المونيتر : فوز المستقلين سيدفعهم للتحالف مع من يشاركهم آراءهم داخل البرلمان
    

جاءت نتائج الانتخابات العراقية المبكرة مفاجئة للجميع بفائزيها وخاسريها مما يشير الى مرحلة سياسية جديدة سيعيشها البلد. وكانت حصيلة الأصوات التي أعلنتها المفوضية المستقلة العليا للانتخابات صادمة نوعا ما لبعض الأحزاب السياسية بضمنهم تحالف الفتح بزعامة هادي العامري الذي تراجعت مقاعده إلى أقل من النصف.

 

 

في هذه الاثناء فاز ائتلاف قوى الدولة بزعامة عمار الحكيم الذي تحالف مع كتلة النصر لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بخمسة مقاعد فقط، في حين كان الحكيم لوحده قد فاز بـ19 مقعدا في انتخابات عام 2018 السابقة.

قانون الانتخابات الجديد أدى الى نصر كبير للصدريين في هذه الحملة الانتخابية. وكشفت النتائج الأولية عن فوز كتلة التيار الصدري بـ73 مقعدا، أما تحالف تقدم بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي فقد جاء بالترتيب الثاني بفوزه بـ 43 مقعدا، وجاء ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بالترتيب الثالث بفوزه بـ37 مقعدا.

من جانب آخر فانه من المتوقع ان يقلل القانون الجديد من نفوذ الأحزاب السياسية التقليدية. مع ذلك فان قسما منهم تمكن من الاستفادة منه عبر التأثير الاجتماعي وزيادة نفوذهم من خلال إدارة مرشحيهم في الدوائر الانتخابية.

سجاد جياد، محلل سياسي عراقي وباحث لدى معهد سينتشري فاونديشن للدراسات، قال للمونيتر "قانون الانتخابات الحالي بشكل عام إيجابي وافضل من القانون السابق، ولكنه يحتاج في المستقبل لبعض التعديل لتهيئة واعداد الظروف الانتخابية من اجل الإصلاح والتغيير. الأحزاب معروفة بتنافسها الانتخابي، ولهذا فان قسما منهم استخدم القانون لمصلحتهم". وأضاف المحلل جياد بقوله "التغيير قادم ولكنه سيكون على نحو تدريجي. قسم من الوجوه الجديدة وبعض الأطراف المستقلة نوعا ما قد نجحت بتحقيق فوز كبير في هذه الانتخابات ولكنها لا تمتلك تأثيرا كبيرا على المشهد السياسي. ولذلك فان البرلمان الجديد هو مقارب للبرلمان المنتهية ولايته فيما يتعلق بجانب هيمنة القوى السياسية الكبرى".

وعلى خلاف القانون السابق الذي كان يعتبر كل محافظة كمنطقة انتخابية، فان القانون الجديد اعتمد على المناطق الانتخابية المتعددة. ولهذا فان الامر لم يكن في صالح الأحزاب التي ليست لها قواعد شعبية قائمة في مناطق جغرافية معينة. في محافظة ذي قار، التي اعتبرت بمثابة عاصمة الاحتجاجات العراقية على مدى اكثر من سنة، فان القانون الجديد كان في صالح حركة امتداد، التي انبثقت قبل سنة تقريبا من داخل حركة الاحتجاجات ويترأسها الناشط السياسي علاء الركابي. فقد تمكنت حركة امتداد من الفوز بعشرة مقاعد، خمسة في ذي قار وخمسة أخرى في ثلاث محافظات جنوبية أيضا، معتمدة بذلك على أصوات المحتجين الذين سئموا من الطبقة السياسية العراقية. لقد بينت هذه الانتخابات، التي جرت وفق قانون الانتخابات الجديد، على نحو واضح بان المنظمة السياسية للقواعد الشعبية هي بمثابة العمود الفقري للوصول الى البرلمان. واشتمل ذلك على مستقلين اعتمدوا مجتمعاتهم وعشائرهم في مناطقهم ومدنهم للتصويت لهم.

مع ذلك فان الكتلة الصدرية كانت الفائز الأكبر بفضل قانون الانتخابات الجديد. في السنوات الماضية عمل الصدريون على تمرير قانون انتخابات لمناطق متعددة. وكانت احتجاجات تشرين الأول عام 2019 فرصة لدى الصدريين للضغط على كتل سياسية لتمرير القانون الذي جاء متوافقا مع طموحاتهم وكان متلائما جدا مع قاعدتهم الشعبية الواسعة.

القاعدة الشعبية لرجل الدين مقتدى الصدر واسعة، ويتمركز نفوذه في مناطق معروفة من شرقي بغداد وغربيها ومناطق كثيرة أخرى جنوبي العراق. ولهذا فان القانون الجديد خدم التيار الصدري على نحو كبير ومكن زعيمه من الفوز بقرابة ثلث مقاعد البرلمان.

ريناد منصور، باحث لدى مركز كارنيغ لدراسات الشرق الأوسط، قال للمونيتر "فيما بعد سيكون المستقلون في خطر وهم بين أحزاب تقليدية كبيرة، ولهذا فانهم سيواجهون صعوبة في تشكيل كتل قوية".

لقد منح القانون الجديد للمستقلين فرصة كبيرة للوصول الى البرلمان بدون اضطرارهم للانضمام الى منظمات حزبية واتباع قناعات رؤساء الكتل. المستقلون، وبسبب القانون الجديد، يعتبرون ثاني اكبر فائزين بعد التيار الصدري. من ناحية أخرى، لا يمكن لأحد ان يقول بان عمل النواب المستقلين سيكون ذا نفوذ داخل البرلمان، الذي يحتاج لعمل جماعي او حزبي تحالفي. أصواتهم سوف لن تكون مسموعة وسط اصوات أحزاب كبرى مثل التيار الصدري وتحالف تقدم وأحزاب كردية وسنية وشيعية أخرى، ولهذا فانه ليس لديهم حل سوى الانضمام او التحالف مع الأحزاب التي تشترك معها بنفس الرؤى والأفكار.

عن المونيتر

محرر الموقع : 2021 - 10 - 14