التمرد بوجه العراق الجديد… هل تخطط أمريكا لتطبيق نموذج السودان ومصر في العراق؟
    

كتب خبير القضايا الدولية “صلاح الدين خديو” مقالا نشره موقع “ديبلماسي إيراني” جاء فيه: يطلق العراق الجديد أو عراق ما بعد صدام على الآليات والإطارات السياسة والقانونية الحديثة التي خرجت بعد الهجوم الأمريكي في هذا البلد إذ خرج العراق الجديد من تحت رماد وأنقاض النظم القديم.

فظهور الجيوبولتيكا الشيعية كمتغير حديث ومحدد وتهميش الدور التاريخي للنخبة السياسة السنية وظهور تأثير الأقلية الكردية كانت من أهم مخرجات أنقاض البنية السياسية السابقة. فان النظام السياسي الجديد تم التخطيط له وتأسيسه وفقا لنوع من الديمقراطية الانتخابية التي تحدد حصة كل الطوائف الدينية والقوميات مسبقا، فالديمقراطية الطائفية على أسس الاقتصاد النفطي لشعب عاش على وقع الاستبداد المركزي القوي لعقود من الزمن وواجه فجأة فجوات اجتماعية؛ يبدو في النظرة الأولى غير مجدي وأصبح مرادفا للفوضى.

فاليوم وبعد مرور ما يقارب عقدين على سقوط صدام وانتهاء ذكريات الحروب الداخلية وتهميش أهل السنة كاملا وإزالة خطر فكرة الانفصال الكردي، وخروج الشيعة إذ يشكلون أغلبية العراقيين من الهوية الطائفية إذ يعيشون وضع يريدون استعادة الهوية، في ظل تلك القضايا يبدو ان الهوية العراقية هي التي تتصدر المشهد وتقودهم كونهم أصحاب العراق الحقيقيين نحو إحياء الوطنية الحديثة. هنا يعد من الطبيعي ان تكون القضية الرئيسية هي ضعف النظام الذي يعجز عن توفير ضروريات الحياة للفقراء وليس التأكيد على الهوية الطائفية.

يرى المحتجون بان جيل الأحزاب وأسرهم والسياسيين بعد صدام ليسوا إلا فاتحين يبحثون عن الغنائم وملوثين بالفساد ونهب الثروات العامة؛ ما الحل؟ يريد الشيعة حكومة مركزية قوية متحررة من هيمنة الأحزاب والسياسيين وتتمتع بالاستقلال في مواجهة تدخل الجيران والدول الأجنبية.

لكن المشكلة هي ان تحقيق تلك الأمنيات بمعنى العبور من نظم ما بعد صدام وانهيار العراق الجديد وكتابة دستور جديد لهم. هذه القضية تبدو لأهل السنة والكرد الذين يخافون استبداد الأغلبية أمر مثير للخوف ويبشرهم بمستقبل ممزوج بالخوف والغموض. فالعرب من أهل السنة مازالوا يعيشون في حيرة من أمرهم في فترة ما بعد داعش إذ دمرت أربع محافظات وهم أضعف من ان يفكروا جديا بممارسة السياسة. 

أما الكرد فمنذ أول أيام حكم عبد المهدي قدموا له كل الدعم ليسوا قلقين من مسار التطورات الخفية، فان تغيير البنية السياسية للعراق وتركيز السلطة في النظام الرئاسي يعني نزع صلاحيات إقليم كردستان وإعادة ذكريات القرن الماضي المظلم لهم.

من جهة أخرى لا تحل إقامة مبكرة للانتخابات مشكلة وقد تدخل البلاد في دوامة من الصراعات السياسية والمساومات الطويلة والطرق المسدودة. كما يرى بعض المحللين بان زيارة مايك بنس لأربيل وعدم التوجه إلى بغداد بانها علامة على استياء واشنطن من عبد المهدي وتأييد الرياض وأبو ظبي إذ يريدان التقليل من نفوذ إيران في العراق.

إذا كان الأمر كذلك فهل يمكن القول بان واشنطن تريد تطبيق النموذج السوداني والمصري في العراق، هذا هو الحل الذي يطالب به كل من الرياض وأبو ظبي لكنه بحاجة إلى تأييد أمريكا. 

قال حسني مبارك قبل سنوات للمسئولين الأمريكيين بانه عليكم ترك فكرة الانتخابات للتقليل من نفوذ إيران في العراق، قوموا بتقوية الجيش وابحثوا عمن يقوم بانقلاب عسكري حينها تحل المشاكل من تلقاء نفسها.

لكن تحقيق هذا الأمر ليس بهذه السهولة، ففي حال حدوث الانقلاب العسكري أو استمرار الحالة الراهنة هناك احتمال لانهيار النظام السياسي وتحويل العراق إلى دولة فاشلة على غرار ليبيا واليمن.

محرر الموقع : 2019 - 12 - 06