في خطبة الجمعة من العاصمة البريطانية لندن ... العلامة الكشميري : من يستحل اليوم دماء الابرياء ويهتك الاعراض لا يختلف نهجه عن بني امية وبني مروان
    

العلامة السيد مرتضى الكشميري يقول في ذكرى شهادة الامام السجاد (ع): 
• لم تكن ظاهرة العبادة والبكاء في حياة الامام (ع) مجرد خضوع وخشوع للمولى سبحانه وتعالى، بل فيها اهداف توعوية وسياسية 
• من يستحل اليوم دماء الابرياء ويهتك الاعراض لا يختلف نهجه عن بني امية وبني مروان 

 

 

جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة بالادارة الجعفرية شرق لندن قائلا:

لم يمارس الامام زين العابدين (ع) دوره العبادي خضوعا وخشوعا للمولى وتأسيا بسيرة ابائه واجداده فحسب بل لاهداف اخرى. فقد راه جابر بن عبد الله الانصاري منهكا نفسه بالعبادة فقال له : يابن رسول الله أما علمت ان الله انما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم ، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك .

 فقال له علي بن الحسين : يا صاحب رسول الله أما علمت ان جدي رسول الله ( ص) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولم يدع الاجتهاد ، وقد تعبد بأبي هو وامي حتى انتفخ الساق وورم القدم ، فقيل له : أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : أفلا أكون عبدا شكورا ، قال اذا يابن رسول الله ، البقاء على نفسك فانك من اسرة بهم يستدفع البلاء ويكشف الأواء وبهم تستمطر السماء ، فقال : يا جابر لا أزال على منهاج آبائي حتى القاه .

 

وبمثل هذا اجاب لمن ساله عن شبه عبادته بامير المؤمنين (ع) فقال اين عبادتي من عبادة جدي امير المؤمنين (ع) هذا كله خضوعا منه للباري سبحانه وتعالى وتأسيا بأبائه.

ولكن الى جانب هذا اراد الامام من خلال العبادة ان يعطي للامة درسا توعيا وتربويا في وقت اعيته السبل عن توجيهها وارشادها الى صلاح دنياها واخراها بسبب الضغط الذي كان عليه من حكام عصره وعدم اللقاء بقواعده الشعبية، فلذا انحصر اداء واجبه الرسالي من خال العبادة ليقابل بها ذلك المد الفاسد الذي نهجه بني امية وابعدوا به المسلمين عن طاعة ربهم وجروهم على عصيانه والتمرد عليه، حتى اقتدى بهم من اقتدى من عامة الناس ممن لا وعي عنده ولا بصيرة له في دينه وعقيدته، وتصور هؤلاء السذج بان هذا هو الاسلام وهؤلاء ممثلوه بفسقهم وفجورهم وعلى الامة ان تطيع فاسقهم وفاجرهم بكل ما يفعلونه ويتظاهرون به. وهذا ما نراه اليوم ممن يقتلون الابرياء ويستحلون الدماء والاعراض باسم الاسلام وبشعار الله اكبر. اذا فماذا يصنع الامام السجاد (ع) في تلك الفترة والحال هذا وهو المسؤول عن حماية دين جده (ص) وكان نظر الناس اليه، فاتجه عليه السلام الى الجانب العبادي ليدير طرف الامة الى نهج الاسلام الصحيح ويبعث بعبادته رسالة غير مباشرة الى الملا، وكأنه يقول لهم ايها الناس ان ظاهرة التنكر لاحكام الاسلام والميوعة والاستهتار والتجاهر بالمعاصي وما يرتكبه بنو امية ليس هو من الاسلام بشيء ولا هؤلاء يمثلونه باعمالهم وافعالهم حتى وان تظاهروا بالصوم والصلاة، وان الاسلام هو دين هداية ورحمة وخير للبشرية بكل ما جاء به نبيه الكريم من فضائل ومكارم تجسدت به (ص) وبسيرة اهل بيته الكرام (ع)، وبهذا النهج العبادي سحب الامام السجاد (ع) البساط من تحت اقدام بني امية ومن سار على نهجهم  نضير ما فعلته المرجعية اليوم من الدعوة الى الدفاع الكفائي لتصحيح مسار الاسلام وحماية مقدساته من ايدي العابثين والمتجاوزين.

اما ظاهرة البكاء في حياة الامام زين العابدين (ع) فهي وان كانت ترى لاول وهلة ظاهرة عاطفية وحزنية على ابيه الحسين (ع) واهل بيته عليهم السلام، الا ان الامام السجاد (ع) اراد من خلالها ان يندد بالظلم والظالمين ويبين للعالم مظلومية ابيه الحسين (ع) الذي انتهكت بنو امية بقتله حرمة الاسلام  (لعن الله امة قتلتكم وانتهكت في قتلكم حرمة الاسلام).

وكان يكرر قوله هذا في مناسبات عديدة لكل من رءاه باكيا فمثلا حينما يمر بسوق الجزارين  يرى جزارا يذبح كبشا يقول له ياهذا اسقيت هذا الكبش ماءا قال بلى يا بن رسول الله نحن معاشر الجزارين لا نذبح الكبش حتى نسقيه ماءا فتنهمر دموعه على خديه وهو في وسط السوق ثم يوجه وجهه الى جهة كربلاء ويقول ابه يا ابه الكبش لا يذبح حتى يسقى الماء وانت قتلت الى جانب الفرات عطشانا !!

وقد تكررت هذه المواقف منه في مناسبات عديدة وهي ان دلت فانما تدل على مواقفه السياسية للتنديد بالظلم والظالمين

((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ))

 

 

 

 

 

محرر الموقع : 2014 - 11 - 21