الدولة العراقية بأنهيار وفق نظامها السياسي
    

حسام عبد الحسين

إن تفسير ما نتج من نسبة المشاركة الضئيلة في الانتخابات الماضية عبرت بشكل واضح عن سخط وغضب الجماهير من الواقع السياسي العراقي، حيث لابد من دراسة لما ستؤول إليه العملية السياسية في المستقبل من انهيار محتوم ولو بعد حين، وهذا ما اتضح للطبقة السياسية الحاكمة، لذا اجرت تحالفاتها القائمة لإعادة حياكة ما يشابه التحالف الوطني ولكن بحلة جديدة، اذ ان التحالف القديم اكل عليه الدهر وشرب، إعلاميا وسياسيا وحتى اجتماعيا، فالكل يعود الى خيمة التحالف الشيعي لدورة جديدة، وفق ذات السياسية الخارجية والضغوط المؤثرة، بغض النظر عن الاف الشهداء وتبعثر عوائلهم وسرقة المليارات وتردي الخدمات من كهرباء وماء وصحة وبطالة وغيرها، وسلب وحرق لإرادة الناخب، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى مساهمة مجلس النواب في تعقيد الأزمة بإجرائه تعديلا ثالثا على قانون الانتخابات المشكوك في دستوريته وشروعه بخطوات تعسفية وصادمة تعبر عن مدى انحطاطه وامكانيته في تدمير البلد وفنائه، إضافة إلى خلق محاولات مستمرة لفرض الاسلمة على المجتمع. وكذلك مسألة القومية الكردية وقضية كركوك، ستكون معلقة وستكون دون حل وستظل هاتان المسألتان مرتبطتان بتوازنات القوى السياسية ايضا، وكلتا القضيتين ستكونان بمثابة أمر صادر ينتظر تنفيذه من الفارس القومي كي يفرض إرادته على الجماهير في اية لحظة عند تغيير المعادلات السياسية.

تعيش الطبقة السياسة الحاكمة بحالة التفاوض السياسي وتشكيل الحكومة عن طريق عدم الثقة بين الاطراف والانتقام السياسي، هذا على الصعيد المصلحة الذاتية، لكن تتعامل بثقة تامة بينها وتتحاور بأسلوب اتفاقي ضد مصلحة الشعب العراقي، وما يلفت النظر وجود الحزب الشيوعي العراقي في المعادلة الذي لابد له من عدم إعادة ذات التنظيرات التي اطلقت على تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع حزب البعث في السبعينات، وبعد ذلك على التحالف مع الحركة القومية الكردية في الثمانينات في ( جود- الجبهة الوطنية الديمقراطية ) و ( جوقد- الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية )، وبعد ذلك الخضوع لهذه التحالفات التي تتعارض تماما مع متبنيات الحزب وتوجهاته.

يصارع الشعب العراقي اليوم ادهى المؤامرات ضده، حيث عملية سياسية فيها طبقة مصنعة للتخريب والفشل، والتعامل معها غير واضح لدى أبنائه، فالثورة ضد هذه الطبقة البرجوازية ربما تؤدي بالفشل وانهيار البلد إلى المجهول، أو عن طريق الانتخابات فأصواته حرقت وارادته سلبت.

وعليه؛ ان التغيير المراد لن يأت عبر هذه التحالفات، ولا عن طريق الانتخابات تحت قانون سانت ليغو ومفوضية حزبية بأمتياز التي من الوهم محاسبة المقصرين والمتورطين في تزوير الانتخابات، بل يأتي عبر الكف عن الذهاب خلف كل الترهات والتنظيرات والاوهام حول التحالفات القائمة، وعن طريق تنظيم السخط الواسع والاعتراض الكبير في صفوف الشعب ضد سلطة الاسلام السياسي بفسادها وحلفائها من كل حدب وصوب واجنداتها المرتبطة بمؤسسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبرامجه. فلن يطرأ اي تغيير أو تقدم مهما كان طفيفا على حياة الجماهير دون فرض التراجع عن هذه العملية السياسية ودستورها وقوانينها. إضافة إلى خطورة إقحام القضاء في العملية الانتخابية وإخراجه من دوره الإشرافي الى دور تنفيذي مما يخاطر باستقلاليته ويضيع ثقة الشعب بالمؤسسة القضائية، وهذا ما يثبت أن القضاء العراقي غير مستقل ( بل كل شيء في الدولة العراقية غير مستقل من جيش وشرطة ومفوضية انتخابات وغيرها ).

إن ما قامت عليه الدولة بعد 2003 من اساس هش وركيك يفسر ما نحن به اليوم، لذا لا تقوم للعراق قائمة بوجود هذه الطبقة السياسية ونظامها العام واطرها الخاصة.

محرر الموقع : 2018 - 06 - 17