فضائيات الاعلان العاطفي .. أرقام هواتف لمن يبحث عن التسلية
    

بغداد -  بشيرخزعل
(أرغب في الزواج من شاب ميسور الحال في بداية الثلاثينيات، انا فتاة متوسطة الجمال وطالبة جامعية، رقم هاتفي ...........) ، ( اسمي احمد رجل اعمال وابحث عن علاقة حب عاصفة مع فتاة لايتجاوز عمرها العشرين عاما رقم هاتفي ......) ،  مئات الرسائل من هذا النوع  تبث كتايتل اعلاني اسفل شاشة بعض الفضائيات التي اصبحت تعطي لنفسها اسماءً رقمية على لائحة القنوات في جهاز الارسال ( الستلايت)، جميع ارقام الهواتف التي تبث في شاشات التلفاز ترد على المتصل باسماء مستعارة وبعضها بالاسم الصريح .
اعلان مشبوه



يروي الباحث الاجتماعي  كمال حسن الالوسي: احدى القصص التي تسببت في نزاع عشائري أدى الى مقتل شخصين من طرفي النزاع، اذ اتصل  رجل اربعيني بهاتف امرأة في الثلاثينيات بعد ان اعلنت عن رغبتها في البحث عن فارس الاحلام  بواسطة احدى فضائيات الاعلان التجاري، وبعد يومين اتصل بها الشخص الذي ابدى رغبته في التعرف عليها، دامت الاتصالات بينهما لاسبوع، ثم  ‏التقى الطرفان في احد الاسواق وتكررت اللقاءات التي دامت ثلاثة اشهر، حتى طلب الرجل من الفتاة الذهاب معه ‏لمشاهدة البيت الذي اشتراه من اجل زواجه منها، وبسبب ثقة الفتاة غير المبررة ذهبت معه الى البيت، وبعد دخولها بدقائق ‏كان شقيقها يتبعها منذ بداية لقائها بهذا الرجل فاتصل بشقيقه الاكبر ودخلوا الى المنزل وقتلوا الرجل والفتاة، وثارت ‏عشيرة المقتول بعد ان بين الطب العدلي ان لا وجود لاي اعتداء او ممارسة جنسية بين الطرفين، ثم قتل الاخ الاصغر ‏للفتاة على ايدي اشقاء المقتول ،وبين حسن: أن شقيقة المجني عليها هي من ادلت باقوالها بان شقيقتها تعرفت على ‏الرجل من خلال احدى القنوات الفضائية للاعلانات وهذا الامر يبين مدى خطورة تعرض خصوصيات الناس الى ‏الاختراق من قبل بعض وسائل الاعلام التي اصبحت تروج لاقامة علاقات عاطفية غير منطقية، وخصوصا بعد ‏انفلات الدعاية الاعلامية وحرية القنوات الفضائية في الترويج الى افكارها التي تقف خلفها جهات واجندات مختلفة.
 واضاف الالوسي  هذه واحدة من المشاكل التي تعج بها ملفات القضاء وهي ظاهرة خفية تبين  خطورة استمرار مثل هذه الدعاية الرخيصة التي تتسبب في اشاعة ممارسات غير اخلاقية في ‏طريقة التعامل مع المشاعر الانسانية النبيلة لانها  اصبحت وسيلة اختراق لمنظومة القيم الاجتماعية للمجتمع العراقي ‏التي توالت عليها الحالات والظواهر السلبية الكثيرة ومنها ظاهرة اعلانات التعارف الاجتماعي المشبوه .


علاقات تلفزيونية


من الساعة العاشرة صباحا  وحتى  فجر اليوم الآخر تبدأ اغلب مثل هذه القنوات بثها المباشر عبر صور ثابتة  من مسلسلات تركية وعربية مع اغاني عاطفية تستهوي الشباب، ويحتل جزء واسع من اسفل الشاشة التايتل الاعلاني الذي يسير ببطء يتيح للمشاهد قراءته بشكل جيد وغير مستعجل، بعض هذه القنوات مجهولة الهوية ولاتعرف مرجعيتها الحقيقية، واخرى معلومة تمتهن الاعلانات التجارية بمختلف انواعها وبما فيها  اقامة العلاقات الاجتماعية والعاطفية .
وسام كاظم  طالب في الصف السادس الاعدادي من المتابعين لهذه القنوات قال : بعد الساعة الثامنة مساء ولساعات متأخرة من الليل اتابع هذه القنوات وادون ارقام هواتف الفتيات ممن يبحثن عن علاقات عاطفية او لديهن الرغبة في البحث عن شريك حياة او فارس احلام، ثم اختار افضل شخصية قد تكون قريبة من ميولي ورغباتي واتصل على الرقم الذي حصلت عليه من القناة التلفزيونية ويضيف كاظم  لديه ثلاث صديقات تعرفت عليهن بهذه الطريقة اثنان منهن طالبات واخرى موظفة اقضي معهن اوقات ممتعة بقصد التسلية لا اكثر فانا مازلت طالبا ولا افكر بالزواج مطلقا كما انني لن اتزوج من فتاة تعلن عن نفسها بهذه الطريقة .
علي عدنان طالب جامعي بين  ان هذا النوع من العلاقات اصبح شائعا في الوسط الطلابي ما بين الجامعات وقد جرب الاعلان في احدى القنوات الفضائية في البحث  عن شابة جميلة بشرط ان تكون موظفة من اجل الزواج، واشار الى ان طلبه لاقى  قبولا وحصل على  خمسة اتصالات هاتفية من قبل فتيات ونساء تجازوت اعمارهن الثلاثين عاما وابدن رغبتهن باللقاء للاتفاق على صيغة معينة لادامة العلاقة العاطفية وقد التقيت مع اثنتين منهن وثلاث طلبن التقدم بشكل رسمي قبل اقامة اية علاقة او صداقة، واضاف عدنان  بصراحة ما اقوم به هو لاغراض التسلية واقامة العلاقات العاطفية مع النساء والكثيرين يبحثون عن علاقات غير مشروعة واستغلال موضوع الزواج كمدخل للوصول الى
 الفتاة .


