شاب سويدي يكرس وقته وماله لمساعدة اللاجئين في بلاده وأوروبا وينقل صور معاناتهم
    

شاب في العشرين من عمره، اختار التطوع لمساعدة اللاجئين السوريين هدفاً في حياته بدلاً من الاستمتاع بما يقوم به الشباب عادة في مثل سنه، وقرر لأجل ذلك بذل الكثير من وقته وماله لأمر يراه أنه بمثابة مأساة، سيشهد التاريخ ماذا فعلت البشرية لأجل مواجهتها.

إنه إريك يرهاردسون، متطوع سويدي يروي لموقع TheLocal السويدي تجربته مع اللاجئين في السويد والخارج.

يقول إريك في مطلع حديثه :”فتح الأبواب أو إغلاقها، الدفاع عن اللاجئين أو تشويه سمعتهم، النظر في وضعهم ومساعدتهم أو أن ندير ظهورنا للمستضعفين الهاربين من الحرب الوحشية في سوريا، كل هذه الأمور ستُدون و ستُعرف يوماً ما”.

ويرى إريك أن الحرب في سوريا حرب معقدة وأن التاريخ سيشهد وسيسجل ما قام به الأفراد أو الجماعات تجاه هذه المأساة، معتبراً أن مايقوم به هي مجرد جهود بسيطة تجاه ما يحصل في سوريا.

أنهى الشاب السويدي دراسة المرحلة الثانوية، لينخرط بعدها في العمل التطوعي مع اللاجئين، وكان خلال دراسته يعمل ويدخر المال، معبراً عن رغبة قديمة لديه في العمل التطوعي الإنساني.

ويقول هنا إنه وفي أيلول سبتمبر 2015 ، “عندما رأيت تدفق اللاجئين ومعاناتهم خلال رحلتهم الطويلة عبر أوروبا وخصوصا في الأماكن التي اعتدت الذهاب اليها أيام العطل، لم أتمكن من الوقوف مكتوف اليدين فقررت أن أتحرك”.

ويتابع أن أول خطوة قام بها كانت التبرع بمبلغ وقدره 500 يورو كان قد إدخره سابقاً وعندما أخبره أحد الأصدقاء الذي يعمل في جمعية تطوعية إنسانية في السويد، بأن اللاجئين في هنغاريا بحاجة للبطانيات هناك للتدفئة، ناشد إريك أهالي البلدية التي يقطن بها، بأن يتحركوا ويجمعوا البطانيات، وهذا ما حصل بالفعل، ولكن هذا الأمر لم يكن كافياً له، بل أراد التفاعل أكثر وأكثر في مأساة هؤلاء اللاجئين.

الرحلة إلى هنغاريا

مع تعالي أصوات بعض الدول بإغلاق حدودها أمام موجات اللاجئين، قرر إريك وثلاثة من أصدقائه بأن يتخذوا موقفاً مختلفاً حيال الأمر، ويقول هنا ” لقد استطعنا أن نجمع 3000، يورو كان قد تبرع بها أصدقاء و عائلات يقطنون في نفس حي سكننا. مما سمح لنا بالسفر وتأمين تكاليف الرحلة إلى هنغاريا بهدف مساعدة اللاجئين، الذين كانوا ينزحون إلى النمسا في أيلول سبتمبر 2015″.

ويصف إريك رحلة اللاجئين بأنها شاقة ومتعبة ويقول، إنه كان على هؤلاء المشي على أقدامهم لحوالي ساعتين أو ثلاثة، للوصول إلى أقرب نقطة تجمع نمساوية، وقررنا أن نسير سوية معهم على أقدامنا، ونزودهم بالمعلومات اللازمة، بشكل يساعدهم الوصول إلى الأماكن التي يرغبون بالوصول إليها.

ويتابع”قدمنا لهم الماء والغذاء، وقمنا بحمل أطفالهم وحقائبهم، وكان العديد يشكون من الرحلة الطويلة خاصة وأنهم عانوا الكثير من الظروف الصعبة قبل الوصول الى هنغاريا”.

في تشرين الأول اكتوبر من نفس العام، عاد إريك وأصدقاؤه إلى السويد، حيث توافد الكثير من اللاجئين إلى مناطق عدة من السويد وخصوصاً في جنوب البلاد، وقرر من أجلهم ،إطلاق مبادرة بسيطة سماها Medmänniskor Hjälper بمعنى آخر (المساعدة فيما بين الناس لدعم الوافدين الجدد إلينا) كما تبرع العديد من سكان المنطقة هناك بالملابس واللوازم المنزلية للقادمين الجدد.

ولم يكتف إريك بذلك بل قام وأصدقاؤه بتنظيم نشاطات عديدة رياضية وأمسيات أفلام سينمائية وغيرها ويقول هنا ìكان اللاجئون بحاجة للترحيب الحارî.

