صدور أوامر قبض بحقّ أعضاء مفوضيّة الانتخابات مرهون بقناعة الادعاء العام
    

قد يلجأ الادعاء العام في حال اقتناعه بالأدلة والوثائق التي قدمتها اللجنة الحكومية وتوصياتها التي صادق عليها مجلس الوزراء بشأن الانتخابات، إلى إصدار أوامر قبض ومنع سفر لأعضاء وموظفين في مجلس مفوضية الانتخابات واستبعاد بعض المرشحين والكيانات الانتخابية وإحالتهم الى المحاكم المختصة.
ويرى مختصون أنّ القوانين التي يعمل بها الادعاء العام تلزمه بالتعامل مع الوثائق والبراهين التي تؤكد حدوث عمليات تلاعب وتزوير واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المتهمين.
ويقول الخبير في الشأن الانتخابي عادل اللامي في تصريح لـ(المدى) إن"مجلس الوزراء صادق على توصيات لجنته التحقيقية استناداً للأدلة والوثائق التي تشير إلى حدوث جرائم وحالات تزوير تندرج تحت الجريمة"، لافتاً الى أن"هذه التوصيات تمت إحالتها إلى الادعاء العام وهيئة النزاهة ومجلس النواب".
وكان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي قد أعلن في مؤتمره الصحفي الثلاثاء أن اللجنة الحكومية كشفت حالات تزوير في بعض مراكز الاقتراع، والمفوضية تتحمل المسؤولية، موضحاً أن"الاعتماد على أجهزة غير مفحوصة في الانتخابات أوقعنا في إشكالات".
ويلفت اللامي الى أن"مجلس الوزراء لم يتدخل في عمل مفوضية الانتخابات بل صادق على توصيات لجنته التحقيقية وأرسلها للجهات المختصة والبرلمان من أجل الاطلاع عليها".
وكان مجلس القضاء قد أكد انه لا يوجد نص قانوني يعطي الصلاحية الى الهيئة القضائية لاتخاذ"قرار عام"بإلغاء نتائج معينة سواء داخل العراق أم خارجه، كما لا يوجد نص يعطي الصلاحية للطلب من المفوضية إعادة احتساب نسبة معينة من نتائج الانتخابات بطريقة يدوية،لأنّ هذا الطلب يخالف القانون.
ويقول اللامي إن"بيان مجلس القضاء يوضح صلاحيات الهيئة القضائية الانتخابية التي لها الحق النظر في الطعون المقدمة على قرارات مجلس مفوضية الانتخابات"، لكنه يبين أنه"في حالة نقض قرارات مجلس مفوضية الانتخابات من قبل الهيئة القضائية سيكون مجلس المفوضين ملزما بتنفيذ قراراتها".
ويؤكد ان"قرارات الهيئة القضائية باتّة وملزمة التطبيق من قبل مفوضية الانتخابات"، موضحاً أن"اختصاص عمل الهيئة القضائية هوالنظر في الطعون المقدمة على قرارات مفوضية الانتخابات من قبل الكيانات والأحزاب".
ويشير العضو السابق في مفوضية الانتخابات إلى انه"بعد الانتهاء من الطعون والشكاوى في الهيئة القضائية الانتخابية سيقوم مجلس مفوضية الانتخابات بالمصادقة على قوائم أسماء الفائزين وإرسالها إلى المحكمة الاتحادية"، موضحاً أنه"بإمكان ذوي العلاقة تقديم طعون جديدة أمام المحكمة الاتحادية بالقرار الذي أصدره مجلس المفوضين".
بالعودة للحديث عن قرارات اللجنة الحكومية، يلفت الخبير في الشأن الانتخابي إلى انه"بعد إرسال التوصيات من قبل مجلس الوزراء إلى الادعاء العام سيقوم الاخير بالاطلاع على الأوراق والتوصيات من أجل إصدار أوامر قبض بحق الأشخاص المتهمين ومنع سفرهم من أجل التحقيق معهم في المحاكم المختصة".
ويبين أن"هذه الإجراءات لن تؤثر على مجريات الطعون والمصادقة على أسماء الفائزين في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 أيار الماضي".
بدوره، يعتقد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب حسن الشمري أن"توضيحات مجلس القضاء الأعلى تتعلق بوجود خللين في العملية الانتخابية، الاول يتعلق بحق الأفراد المرشحين ولجوئهم إلى مفوضية الانتخابات، والثاني التلاعب في الانتخابات عندما تصبح عملية التلاعب ظاهرة تحتاج إلى تشريع لمعالجته".
