تقرير جديد لوزارة الدفاع: فرقة حماية المدينة غير قادرة على القتال..ذكرى سقوط الموصل:أبرز المتّهمين بالمسؤوليّة مازالوا في مناصبهم!
    

مرّت يوم أمس الذكرى الرابعة لسقوط الموصل بيد داعش في أكبر خرق أمني شهده العراق تسبب بسقوط ثلث أراضيه بيد التنظيم الإرهابي.
وسيطر التنظيم الإرهابي على هذه المناطق أكثر من ثلاث سنوات، فيما خلف تواجده وعمليات التحرير التي لاحقته مدناً مدمرة، و6 ملايين نازح، وآلاف القتلى والجرحى في صفوف القوات الأمنية والمدنيين أيضاً.
ورغم كبر الفاجعة إلا أن الحكومة العراقية والسلطات القضائية لم تدنِ المتهمين بتسليم المدن والانسحاب من دون قتال حتى الآن. 
وعلى مستوى تقرير برلماني عن أسباب حدوث الانتكاسة اكتمل العمل به في 2015 فإن هناك 25 شخصية ضمن الصفوف الاولى في العملية السياسية والمؤسسة العسكرية، حددت اللجنة التحقيقية مسؤوليتهم عن التسبّب بما جرى، يتمتع أغلبهم الآن بنفس المواقع الرسمية السابقة، كما تم انتخاب البعض منهم الى مجلس النواب المقبل.
وقبل سقوط الموصل بشهر كانت لجنة من وزارة الدفاع قد وصلت الى المدينة لتقييم أداء ووضع اللواء السادس في الجيش، وهو أول التشكيلات العسكرية التي انهارت عند اجتياح داعش للمدينة، وأوصت اللجنة حينذاك بإعادة هيكلة اللواء،لأنه كان يمثل"خطراً على وضع الموصل".
الغريب أنه بعد 4 سنوات من ذلك الحادث، أرسلت وزارة الدفاع لجنة جديدة لمتابعة أوضاع الفرقة 6 التابعة للجيش، الموجودة داخل الموصل الآن، ووجدت اللجنة أن الفرقة"غير قادرة على القتال".
ويؤكد داود جندي، عضو اللجنة الامنية في مجلس محافظة نينوى في تصريح لـ(المدى)، أمس، أن"اللجنة مرسلة من مديرية التفتيش في وزارة الدفاع، وأكدت أن جاهزية الفرقة للقتال ضعيفة، بعد أن فحصت السلاح والعتاد وقيّمت وضعها بالكامل".
ويهدد ضعف جاهزية القوات العسكرية والحديث عن عودة عناصر داعش للعيش بين السكان بلباس مختلف، في سقوط المدينة مرة أخرى. 
ويقول النائب عبد الرحمن اللويزي، عضو اللجنة التحقيقية البرلمانية التي شكلت من 26 نائبا، واستضافت نحو 100 شخص، أكثر من نصفهم كان من العسكريين، إن"البرلمان قدّم التقرير إلى خمس جهات للتحقيق، وهي رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ورئيس مجلس القضاء، والادعاء العام، وهيئة النزاهة".
في ذلك الوقت، بحسب ما ذكره اللويزي لـ(المدى) أمس،"قال الادعاء العام بأنه لا يستطيع محاسبة القادة العسكريين، لأنهم يخضعون لعقوبات عسكرية". في المقابل وعد رئيس محكمة النزاهة القاضي محمد سلمان في 2015 بأنه"سيقوم بالتحقيق بنفسه في الاتهامات الواردة في التقرير الذي كان يضم معلومات عن قضايا فساد أيضا"، ولا يعلم النائب ماذا جرى بعد ذلك لكن الأحداث التي لحقت التقرير كشفت أن أحداً لم يحاسب من المتهمين.
وتعرّضت اللجنة التي شكلت مع بداية تسلم العبادي منصبه، وانتهاء النزاع مع سلفه نوري المالكي الساعي لولاية ثالثة، إلى هجوم قاسٍ من أنصار الاخير، خصوصاً أنّ التقرير النهائي الذي حمّل 25 شخصية مسؤولية سقوط الموصل، وضع المالكي على رأس القائمة.
ووصل الدفاع عن رئيس الوزراء السابق الذي خسر معركة الولاية الثالثة حينذاك، بأن يشبّه النائب عن دولة القانون عامر الخزاعي المالكي بالنبي محمد في معركة (أحد)، حينما قال خلال حوار عرضته قناة عراقية بعد ظهور تقرير اللجنة:"هل النبي محمد هو المسؤول عن هزيمة معركة أحد، لأنه كان بمثابة القائد العسكري، أم الرماة؟"!
ومثل المالكي الذي حصل على أكثر من 100 ألف صوت في الانتخابات التي جرت في أيار الماضي، هناك حسن العلاف، نائب محافظة نينوى، وهو أحد الذين تم ذكرهم في التقرير ورشح عن المحافظة ضمن حزب الحل، لكنه لم ينجح، ومازال مستمراً في منصبه.
إضافة الى العلاف هناك نور الدين قبلان وهو أيضا ضمن المتهمين بالتقرير، ومرشح سابق، ومازال نائبا لرئيس مجلس محافظة نينوى، الى جانب هدى زكي المستمرة في منصبها كعضو في مجلس محافظة نينوى.
