ألأمّ الأيرانية التي غفرت لقاتل ولدها لحظة الأعدام!
    

لم يكن عبثاً أن جعل الله تعالى الجنة تحت أقدام الأمهات إكراماً و تعظيماً لهنّ, و كما جاء على لسان سيد المرسلين و خاتمهم محمد(ص)!؟ فهل حان الوقت لنفكر بعظمة المرأة و دورها الكبير في إحياء الأنسان و بآلتالي المجتمع؟

تأمّلوا:
إمرأة مؤمنة فقدتْ إبناها, ألأول ذو التسع سنوات في حادث مؤسف قبل 4 سنوات, و الثاني بآلقتل العمد من قبل صديقه بسبب شجار شخصيّ, حيث عفتْ عنه في اللحظات الأخيرة قبل الأعدام!

سألوها: بحسب ما سمعنا من آلناس و حتى عبر الصحف بإصرارك على إجراء الحكم بحق القاتل؛ فما آلسبب في قرار العفو بعد كل ذلك آلأصرار؟
 
أجابت: خلال هذه المدة جرت علينا مصائب عديدة بدءاً بفقد ولدي الأول ثم قتل ولدي الآخر الذي كان في مقتبل عمره (23عاما), لكن الذي أوقفني في اللحظة الأخيرة و رغم صدور القرار العادل من المحكمة الأسلامية في مدينة النور من مقاطعة كيلان إلا أنني عدلت عن رأي بعد ما صفعت القاتل على وجهه!

و السبب الرئيس هو أنني رأيت في المنام بأن ولدي يقول: يا أمي سامحيه فأنا آلآن في مكان مريح و لا هم و لا غم و لا مشكلة, هنا أفضل من الحياة الدنيا!
لكنني لم أعتني كثيراً بتلك الرؤيا, حتى جائتني أخبار عديدة من الأهل و الأقرباء و حتى الجيران يؤكدون ذلك بأن ولدي المقتول عبد الله قد جائهم في المنام و أخبرهم بضرورة إقناع والدتي كي تغفر لقاتلي, حيث لا فائدة من الأنتقام و العفو عند الله أفضل و أقرب لرضاه!

لكني لم أقنع أيضاً, حتى رأتْ إبنتي الوحيدة نفس الرؤيا و كأن أخوها (عبد الله المقتول) يقول لها يا إختاه أنا في مكان مريح و لا هم و لا غمّ عندي إغفروا للقاتل .. و إبلغي أمي كي تفعل ذلك خصوصاً و العيد على الأبوات, فلا تكدروا أيام عيدكم و دعوا الفرحة تكتمل بآلعفو ففيها لذة كبيرة لي و لكم!

عندها فقط إقتنعت الأم, و حين أخبروها للحضور إلى مشهد الأعدام في اليوم المحدد, ذهبت و أنتظرت حتى وضعوا الحبل على عنق القاتل, حيث تقدمت الأم نحوه و بدل أن تسحب الكرسي من تحت رجليه مدّت يدها و صفعت القاتل على وجهه ثم رفعت الحبل عن رقبته و أمرت الحرّاس و الضابط المسؤول على تنفيذ الحكم بإنزاله فقد قرّرت العفو عنه بسبب وصية إبنه بحسب مارؤوه في المنام!

و هكذا غفرت تلك الأم المفجوعة بولدها على ذلك القاتل الذي قال بعد ما إلتقته وسائل الأعلام:
كنت في آلليلة التي سبقت يوم الأعدام يقظاً حتى الصباح .. قضيته بآلصلاة و الدعاء و زيارة الأربعين(زيارة الأمام الحسين عليه السلام), و كنت أصلي لنفسي و أصلي للمقتول, كما صليت صلاة الأمام الحجة(عج), لن الذي كان يؤلمني هو وجداني الذي سلب النوم و القرار من وجودي, حيث كنت أفكر كيف أني سأواجه عبد الله الذي كان صديقي بعد الموت و تسببت في قتله بعد شجار بيننا!؟
و كنت أخاطب نفسي: ماذا عساي أن أقول له و أنا بعد ساعات سألاقيه, هذا كان يؤلمني!؟  
وصيتي الأخيرة للناس خصوصا الشباب هو:
راقبوا حركاتكم؛ أفعالكم؛ مواقفكم؛ نظراتكم, تذكروا كيف أني وصلت للأعدام و نجوت في اللحظات الأخيرة بسبب العنف و القسوة؟

فكروا كثيراً قبل أن تتخاصموا, لا تحملوا سكيناً أو آلات القتل معكم, لأنها لا تخدم الأنسانية, الكلام اللطيف و العمل الصالح و المحبة هي التي تفيد و تخدم و تبني الحياة!

لأكون أنا لكم عبرة بعد هذا اليوم, و أنا مدين كل العمر لعبد الله المقتول و لذويه الكرماء و سأكون عبداً لهم ما حيييت!

بعد هذا هل يتعلم العراقيون معنى العفو و السخاء و طيبة القلب و التضحية من هذه المرأة الصبورة المفجوعة بولديها!؟
إنها و الله عظيمة و قد علمتنا درساً كبيراً كي نسامح من يخطأ بحقنا أو يظلمنا أو يتعدى علينا في غفلة من الزمن بسبب الجهل والتربية البعثية و العشائرية المقيتة  الخاطئة!
عزيز الخزرجي

محرر الموقع : 2014 - 04 - 19