العراق يسعى لتوفير حاجته السنوية من محصول الحنطة
    

بخلاف المتوقع عالميا, وبينما يواجه العالم تهديداً خطيراً مصدره مرض فطري لديه القدرة على ابادة محصول الحنطة عالمياً, يسير العراق وفق خطة علمية منهجية لتوفير محصول الحنطة بشكل تام, مؤكدا قدرته على التصدي للتقلبات العالمية والوصول الى مرحلة الاكتفاء الذاتي من المحصول خلال الموسم الحالي.
وبحسب صحيفة الاندبندنت،  يحذّر العلماء من أن محصول الحنطة في العالم يواجه تهديداً خطيراً مصدره مرض فطري لديه القدرة على إبادة المحصول عالمياً ما لم يتم احتواؤه بسرعة, هذا المرض المسمى «صدأ الحنطة» وباء مدمّر بدأ انتشاره من أفريقيا منتقلاً إلى جنوب آسيا ووسطها ثم الشرق الأوسط فأوروبا مخلفاً وراءه خسائر كارثية أصابت ثاني المحاصيل الغذائية أهمية في العالم بعد الرز, وهنالك قلق يتنامى بشأن المخاطر التي يمكن أن يواجهها الأمن الغذائي العالمي.
ويقدّر علماء النبات البريطانيون أن التطوّرات الأخيرة تعني أن 90 بالمئة من سائر أضراب الحنطة الأفريقية المعروفة حالياً باتت عرضة للإصابة بالمرض. 
وتكمن خطورة وباء صدأ الحنطة، كما يوضح الدكتور «ديفد هودسون» من «المركز الدولي لتحسين الذرة والحنطة» في أديس أبابا، في قدرته على إلحاق دمار واسع النطاق خلال فترة زمنية قصيرة جداً والانتشار في مناطق زراعية شاسعة. يقول الدكتور هودسون: ان حالات مرض الصدأ الوبائية يمكن تشبيهها بحرائق الغابات، لأن المرض بمجرد تمكنه من الحصول على موطئ قدم ينطلق منتشراً وسرعان ما يخرج عن السيطرة. يتكاثر هذا الفطر عن طريق إنتاج ملايين السبورات القابلة للانتقال مع الريح، كل سبور منها قادر على التسبب بإصابة جديدة.
ويقول «فاضل دوسنجيلي» من منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة: ان الأمراض الفطرية والجفاف هما أكبر تحدّيين يواجههما إنتاج الحنطة على نطاق العالم. وينبه دوسنجيلي على ضرورة تحرّك الدول بسرعة لمواجهة هذه السلالات الفطرية الجديدة، كما يعتقد أن إنتاج أضراب جديدة من البذور أمر بالغ الحساسية. ويضيف دوسنجيلي أن الأمم المتحدة تبقى تتطلع إلى بلدان مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الأوروبية آملة منها أن تتقدم الصفوف في هذه المعركة. يقول: «البلدان المتقدّمة تمتلك مؤسسات متطوّرة وبرامج وقدرات تفتقر إليها البلدان النامية، ولأن هذه الأخيرة لا تمتلك من الاستعدادات ما يكفي لكسب المعركة مع هذه الأمراض، فإنها تمنى بخسائر فادحة كلما وقع الوباء.» 
اما عن الواقع العراقي في هذا المجال, فقد اوضح الوكيل الفني للوزارة الدكتور مهدي القيسي لـ(الصباح) ان منظمة الاغذية العالمية (FAO) سبق لها ان نبهت الدول من خطر حدوث ازمة غذاء وخاصة لمحصول الحنطة كونها مفتاح الامن الغذائي لأي بلد، مبينا ان الوزارة اولت الامر اهمية كاملة من خلال اقامة مشروعين عملاقين الاول تضمن توزيع منظومات الري بالرش الى فلاحي الحنطة بسعر مدعوم يصل الى 50 بالمئة تمول من صناديق المبادرة الزراعية التي تقسط على الفلاح على مدى عشرة اعوام.
واضاف ان المشروع الوطني لزراعة الحنطة وهو الثاني من نوعه بهذا المجال، يهدف الى توفير المكننة والمبيدات والاسمدة واستخدام التقنيات الحديثة للفلاح بأسعار مدعومة، فضلا عن استنباط سلالات واصناف من المحصول تتحمل الاملاح  والجفاف وذات نوعية  انتاجية عالية وصفات نوعية ممتازة، اسهاما برفع غلة الدونم الواحد تباعا.
واكد القيسي وصول البلاد خلال الموسم الماضي الى تغطية حاجة البلاد من محصولي الحنطة والشعير بنسبة 80 بالمئة، بانتاج تجاوز الاربعة ملايين طن، مقارنة بحاجة البلاد البالغة اربعة ملايين و500 ألف طن، متوقعا ان تصل البلاد الى الاكتفاء ذاتيا بنسبة 100 بالمئة لمحاصيل الحنطة والشعير والذرة بأنواعها.
واشار الى ان الوزارة تسعى الى تجاوز حجم الطلب على محصول الحنطة كونها تسير بستراتيجية واضحة بفضل صناديق اقراض المبادرة الزراعية.
واكد أن الوزارة تكلف وللمرة الاولى هذا العام بتسلم محصول الشعير من الفلاحين، موضحا ان شركة ما بين النهرين فتحت مركزا لتسلمه ضمن محافظات البصرة وميسان وذي قار والمثنى، فيما ستفتتح مراكزها في ديالى وواسط  وكربلاء المقدسة والنجف الاشرف والديوانية، بداية الشهر المقبل، على ان تفتتح في الخامس من الشهر نفسه مراكز بمحافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين. 