اليونان ورحلات القوارب

يتابع إريك حديثه عن عمله التطوعي ورحلته مع اللاجئين ويضيف ìالمشاهد من جزيرة ليسبوس اليونانية أحزنتي بالفعل، ولا زلت حتى الآن أحتفظ في ذاكرتي بالكثير من المشاهد المؤلمة، التي لا تمح بسهولة، والتي تظهر لي المئات من الناس وهم ينامون على الطرقات من دون أي سقف فوق رؤوسهم .

ويقول “كنا في كانون الأول ديسمبر، عندما التقيت بالكثير من اللاجئين اللذين لا تحصى أعدادهم، وهم يعانون قساوة برد الشتاء على تلك الجزيرة، لم يكن هناك العدد الكافي من الملاجئ لايواء تلك الأعداد من اللاجئين”،انضم إريك بعد ذلك لمجموعة متطوعين كانوا يعملون في مخيم سيء السمعة يدعى موريا في ليسبوس. وبعد مضي أشهر قليلة أي في آذار مارس 2016 انضم لمجموعة تطوعية أخرى تعمل مع منظمة يونانية غير ربحية تدعى ERCI

يصف إريك ماكان يراه بأم عينيه من أوضاع سيئة للكثير من اللاجئين قائلاً،“لقد كان الوضع مزريا عندما أردنا مشاركة الناس أوجاعها، قمنا بمساعدة العديد من العائلات وخاصة تلك التي عانت من درجات الحرارة المنخفضة ، كانوا يشعرون بالبرد القارس وبالرطوبة التي اخترقت عظامهم، أعطيناهم الملابس والمأكولات الحارة وطعامًا بسيطاً للإغاثة”.

ويتابع إريك وصف مشاعره خلال قيامه بعمليات إنقاذ للاجئين عبر البحر المتوسط قائلاً “طوال فترة تطوعي شعرت بالأمل ولحظات احباط شديدين في آن واحد، بعض المراكب وصلت الشاطئ و كان على متنها أشخاص على قيد الحياة، حيث أرتسمت الإبتسامة على وجوه الناجين، في حين ملأت عيون الآخرين الدموع ذعراً وخوفاً من مشاق رحلة البحر بالقارب أو جراء فقدان أحد الأحباء في تلك الرحلة”.

مساعدة اللاجئين أفضل علاج لهول ما شاهده من مآسي

ويتحدث هنا عن بعض التجارب التي مر بها خلال عمله التطوعي، واصفاً حالة الصدمة التي انتباته في إحدى المرات عندما وصل مركب للاجئين وعلى متنه جثتين حيث يقول، إن الوقت لم يكن مناسباً إلاّ للتحرك وتقديم المساعدة والعون فقط بعيداًعن المشاعر، فقد قمنا أنا وأصدقائي بدفع الجثث خارج المركب، وأكملنا مساعدة الناجين على متن المركب.

ويتابع إريك” لقد قمنا نحن المتطوعون بمواساة بعضنا البعض في أوقات الراحة التي كانت قصيرة، فحاولنا التحدث مع بعضنا البعض من أجل أن نبقى أقوياء ونتخطى الصدمة سوياً”.

ويعتبر المتطوع السويدي، أن تمضية الأيام وهو يقوم بمساعدة الناس والتأكد من أن الكل يحصل على العون كان بالنسبة له أفضل علاج للتدهور العاطفي، الذي مر به هو وأصدقاؤه.
إغلاق الحدود بوجه اللاجئين أمر معيب…ماذا ستفعلون لو كنتم مكانهم؟!

وخلال المقابلة وجه إريك رسالة للسويديين والأوروبيين قال فيها إنه مستعد دائماً للذهاب الى أي مكان، لطالما هناك من بحاجة للمساعدة، معتبراً أنه من المعيب على الدول الأوروبية إغلاق حدودها في وجه اللاجئين.

ويختم كلامه هنا بالقول”فقط اسألوا أنفسكم ماذا كنتم ستفعلون لو كنتم في مكان اللاجئين؟ كيف كنتم تريدون أن تعاملوا؟ هل كتنم ستنأون بأنفسكم عندما ترفض دول قادرة على مساعدتكم؟ لا أعتقد ذلك”

ويعتبر أن الدول الأوروبية، تصرف الموارد المادية من أجل نشر الجنود والتشديد على الحدود وبناء الجدران والأسوار واستخدام الغازات المسيلة للدموع بدلاً من أن يقدموا العون للناس المحتاجة.

أيها اللاجئون ..هناك أناس طيبون يريدون مساعدتكم

كما وجه إريك رسالة للاجئين من الحرب في سوريا قائلاً لهم “يجب عليكم أن تعلموا بأنه على الرغم من كل المعانات في حياتكم، هناك دائما أناس طيبة يبذلون كل جهدهم لمساعدتكم ، نحن نعلم بأنكم تتألمون ونشعر بآلامكم، وأعلم أن العالم بأجمعه قد عجز عن إنهاء معاناتكم، ولكن أتمنى أن تكونوا على السمع وتعلمون بأنني أقف بجانبكم وأنكم لستم لوحدكم في هذه الدنيا”.

المصدر: TheLocal

 
محرر الموقع : 2017 - 01 - 11