تسليح عشائر الأنبار بين التأكيد والنفي.. موقع الجزيرة يطرح تساؤلات حول التوقيت والأهداف
    

تسليح عشائر الأنبار ملف يثير جدلاً وفق ما ذكرت قناة الجزيرة التي رصدت الموضوع وأهدافه وغاياته وسط تساؤلات مطروحة من عدد من المحللين حول الأهداف المعلنة والتي تتمثل بمحاربة فلول تنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى توقيت قرار تسليح العشائر في خضم الأزمة السياسية الحادة في العراق.

وذكرت قناة الجزيرة، في تقرير نشرته اليوم الأحد (15 أيار 2022)، أن أبناء العشائر العراقية في محافظة الأنبار يواصلون منذ أيام تنفيذ توجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة بالتسلح والعمل على حماية مناطقهم ومطاردة خلايا تنظيم داعش في المناطق الصحراوية من المحافظة.

ويأتي قرار تسليح العشائر في الأنبار دون غيرها من المحافظات التي خضعت لسيطرة داعش بعد 3 أعوام على تعهد رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي بذلك، ليثير تنفيذ القرار في هذا التوقيت تساؤلات عديدة عن الأهداف والأسباب والأبعاد السياسية في وقت تشهد فيه الأنبار سجالات سياسية بعد إسقاط التهم عن عدد من الشخصيات السياسية في المحافظة ممن كانوا يقيمون خارج البلاد.

تناقض في التصريحات

في غضون ذلك، وبين تأكيد ونفي لتسليح العشائر في الأنبار، يقول معاون قائد حشد الأنبار مال الله برزان إنه وبتوجيه القيادة العامة للقوات المسلحة “تم تكليف أبناء عشائر المناطق الغربية في محافظة الأنبار بمساندة الأجهزة الأمنية العراقية بالحرب ضد تنظيم داعش وصدّ هجماته ومتابعة تحركاته في المناطق الصحراوية والمحيطة بالمناطق السكنية”.

ويتابع برزان في حديث صحفي أن دور أبناء العشائر سيتركز على المناطق المسماة بـ”الشامية” التابعة لقضاء الرطبة، فضلا عن مناطق “تي وان” والجزيرة وصولا إلى الموصل ثم بيجي وسامراء وانتهاء بصلاح الدين.

مبيّنا أنه تم تحديد رقعة جغرافية لكل عشيرة للعمل فيها، وأنها ستكون بمنزلة قاطع مسؤولية للعشيرة لمساعدة القطع الأمنية الأخرى في ضبط الأمن في تلك المناطق.

على الجانب الآخر، وتأكيدا لأنباء المضي بتسليح عشائر الأنبار، يقول القيادي في الحشد العشائري عواد الجغيفي في حديث صحفي إنه “منذ مطلع الشهر الجاري، أوكلت عمليات مطاردة عناصر تنظيم داعش بعدد من المناطق الصحراوية غربي محافظة الأنبار إلى قوات الحشد العشائري وقيادات العشائر والمتطوعين من تلك المناطق، وذلك ضمن قواطع قسمت بإشراف قيادات القوات البرية وعمليات الجزيرة والعمليات المشتركة وعمليات الأنبار”، على حد قوله.

أما معاون قائد الحشد الشعبي في الأنبار اللواء طارق العسل فيؤكد من جانبه أن التسليح لن يكون لأبناء العشائر وإنما سيكون للحشود العشائرية التابعة لمؤسسة الحشد الشعبي من خلال تزويد هذه الحشود بأنواع جديدة من الأسلحة والدعم اللوجستي.

وأضاف العسل أن هناك خطة لتزويد الحشد العشائري في الأنبار برشاشات ثقيلة وعجلات عسكرية تخصصية ودعمهم بالوقود، وذلك لما تملكه الحشود العشائرية من خبرة بطبيعة المناطق الجغرافية المحيطة بالمدن والمناطق الصحراوية.

وشدد العسل على أن التسليح سيتضمن رشاشات من عيار 14.5 ملم مع عجلات تخصصية تتناسب مع هذه الرشاشات مع كميات من العتاد والوقود، فضلا عن ربط هذه الحشود مع استخبارات قيادة مكافحة الإرهاب ودعم هذه الحشود بطيران الجيش العراقي والتنسيق مع العمليات المشتركة العراقية.

