضي الفاضل: عَضَّنا الدَّهْرُ بِنَابِهْ * لَيْتَ مَا حَلَّ بِنَا بِهْ   لا يُوَالي الدَّهْر إلاَّ * خَامِلاً لَيْسَ بِنَابِهْ. "بنابِه" الأول: أي: بسِنَّهِ المعروف بالنَّاب. و"بِنابه" الثاني" الباء حرف جرّ و "نا" ضمير، و "به" حرف وضمير متصل يعود على الدهر. و "بنابه" الثالث، الباء حرف جر، و "نابه" أي ذي شَرَفٍ وشُهْرَة. (3) قول بعض البلغاء: "يَا مَغْرُورُ أَمْسِكْ، وقِسْ يَوْمَكَ بِأمْسِكَ".
 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 04 - 16