ديالى 
في السياق نفسه انهت مديرية زراعة ديالى تحضيرات حصاد اكثر من500 ألف دونم من محصولي الحنطة والشعير، بحسب ما افاد به لـ(الصباح) مصدر في ادارة المحافظة، موضحا ان المديرية هيأت اكثر من 450 حاصدة للمشاركة بالحملة التي ستنطلق منتصف ايار المقبل اضافة الى توفير الساحبات الزراعية لنقل المحصولين وتأمين الوقود المدعوم. 
واشار الى ان عدد المساحات المزروعة بالحنطة تجاوز الـ 440 ألف دونم فيما تبلغ المساحات المزروعة بالشعير68 ألف دونم، متوقعا ان يشهد الموسم الحالي انتاج كميات كبيرة من المحصولين بسبب توفر مصادر المياه الذي انعكس بصورة ايجابية على توسيع زراعة مساحات كبيرة منهما.


ميسان 
من جانبه, قال مدير زراعة ميسان طارق كاظم لـ(الصباح): ان الموسم الحالي سيشهد زيادة بانتاج الحنطة تتجاوز الـ 130 الف طن، نتيجة كثرة الأمطار التي هطلت في الاونة الاخيرة، فضلا عن استخدام  بذور الاصناف الواعدة ومكافحة الادغال وإدخال انظمة الري الحديثة والاسمدة الكيمياوية.
ونوه بأن المديرية افتتحت ستة مراكز لتسلم المحصول موزعة بين المركز الرئيس لسايلو العمارة ومركز الطيب اضافة الى اقضية قلعة صالح وعلي الغربي والكحلاء والميمونة. 


واسط 
محافظة واسط طالبت بزيادة عدد المراكز التسويقية لتسلم محصولي الحنطة والشعير من الفلاحين والمزارعين، ضمن الموسم الزراعي الحالي، بحسب رئيس لجنة الزراعة في مجلس واسط هاشم تركي العوادي. واضاف لـ(الصباح) ان المنافذ التسويقية في المحافظة لا تكفي لاستيعاب محصولي الحنطة والشعير التي فاقت كمياتها جميع التوقعات هذا العام، مشيرا الى وجود اتصال مع وزارة التجارة لتهيئة معمل الذرة في  العزيزية ليكون ملائما لتخزين محصولي الحنطة والشعير الصالحة.
وزاد العوادي ان المحافظة فتحت ابواب منافذها التسويقية امام الفلاحين والمزارعين بدءا من يوم الثلاثاء الماضي، لافتا الى ان المساحة المزروعة بمحصول الحنطة بلغت 944 ألف دونم، والمزروعة بالشعير 143 ألف دونم.


كركوك 
الى ذلك, قال مدير زراعة كركوك مهدي مبارك لـ (الصباح): إن مديرية الزراعة قررت زيادة المساحة المزروعة بالحنطة ضمن خطتها إلى أكثر من 700 الف دونم، وأشار إلى مباشرة مديرية التجهيزات الزراعية توزيع الحبوب على فلاحي المحافظة بأسعار مدعومة بنسبة 80 بالمئة.


النجف الاشرف 
اما مديرية زراعة النجف فحددت لـ(الصباح) على لسان مديرها جاسم جياد، المساحة المخصصة لزراعة المحصولين فيها بـ 234 الف دونم، كاشفا عن ان كمية المسوق منها خلال الموسم الماضي بلغ 88 الف طن للحنطة، و12 الف طن للشعير، مؤكدا سعي المديرية سعت الى توفير كل مستلزمات انجاح حملة حصاد المحصولين. 
 
المثنى 
على الصعيد نفسه, أثمر تطبيق البرنامج الوطني لتنمية زراعة الحنطة في المثنى على مساحة 1000 دونم ضمن ناحية النجمي، عن زيادة في إنتاجية المحصول ما شجع على زيادة المساحة المستهدفة من قبل البرنامج للموسم الزراعي الحالي.
واوضح منسق البرنامج في المثنى، علي رحيم محمد لـ(الصباح) أن الزيادة التي ادخلتها للموسم الماضي بلغت 25 ألف دونم بهدف الوصول الى زراعة 132 ألف دونم قابلة للزيادة ضمن الخطة التي وضعتها وزارة الزراعة وشملت بها 12  محافظة بالبرنامج منذ العام 2012.
وبين ان البرنامج المذكور هو إرشادي بحثي إنتاجي يهدف الى تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة بحلول العام 2022 من خلال زراعة خمسة ملايين دونم في البلاد، والاستفادة من تجارب مماثلة لايران التي امست مصدرا للحنطة، والهند لزيت محصول الذرة الصفراء.

محرر الموقع : 2014 - 04 - 21