ويضيف الشمري في تصريح لـ(المدى) إن"هيئة النزاهة والادعاء العام سيتخذان إجراءاتهما بالتحقيق بما أشار إليه تقرير اللجنة التحقيقية المصادق عليه من قبل مجلس الوزراء من أجل إحالة المقصرين إلى المحاكم المختصة".
ويلفت وزير العدل السابق إلى ان"التقرير الحكومي الذي أرسل إلى الادعاء العام سيقوم بتكليف المكاتب التابعة له بالاطلاع على حيثيات هذه التوصيات من أجل تحريك شكاوى جزائية ضد شخص تورط بعمليات تزوير سوء أكان موظفاً في مفوضية الانتخابات أو مرشحاً للانتخابات".
ويوضح عضو البرلمان الحالي أن"هيئة النزاهة والادعاء العام أو أية جهة اخرى غير ملزمة بهذه التوصيات التي صادق عليها مجلس الوزراء لكنها ملزمة ضمن قوانينها في حال وصول معلومات ودلائل تثبت وجود هذا التلاعب والخرق يحتم عليها اتخاذ الإجراءات المطلوبة".
وأظهرت الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 أيار الماضي نتائج قلبت الموازنة السياسية، وبمقتضاها استبعد 70 % من النواب الحاليين مع صعود وجوه جديدة، الامر الذي دفع الخاسرين الى الضغط على المفوضية والقضاء بدعاوى وجود تزوير.
ويعتقد الشمري أن"الادلة التي وفرتها لجنة تقصي الحقائق الحكومية كافية للادعاء العام لاتباع الطرق القانونية بعد اطلاعه على ملف المشكلة"، مشيرا إلى أن"المصادقة لن تخفي المحاسبة عن المقصرين والمخالفين في الانتخابات".
ومارست الكتل المعترضة على نتائج الانتخابات ضغوطات على مفوضية الانتخابات لإجبارها على اعتماد العد والفرز اليدوي بدلاً من الإلكتروني من خلال تبنيها قراراً أصدره مجلس النواب، مؤخراً، تضمن إلغاء نتائج انتخابات الخارج والتصويت المشروط في المحافظات كافة عدا نينوى (والحركة السكانية في صلاح الدين والأنبار)، قبل أن تلحقه بقانون صوتت عليه مساء يوم الأحد.
من جانبه، يوضح عضو مجلس مفوضية الانتخابات سعيد كاكائي، لـ(المدى) أنه"على السلطتين التنفيذية والقضائية تنفيذ القوانين التي تقرها السلطة التشريعية"، مؤكداً أن"قرارات مجلس النواب سارية على الجميع".
ويرى كاكائي، وهو العضو الوحيد في مجلس المفوضية المعترض على النتائج، أنه"على مجلس مفوضية الانتخابات الرضوخ إلى القوانين وقرارات مجلس النواب التي تعمل تحت إشرافه"، مبدياً استغرابه من"تمرد أعضاء مفوضية الانتخابات على مجلس النواب".
وشكّل مجلس النواب في أول جلسة استثنائية كان قد دعا لها قبل أكثر من أسبوع لجنة للنظر بادعاءات حدوث خروق انتخابية رافقت العملية الانتخابية تضم أعضاءً من اللجان القانونية والهجرة والنزاهة البرلمانية.
ورفضت مفوضية الانتخابات التعامل مع هذه اللجنة البرلمانية التي اعتبرتها غير قانونية مما دفع النواب المعترضون إلى إصدار قرار برلماني بإلغاء نتائج انتخابات الخارج والتصويت المشروط في المحافظات كافة عدا نينوى (والحركة السكانية في صلاح الدين والانبار).
وبيّنت أنه"من حق الجهات المعنية متابعة الأشخاص المتهمين والتحقيق معهم كون مفوضية الانتخابات جهة تابعة إلى مؤسسات الدولة العراقية"، مستبعداً"إلغاء نتائج الانتخابات إلا في ضوء الشيء القليل.. في عدد من المراكز والمحطات التي تثبت وجود عمليات تلاعب وتزوير فيها".
وأشار الى ان"المرشح والكيان الذي تثبت التحقيقات تورطه بالتزوير سيتم استبعاده كخطوة أولى وإحالة المتورطين للقضاء".

محرر الموقع : 2018 - 06 - 06