موضحا أن هذا التسليح قد لا يشمل محافظة الأنبار فقط، وقد يمتد إلى بقية المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش بين عامي 2014 و2017.

تجربة الصحوات

تسليح عشائر الأنبار أعاد إلى الذاكرة تجربة “الصحوات” في البلاد التي كانت قد انطلقت من محافظة الأنبار أواخر عام 2006 لمواجهة تنظيم القاعدة، وأسهمت تلك الصحوات عند تأسيسها في الحد من مخاطر القاعدة في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى.

في غضون ذلك، يقول الصحفي العراقي رياض الحمداني إن تسليح عشائر الأنبار سيكون له مردود إيجابي على الوضع الأمني في المحافظة بصورة عامة، لا سيما بعد أن ارتفعت وتيرة نشاط خلايا تنظيم داعش في المناطق الصحراوية في البلاد.

وتابع الحمداني أن الأهم من تسليح العشائر هو الاستمرار في دعمها ودمجها في القوات الأمنية، لا سيما أن تجربة الصحوات عانت من مشكلة تمثلت بتخلي الحكومة العراقية عنها بعد سنوات، وذلك قد أدى حينئذ إلى تدهور الوضع الأمني، على حد قوله.

الأبعاد السياسية والأمنية

وتأتي قضية تسليح الحشود العشائرية في الأنبار لتضيف مزيدا من التعقيد إلى الوضع السياسي والأمني في البلاد، وذلك وفقا للباحث السياسي والأمني غانم العابد الذي أوضح أن هيكلية الحشود العشائرية في البلاد تختلف عن هيكلية فصائل الحشد الشعبي.

وفي حديثه أضاف العابد أن منظومة الحشد الشعبي تتمتع بقيادة واحدة وأن جميع الألوية ترتبط بهذه القيادة، وهو على نقيض الحشود العشائرية التي يرتبط بعضها بألوية عسكرية أو تكون تابعة لعضو من أعضاء مجلس النواب أو لبعض شيوخ العشائر.

وأضاف أن رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي كان قد أمر في عام 2019 بسحب الحشد الشعبي من المحافظات التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش مع تولي الحشود العشائرية ضبط الأمن في هذه المدن بالتعاون مع القوات الأمنية بشريطة توحيد قيادة هذه الحشود العشائرية.

لافتا إلى أن قرار عبد المهدي بشقيه لم ينفذ حتى الآن.

على الجانب السياسي، أوضح العابد أن قرار رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي بتسليح الحشود العشائرية في الأنبار دون غيرها وفي هذا التوقيت يثير العديد من التساؤلات، لا سيما أن المحافظة تواجه اليوم انقسامات سياسية، فضلا عن الخلافات حول تشكيل الحكومة العراقية في خضم تحالف رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي المنحدر من الأنبار مع تحالف “إنقاذ وطن” الذي يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني.

وتشهد محافظة الأنبار حراكا سياسيا وظهور بعض التحالفات الجديدة بعد أن أسقط القضاء العراقي التهم الموجهة لعدد من الشخصيات السياسية التي كانت خارج البلاد، مثل الشيخ علي حاتم السلمان ورافع العيساوي.

ويتابع العابد حديثه فيؤكد أن ما يثير الريبة في هذه الحيثية يتمثل بتطبيق القرار في الأنبار دون غيرها من المحافظات الأخرى التي تشهد خروقًا أمنية من تنظيم داعش لا سيما في محافظة نينوى ومنطقة سنجار وديالى وصلاح الدين.

ويختتم العابد حديثه بالقول إن تسليح فصائل الحشد الشعبي يفوق بأضعاف ما تملكه الحشود العشائرية، ومن ثم “فكيف ستتمكن الحشود العشائرية من ضبط المناطق الصحراوية في الوقت الذي لم تفلح فيه قوات الحشد الشعبي في ذلك مع استمرار الخروق الأمنية؟”، على حد تعبيره.

وبالعودة إلى الصحفي رياض الحمداني فيرى أن هناك مناطق كثيرة في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى تستوجب تسليح العشائر فيها أو تعزيز قوة الحشود العشائرية فيها لمساعدة الجيش العراقي في ضبط مئات الكيلومترات من المناطق الصحراوية التي بات تنظيم الدولة يستغلها في تنفيذ هجمات ضد القوات الأمنية والمدنيين.

المصدر : الجزيرة

محرر الموقع : 2022 - 05 - 15