استغلال مادي


لم يكن الحديث مع  فتاة او امرأة  تمارس اقامة العلاقات الاجتماعية عن طريق القنوات الفضائية امرا سهلا بسبب التقاليد والاعراف المتعارف عليها في المجتمع العراقي، لكن طالبة جامعية في المرحلة الاخيرة كانت جريئة في طرحها لهذا الموضوع، تقول (و.ح) في الثالثة والعشرين من عمرها :  لاتوجد مشكلة اخلاقية في طريقة التواصل الاجتماعي عن طريق القنوات الفضائية لاسيما اذا كان الهدف انسانيا ويسمو الى اقامة علاقة شريفة تنتهي بالزواج بين فتاة وشاب او امرأة ورجل قد لايتيح لهم المحيط الاجتماعي من ايجاد الشريك المناسب الا في مكان آخر، وتضيف محمد انها تعرضت الى حالة استغلال مادي بعد ان اعلنت عن رغبتها في ايجاد شاب متوسط الحال للزواج، اذ قام احد الاشخاص بالاتصال بها وطلب منها موعدا للقاء من اجل التعارف وتطورت العلاقة الى صداقة دامت الى اكثر من ستة اشهر ثم اقترض منها مبلغا من المال بعد ان توطدت العلاقة بينهم واختفى من مشهد حياتها اذا تبين ان كل شيء لم يكن حقيقيا لا اسمه ولاعنوانه ولاحتى رقم هاتفه المحمول .  


مجهولة الهوية


استاذ علم النفس في جامعة بغداد الدكتور عبد الرحيم الشمري  قال : حرية الاختيار والتعبير حق تكفله الانظمة الديمقراطية المتطورة التي توظف اغلب الحالات والظواهر الى تقاليد ملموسة مفيدة وغير مضرة بقيم وثقافة المجتمع ولا تضيف شيئا جديدا يطور من وسائل الاتصال والتعارف المشروع الذي يفضي الى علاقات انسانية حميمة قد تتطور الى تكوين عائلة او مجتمعات متماسكة ومتعاونة، لكن في اغلب دول العالم الثالث والمجتمع الشرقي بوجه عام سخرت اغلب وسائل الاتصال والاعلام لاغراض  بعيدة عن وظيفتها الاساسية، فقد اصبح الانترنت لدى الكثيرين وسيلة للتعارف واقامة العلاقات العاطفية من خلال البحث في المواقع المشبوهة واشاعة الفضائح والثرثرة لساعات في كلام لايفضي الى شيء مفيد في حين ان الدول المتقدمة قد ثقفت شعوبها  التي تمرست في طبيعتها على استعمال وسائل الاتصال بشكل مفيد وخصصت اماكن مخصصة للهو واقامة العلاقات لمن يريد ان يدخل في هذا المجال، واضاف الشمري   شخصنا أكثر من تسع قنوات فضائية مجهولة الهوية من خلال متابعتنا لهذه الظاهرة وهي تقوم بعرض ارقام الهواتف ورغبات المعلنين عن حاجاتهم الى زوجات وصديقات وعلاقات عاطفية وهذا الامر يفسر مستوى معين من الانحلال الاجتماعي وضعف السيطرة من قبل العوائل على ابنائهم وبناتهم، لانها اصبحت صعبة جدا بوجود وسائل اتصال متعددة، كالهاتف المحمول والانترنت والتلفاز الذي اصبح يعمل على الانترنت هو الآخر، ولذلك لابد من اجراء احترازي لجميع الظواهر التي بدأت تهدد قيم المجتمع العراقي ومنها هذه القنوات غير معروفة 
الهوية .


ترخيص


القاضي ( ع.م)  بين ان موضوع ترخيص القنوات الفضائية بحاجة الى تشريع قانوني صريح يوضح تفاصيل المحتوى الثقافي والاجتماعي للمضمون الذي تتناوله موضاعات تلك القنوات وابتعادها عن التلميحات والايحاءات الاباحية او البرامج التي تهدف الى تخريب منظومة القيم الاخلاقية للمجتمع او تفرض انتشار ظواهر غريبة وطارئة، فالمؤسسات المعنية بموضوع البث والارسال لاتستطيع لوحدها ان تسيطرعلى مايبث ويذاع ما لم تستند الى قانون يشرع آليات عملها بوضوح ودقة حتى تستطيع اداء دورها بشكل كامل.
 




تنصيصات


انفلات الاعلان التجاري يبين  مدى خطورة تعرض خصوصيات الناس الى الاختراق من قبل بعض وسائل الاعلام التي اصبحت تروج لاقامة علاقات عاطفية غير منطقية 


 اغلب دول العالم الثالث سخرت اغلب وسائل الاتصال والاعلام لاغراض  بعيدة عن وظيفتها الاساسية  اذ اصبح الانترنت لدى الكثيرين وسيلة للتعارف واقامة العلاقات العاطفية والبحث عن مواقع لا اخلاقية  

محرر الموقع : 2014 - 03 - 19