قرير أمريكي يجيب: صلح دائم أم خفض مؤقت للتصعيد.. هل يدوم التقارب بين خصوم الأمس في المنطقة؟
    

فيما أشارت إلى التقاربات الأخيرة بين دول منطقة الشرق الاوسط والتي شهدت ذروتها العام الماضي، سلطت مجلة “ناشيونال إنترست” (The National Interest) الأميركية على “عهد المصالحات” في المنطقة، حيث بدأ الأعداء الإقليميون وخصوم الأمس في توطيد صلاتهم وإصلاح علاقاتهم.

وأشارت المجلة -في مقال لها إلى انخراط كل من تركيا والإمارات بعد ما يقرب من عقد من العداء في عملية تقارب سريعة الخطى، كما شهدت علاقات أبو ظبي وطهران دفئا ملحوظا، ولا تزال محادثات تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة جارية، في حين انتعشت الدبلوماسية بين تركيا والسعودية خلال الأشهر القليلة الماضية، كما لم يعد لا الربيع العربي ولا الإسلام السياسي -وهما خطا الصدع الرئيسيان في العقد الماضي- يحتلان مكانة بارزة في جدول الأعمال الإقليمي.

لكن رغم فورة النشاط الدبلوماسي هذه -تضيف المجلة- لا صراع في المنطقة على وشك الحل، حيث لا تزال منطقة الخليج وليبيا وسوريا واليمن وشرق البحر الأبيض المتوسط والقرن الأفريقي بؤراً جيوسياسية ساخنة.

وأكدت ناشونال إنترست أنه رغم استحضار مصطلحات مثل التقارب وتطبيع العلاقات على نطاق واسع لتفسير الفورة الأخيرة في وتيرة الدبلوماسية الإقليمية، فإن مصطلح “خفض التصعيد” يبقى هو الأنسب لوصف الوضع الحالي.

والسبب أن عملية إعادة الاصطفاف الجارية ليست نتاج نهج حقيقي جديد بين القوى الإقليمية الفاعلة، بل هي نتيجة مراجعة هذه الأطراف لمواقفها الجيوسياسية، لأن السياقات الإقليمية والدولية تفضل نهج خفض التصعيد على الصراع، بمعنى أن الأمر يتعلق في الواقع بتجميد مؤقت للصراعات الإقليمية.

إجهاد أيديولوجي

وقد أملت هذا النهج مجموعة من العوامل غيرت فعليا الأولويات الإستراتيجية للقوى الإقليمية، بما في ذلك الانسحاب الأميركي من المنطقة، فضلا عن نهج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في معالجة نزاعاتها والمآزق التي تشهدها مختلف ساحات المنافسة الجيوسياسية والإجهاد الأيديولوجي بين المنافسين والإكراهات الاقتصادية المحلية.

على صعيد آخر، ذكرت ناشيونال إنترست أنه رغم كل الحديث عن دخول الشرق الأوسط في حقبة ما بعد الربيع العربي من لبنان إلى الجزائر والعراق إلى السودان وتونس، استمرت الاحتجاجات الشعبية التي يمكنها أن تزيد من إحساس غياب الأمن لدى الأنظمة الاستبدادية، وتعيد إشعال الصراعات الأيديولوجية مجددا وإذابة جليد النزاعات المجمدة.

فضلا عن ذلك، اعتبرت المجلة ان احتمالات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران “قاتمة بشكل متزايد”، مما قد يؤدي لتفاقم هذه الأزمة المتصاعدة والتوترات في الخليج مع ما لذلك من تداعيات على المنطقة بأسرها.

ورأت المجلة انه يتوجب على اللاعبين الدوليين من أجل تجنب انعكاس في مجرى خفض التصعيد الحاصل حاليا دعم الأطراف الفاعلة إقليميا بشكل نشط، من خلال أطار تعاون متعدد الأطراف يعمل على ترسيخ منافع التقارب على حساب الصراع وجعلها مستدامة.

المصدر : ناشونال إنترست

محرر الموقع : 2022 - 01 - 10