كذلك مازال أبو بكر كنعان، يعمل بوظيفته مديراً للوقف السني في نينوى، وهو أحد المذكورين في التقرير. كما فاز سعدون الدليمي وزير الدفاع الاسبق في الانتخابات الاخيرة وهو ضمن قائمة المتهمين.
ويؤكد النائب اللويزي ان"القاعدة هي أن كل المتهمين مستمرون في مناصبهم السابقة، والاستثناء هو من تمّ عزله من دون عقاب". 
وبعد صدور التقرير بأشهر تم إعفاء بابكر زيباري رئيس أركان الجيش ومعاونه عبود قنبر الذي أحيل إلى التقاعد، وهما ضمن المتهمين في التقرير البرلماني، فيما اختفت المعلومات عن قائد القوات البرية في ذلك الوقت علي غيدان، ومدير مكتب المالكي فاروق الأعرجي.
والمفارقة في التقرير، بحسب ما يقوله النائب اللويزي، أن العميد حماد آمر اللواء الخامس- ورد اســـــــمه الاول فقط في التقرير- مازال قائداً لنفس اللواء الذي أعيدت هيكلته بعد ذلك وتغير اسمه إلى اللواء 91 ضمن الفرقة 15، وأضاف أن"حماد قد تمت ترقيته بعد صدور التقرير من قبـــل وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، من رتبــة عقــــيد الى عمــــــيد".
الوحيد من القادة العسكريين الذي صدرت أحكام ضده هو قائد عمليات نينوى، مهدي الغراوي، وهو حكم لم يتم التأكد منه، حيث تضاربت أنباء عن طبيعة الحكم ضده بين التوبيخ والإعدام، فيما قال مسؤولون قبل شهر إنه يعيش في بيت في المنطقة الخضراء قريب من منزل رئيس الوزراء!
في منتصف نيسان الماضي، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي،"لم نتمكن من الانتصار على داعش لولا محاربتنا للفساد، فهناك علاقة بين الفاسدين والإرهاب...". وأضاف في مؤتمر عقده في بغداد:"الانهيار الامني الذي حصل كان بسبب الفساد"في إشارة الى أحداث سقوط الموصل وما تبعها.
ووعد قبل ذلك بثمانية أشهر بأنه سيقوم"بفتح تحقيق أكبر من القضائي"لمعرفة أسباب سقوط الموصل بيد"داعش". وأكد خلال مؤتمر صحفي في العاصمة قبل إعلان التحرير الكامل نهاية العام الماضي، بأن التحقيق سيبدأ "بعد إعلان تحرير جميع مناطق العراق لإبعاده عن المناكفات السياسية".
ولأسباب غير معروفة، لم يتم التحقيق على وفق ما وعد به رئيس الحكومة، كما تم إهمال تقرير واسع أعده البرلمان بهذا الشأن في آب 2015، يتكون من جزئين ويقع في أكثر من 180 صفحة، تناول كل الاسباب التي دفعت الى سقوط المدينة وقدم توصيات بشأن المتهمين وذكرهم بالاسم.
وفي الذكرى الرابعة لسقوط الموصل، أعلنت القوات الامنية اعتقال عضو في"الحسبة"، وهي لجنة عقابية كانت تلاحق مخالفي تعليمات"دولة الخلافة"المزعومة، فيما يقول مسؤول هناك بأن نحو 20 ألفاً من المتهمين بالانتماء الى التنظيم المتطرف ما زالوا طلقاء.
ومنذ مطلع العام الحالي أعلنت القوات الأمنية – بحسب بيانات رسمية – 7 مرات أنها اعتقلت مسلحين وصل عددهم الى 50 شخصاً، بينما مازال بعض السكان في المدينة يتعرضون للابتزاز في أساليب مشابهة لما كان يحدث قبل صيف 2014.
في السنوات الاربع الماضية، لم يتغير الكثير من الأسباب التي دفعت إلى تلك"النكسة"، بحسب ما يقوله مسؤولون. 
ويقول جندي إنه"من الصعوبة تحديد عدد الذين انتموا الى داعش في ذلك الوقت، لكن هناك 30 ألف أمر اعتقال بحق دواعش في الموصل، أقل من نصفهم تم إلقاء القبض عليهم"، مؤكداً أن"المعتقلات امتلأت بعدد غير معقول بالمتهمين. وكانت تقديرات مسؤولين في نينوى قد أفادت بانتماء 80 ألف شخص الى داعش.
ويشير المسؤول المحلي الى أن السكان يتعرفون بين فترة وأخرى على منتمين سابقين للتنظيم المتطرف، لكنهم يخشون الإبلاغ عنهم خوفاً من القتل. كما يقول إنّ"أغلب الأسباب التي دفعت الى سقوط الموصل مازالت موجودة وأبرزها الفساد والبطالة".
وفي ما يأتي تنشر (المدى) وثائق من التقرير البرلماني وصور للاشخاص الذين استجوبتهم وأيضا صور لترقيات المدانين بسقوط المدينة، كما تنشر(المدى) تقريراً حديثاً أعدته وزارة الدفاع عن واقع قواتها في الموصل.

محرر الموقع : 2018 - 06 - 11