عندما يُعري الحجاب الإسلامي الثقافة الغربية
    

يرى بعض المراقبين ان الهجمة التي يتعرض لها المسلمون لاسيما الجزائريين في فرنسا، بدأت تاخذ ابعادا اكبر، كلما اقتربنا من موعد الانتخابات الرئاسية، فبعد الاهانة التي وجهها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للجزائر والشعب الجزائري، عندما شكك بوجود امة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي، جاء دور رئيس بلدية فرنسية، معروف بتطرفه وكرهه للمسلمين، حيث تهجم وبشكل علني على حجاب المسلمات الجزائريات في فرنسا، و وصفهن بطريقة غير اخلاقية.

قبل ايام وفي مقابلة مع قناة “ال سي آي” الفرنسية، قال السياسي الفرنسي اليميني روبير مينار: ان “الجزائريات كنّ مثيرات للغريزة واليوم أصبحن محجّبات”!!، واضاف مينار وهو عمدة بلدية بيزييه: “لقد تغير الناس كثيراً.. عندما كنت أبلغ من العمر 18 عاماً، لم أر قط في الحي الذي أسكنه فتاة تضع الحجاب، لا سيما الجزائريات”.

تصريحات مينار المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، اثارت سخطا على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتقادات لسماح القناة الفرنسية ومذيعتها له بقول مثل هذا الكلام بدون مساءلة، ومرور هذا الكلام هكذا بدون إدانة واسعة في الأوساط الإعلامية والسياسية والثقافية الفرنسية.

من الخطأ ربط الهجمة العنصرية التي تستهدف المسلمين وخاصة الجزائريين في فرنسا، بالانتخابات الفرنسية حصرا، فهذه الهجمة لها جذور في تاريخ فرنسا المعاصر، فنظرة الانسان الفرنسي للمسلمين وخاصة الجزائريين، نظرة استعمارية واستعلائية، بل ان الفرنسيين المعروفين بـ”الاقدام السوداء” ومنهم مينار هذا، لا يعترفون بدولة اسمها الجزائر، ومازالوا ينظرون الى الجزائر بانها جزء من فرنسا، ولم يسبق ان قدموا اعتذارا عن فترة الاستعمار التي امتدت 130 سنة للجزائر، او عن الجرائم التي ارتكبوها ضد الشعب الجزئري.

المعروف ان عبارة الأقدام السوداء،  تطلق على  المستوطنين والمستعمرين الاوروبيين الذين جلبتهم فرنسا لتغيير التركيبة الديمغرافية في الجزائر، و كان عددهم يصل إلى مليون مستوطن، و كانوا يمثلون ما يقارب 10% من سكان الجزائر البالغ عددهم حينها 10 ملايين، مع ما يقارب 126 الف يهودي. وتم طردهم بعد استقلال الجزائر، لذلك لديهم حقد على كل ما هو إسلامي، ولحد اليوم لم يهضموا فكرة انتصار الجزائر وطرد المستعمر.

من المؤكد ان مثل هذه التصريحات، كالتي ادلى بها مينار، تشير الى ان اليمين الفرنسي افلس اخلاقيا دون ادنى شك، فلم يبق ما يمكن ان يستخدمه اليمين الفرنسي في حربه ضد الاسلام والمسلمين، الا حجاب المسلمات، وبهذه الطريقة الهابطة وغير الاخلاقية، فهذه التصريحات تُعري الثقافة الغربية التي تجعل من الرجل كائنا شبقيا لا يرى في المرأة إلى ما تمليه عليه غريزته لا ما يمليه عليه عقله وضميره، كما تعكس هذه التصريحات عن مدى احتقار هذه الثقافة للمرأة.

تصريحات مينار هذا، تعري ايضا الدوافع الحقيقية وراء تهجم الغرب على الحجاب الاسلامي،  فهم يحاربون الحجاب، لا من أجل حقوق المراة، بل لانهم يريدون ان تكون المرأة فقط رخيصة وفي متناول اليد، كما هو شائع في الغرب.

بات واضحا ان حقد الغرب على عفاف المرأة المسلمة الجزائرية والمغاربية، هو حقد لا يوصف، لان الحجاب يحول دون ان تتحول المراة الى سلعة رخيصة، كما يريد مينار ورفاقه، الذين ينخرهم هذا الحقد.. “وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ”.. “وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً”.

*أحمد محمد

محرر الموقع : 2021 - 10 - 13