خبراء: أمريكا مستعدة لرفع جميع العقوبات عن إيران وتحدد شرطها
    

يرى خبراء في العلاقات الأميركية الإيرانية أن الولايات المتحدة مستعدة لرفع جميع العقوبات المتعلقة بالاتفاق النووي، التي أعادت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب فرضها، لكن على إيران أن توافق على جدول زمني لعودتها إلى الالتزام بما اتفق عليه بخصوص برنامجها النووي.

ورأى المراقبون أن انهيار مباحثات “خطة العمل الشاملة المشتركة” -في حال حدوثه- سيؤكد خبرة 4 عقود من التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، منذ وقوع الثورة الإسلامية عام 1979.

ويُعد الاتفاق النووي -الذي تم التوصل إليه عام 2015- الاستثناء النادر في علاقات الدولتين، قبل أن أعاد انسحاب واشنطن منه عام 2018 الأمور لنصابها التاريخي العدائي التقليدي.

في الوقت ذاته، يُجمع الجمهوريون و”صقور” السياسة الخارجية الأميركية على أنه إذا أبقت بلادهم العقوبات فترة أطول قليلا، وجعلتها أشد قليلا، فإن إيران ستستسلم.

في حين يرد أنصار فكرة التوصل لاتفاق جديد مع إيران بالقول إن “إيران لم تستسلم تحت إستراتيجية الضغوط القصوى في عهد ترامب، ولن تستسلم بموجب عقوبات (الرئيس الأميركي جو) بايدن في حال فرضها”.

القليل مقابل المزيد

تأتي المقترحات الإيرانية -حتى الآن- تطبيقا لمبدأ تقديم “القليل مقابل المزيد”، حيث عرضت طهران التزاما أقل بالاتفاق مقابل تخفيف العقوبات التي تتجاوز “خطة العمل الشاملة المشتركة”، ولكن “لا يمكنك التفاوض من هذه النقطة”، كما تقول الخبيرة في الشؤون الإيرانية باربرا سلافين.

وفي رأي سلافين، فإن فريق التفاوض الإيراني “أكثر توجها نحو النماذج الاستبدادية للحكم؛ لذا ينظرون إلى الديمقراطيات الغربية بوصفها تهديدا للنظام السياسي الثيوقراطي عندهم، ويبدو أنهم لا يخشون كثيرا من هجوم الولايات المتحدة عسكريا عليهم، بسبب مخاوف واشنطن من بدء فصل جديد من الحروب في الشرق الأوسط”.

ما الذي يمكن أن يعد صفقة جيدة في نظر إدارة بايدن؟

في حديثها للجزيرة نت، تقول سلافن إن ما تأمله واشنطن من مفاوضات فيينا يتمثل في “عودة كاملة إلى اتفاق عام 2015 الأصلي، بالإضافة إلى موافقة إيرانية لمناقشة قضايا أخرى”.

وأشارت سلافين إلى أن مسؤولي إدارة بايدن لم يهددوا بعمل عسكري ضد إيران إذا واصلت تقدمها في الملف النووي، وبدل ذلك أكدوا المسار الدبلوماسي، وكما ذكر مسؤول أميركي رفيع “إذا استنتجنا أن إيران قتلت خطة العمل الشاملة المشتركة، سيتم فرض عقوبات أخرى أكثر من العقوبات الأميركية المفروضة حاليا”.

ويشير المسؤول إلى أن “إيران لا يمكنها الاستفادة الكاملة من العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، بما فيها جيرانها في الخليج من دون رفع العقوبات الأميركية التي تعوق قدرتها على المشاركة في النظام المالي العالمي”.

ويرى الخبير العسكري ديفيد دي روش -الأستاذ المساعد بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون- أن ما تريده إدارة بايدن وما ستقبله شيئان مختلفان.

ويشير دي روش إلى دعوة إدارة بايدن لتوسيع خطة العمل الشاملة المشتركة لتشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية وزعزعة الاستقرار الإقليمي. وهو ما رفضته إيران ودعت واشنطن إلى دفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن تعليق خطة العمل الشاملة المشتركة، “وأعتقد أن كلا الموقفين غير قابل للتحقيق”.

في حين عدّ البروفيسور بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة “الدفاع الوطني” الأميركية جودت بهجت أن “كبار المسؤولين في إدارة بايدن يرغبون في استبدال الاتفاق النووي الأصلي باتفاق أطول وأقوى”.

وهذا يعني -حسب بهجت- أنهم يريدون تمديد القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني سنوات عديدة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اتفاق إدارة بايدن المفضل سيفرض قيودا على قدرات إيران في مجال الصواريخ الباليستية ونفوذها الإقليمي؛ وهذا يبين مدى الهوة الواسعة بين واشنطن وطهران؛ فمن المستحيل أن تقبل طهران ذلك.

و”في الوقت الذي ترغب فيه إيران العودة إلى الاتفاق نفسه الذي وقعته مع إدارة أوباما، تقول إدارة بايدن إن الأمور تغيرت منذ عام 2015″.

معضلة رفع كل العقوبات الأميركية

يقول الخبير العسكري دي روش إن هناك قضيتين أساسيتين في ما يتعلق بالعقوبات؛ “فتبرير ترامب انسحابه من الاتفاق الإيراني بأنه لم يكن شاملا بما فيه الكفاية، وفّر غطاء للنشاط الإيراني الآخر”.

وفي الوقت الذي تنظر فيه إيران إلى العقوبات الأميركية على أنها جزء من خطة العمل الشاملة المشتركة التي تم إحياؤها، ترى الولايات المتحدة أن العقوبات تتعلق بإجراءات منفصلة؛ بعضها للإرهاب، وبعضها لانتهاكات حقوق الإنسان، وبعضها للمخدرات.

ولذا فإن دي روش لا يرجح أن تلغي الولايات المتحدة العقوبات التي لا علاقة لها بالبرنامج النووي الإيراني. وإذا انهارت المحادثات، فقد يتم اتخاذ المزيد من العقوبات؛ مثل فرض عقوبات ثانوية على الكيانات التجارية الصينية وغيرها من الكيانات التجارية المشاركة في مبيعات النفط.

ويرى بهجت أن “الرئيس ترامب تعمد وضع العراقيل أمام خليفته إذا أقدم على رفع العقوبات؛ ويوجد حاليا أكثر من 1500 عقوبة على إيران، والعديد من العقوبات التي فرضها ترامب لا علاقة لها بالبرنامج النووي، بل تتعلق بحقوق الإنسان وسياسة طهران الإقليمية.

وحسب رأي بهجت، فإنه على عكس جميع دول العالم تقريبا، لا يوجد لإيران “لوبي” (مجموعة ضغط) يمثلها في واشنطن، رغم معارضة أغلب الجمهوريين والعديد من الديمقراطيين رفع العقوبات. ولا يستطيع بايدن إنفاق رأس المال السياسي القليل لديه على مشروع رفع العقوبات، في وقت يعارض فيه معظم خصومه السياسيين والعديد من حلفائه رفع العقوبات.

وقال سينا أزودي الخبير في المجلس الأطلسي، والباحث بمؤسسة دراسات دول الخليج؛ إن “بعض العقوبات المفروضة على إيران تخضع لتصنيفات مختلفة، مثل الإرهاب وحقوق الإنسان؛ وبالتالي سيكون من المكلف سياسيا على بايدن رفعها، علما أن لديه انتخابات التجديد النصفي للكونغرس قبل أقل من عام، وكذلك إعادة انتخابه عام 2024”.

محرر الموقع : 2021 - 12 - 09