الإقرار بالمشاعر السلبيّة خطوة أولى لتخطّي الأزمات
    

استطاع الثلاثيني حسام خواجا، تجاوز الفشل، والاحتكام إلى العقل، بعد مروره بثلاث تجارب عاطفيّة لم تكلّل ولا واحدة منها بالنّجاح، متغلّباً بذلك على مشاعره السلبيّة ونوبات الحزن الّتي كانت تعتريه.

ويقول حسام: "بدأت حياتي من جديد، فالرّجل عندما يحبّ، يحبّ بقوّة، ومن الطَّبيعي أن يحزن على فراق من أحبّها، لكن لا بدَّ من تجاوز هذه المشاعر، ويبقى الأمر مجرّد ذكرى لا أكثر، فعلى المرء أن يعيش ويتأقلم ويحبّ من جديد".

ويلفت إلى أنّ العلاقة العاطفيّة الفاشلة من الممكن أن تكون منسيَّة، وبسرعة قصوى، رغم قساوتها، في حال تعرّض الرجل للخيانة في مشاعره.

أما رانية ناصر، فتعتبر الفراغ العاطفي هو الدّافع الكبير للدخول في علاقات عاطفية غير مدروسة، مشيرةً إلى أنّ الكثير من الفتيات ينخدعن بالمشاعر، وينسقن وراء مشاعرهن، بدون التحقّق من مشاعر الطرف الآخر، وعندما يكتشفن زيف مشاعر الآخر، ينهرن تماماً.

وتقول: "مررت بتجربة عاطفية مريرة، لم أكن أتوقَّع يوماً أن يخذلني الشَّخص الذي راهنت على أخلاقه ومحبَّته، فرغم اقتناعي بأنّه لم يعد يستحقّ حبي، وانفصالنا عن بعضنا البعض منذ فترة طويلة، ما زلت أتذكّر تلك التجربة بأدقّ تفاصيلها، وتمنّيت كثيراً تجاوزها، إلا أنَّها تحضر أمامي دائماً بكلّ ما فيها".

أمّا نهى علي، "23 عاماً"، فتستخدم مصطلح "التنفيس الإبداعي"، لتبيّن كيف تجاوزت تجربتها العاطفيَّة الفاشلة، حيث قرَّرت أن تشغل وقتها بالرّسم وكتابة القصّة والشّعر، حتى لا تترك لنفسها مجالاً للتّفكير فيمن لا يستحقّ، على حدّ تعبيرها، مبيّنةً أنها تنوي تطوير موهبتها مستقبلاً، لتثبت للرّجل الذي تخلّى عنها، أنّها أفضل منه بكثير.

اختصاصيّ علم النّفس، د. محمد مصالحة، يرى أنَّ الثقة بالنفس عامل أساس لتجاوز الأزمات العاطفيّة، فكلّما كان الشّخص أكثر ثقةً بنفسه، ازدادت قدرته على تجاوز الأزمات العاطفيّة.

وبعض التجارب العاطفيّة الفاشلة قد تنتهي في الزّمان، كما يقول، لكنَّ آلامها تظلّ تلاحق أصحابها، ممن يعتبرون أنفسهم أنهم أحبّوا بصدق، وكانوا أوفياء إلى أبعد الحدود، لافتاً إلى أنّه، وبمجرّد أن يتخلّى عنهم أحباؤهم، يشعرون بأنَّ الحياة قد توقَّفت، فيدخلون في دوّامات نفسيَّة وصراعات داخليَّة، قد ينجو البعض منها، وقد يكون مصير البعض الآخر مجهولاً.

ويعتبر مصالحة أنَّ مراحل تجاوز الصّدمات العاطفيّة وآثارها، تختلف مدّتها وحدّتها من شخص إلى آخر، بل إنَّ الشّفاء يتعذَّر أحياناً، إذا كانت فكرة استمرار العلاقة مع الطرف الآخر تسيطر على الإنسان.

وتشير إحدى الدّراسات المختصَّة، إلى أنَّ حالات الشفاء المستعصية من آثار الصدمات العاطفية، تتطلَّب العلاج النفسي، إلا أنَّ هذا الخيار يظلّ مستبعداً لدى الكثيرين الَّذين يهابون الطبّ النّفسي، وغالباً ما يعتمدون على الأصدقاء والمقرّبين للتنفيس عمّا يعيشونه من ضغط.

من جهته، يبيّن الاختصاصي في علم النفس السلوكي، د. خليل أبو زناد، أنّ هناك أموراً يجب القيام بها في حال تعرض الشخص لأزمة نفسيّة عاطفية حادّة، وأهمها تجنّب العزلة، إذ إنَّ المساندة من قبل الأصدقاء والأحبّاء، تعطي سنداً نفسياً لا يستهان به، كما أنها تحمي من الشعور بالوحدة، وما يتبعه من تأثيرات سلبيّة، علاوةً على أنها تعطي إحساساً بالأمان، الَّذي بدوره يخفّف من وقع الصّدمة.

ولا ضير من الإقرار بالمشاعر، كما يقول أبو زناد، فيحدّد الشخص ما يشعر به بصراحة، ويقرّ به لنفسه، فيقول مثلاً: "أنا أشعر بالمرارة لاكتشاف خيانة صديقي، أو أشعر بخيبة أمل لفقدان صداقته، أو أشعر بالحزن، لأنَّني لم أكتشف حقيقته قبل ذلك".

والإقرار بالمشاعر السلبية، بحسب أبو زناد، يعدّ الخطوة الأولى في علاج الصدمة العاطفية، أما تجاهل هذه المشاعر بهدف نسيانها، فيؤدي إلى دفنها مؤقتاً، وليس الخلاص منها.

وينصح بأن تتمّ مناقشة الموقف ومناقشة أبعاد الصدمة مع أحد الوالدين أو كليهما، أو أحد الأصدقاء أو غيرهم، ممن يثق في رأيهم، قائلاً: "ولا ضير من الصمت قليلاً أو لفترة، إن أراد الشخص ذلك".

محرر الموقع : 2014 - 07 - 24