هل يجلب المال السّعادة؟
    

ربما تمنيت في مرحلة من مراحل حياتك أن تكون ثريّاً، وهذا بالطّبع ما لم تكن من الذين ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب، كما نقول!

تعرف بالطّبع مظاهر الثراء التي تثير الدهشة، كأن تربح اليانصيب مثلاً، وتصبح حياتك كحياة الأثرياء والمشاهير الذين ينعمون ببيوت فارهة، تحفّها المروج الخضراء الأنيقة، وتضمّ أحواضاً كبيرة للسباحة، ويمتلكون جزراً بأكملها في بعض الأحيان، وسيارات سباق باهظة الثّمن، وطائرات خاصّة، وكذلك مبالغ طائلة من المال الذي يمكّنك من أن تفعل ما تشاء وقتما تشاء.

لكن ما الذي يحدث لهؤلاء المحظوظين القلائل الذين تتحقّق أحلامهم؟ طرحنا هذا السؤال على موقع كورا (Quora) المتخصّص بتلقّي الأسئلة وإتاحة الفرصة للجمهور للإجابة عنها، لمعرفة ما إذا كان الأمر يستحقّ بالفعل أن نسعى إلى الثراء.

هل يجلب المال السعادة؟ الدخل الإضافي قد يحدث تغييراً في حياة الإنسان، وقد يكون ذلك إلى الأفضل أحياناً، أو إلى الأسوأ أحياناً أخرى.

تروي لنا كارول فيلو، إحدى مستخدمات موقع (كورا)، كيف تحوّل والداها من الفقر المدقع إلى أن أصبحا من أصحاب الملايين، عندما حققت شركة للطباعة كانا يمتلكانها نجاحاً كبيراً. وقد أثار ذلك النجاح الذي حقّقته الشركة شهية العائلة بأكملها نحو جني المزيد من الأموال.

وتقول فيلو: "أدمنت أمّي جمع المال، ولم يعد شيء كافياً بالنّسبة إليها". وتضيف: "ومع مرور الوقت، تلاشت العلاقات الأسرية، ولأنني عايشت التجربة بالكامل، يمكنني القول إنّ الراحة والقناعة أهمّ من الثراء."

ويقول بول بوكهايت: "الثروة تكشف خصال البشر". ويضيف: "تعزّز الثروة من الصفات التي كان الناس يتحلّون بها قبل أن يصبحوا أغنياء. فإن كنت شخصاً سيّئاً، فمن المرجّح أن تجعلك الثروة أكثر سوءاً، أمّا إذا كان لديك هدف أسمى في الحياة من مجرّد جمع المال، فيمكن للثروة أن تمنحك الحرية للتركيز على تحقيق ما تصبو إليه."

أمّا ستو سويرمان، فيرى أنّ الهدف هو الاستمرار في الكدّ والعمل. ويقول: "عملت باجتهاد لمدّة 15 عاماً، وقمت ببيع شركة البرمجيّات التي كنت أمتلكها. وعندما حصلت على ثمنها الضّخم، أمضيت فترة تقاعد استمرّت خمسة أيّام فقط."

ويضيف سويرمان: "أنت بحاجة إلى شيء تنشغل به. أسّست على الفور شركة جديدة، وشعرت بسعادة أكبر من مجرّد أن أحصل على المال وأتقاعد."

إن أول ما يتبادر إلى ذهنك عندما تقرأ أن سلبيات الثراء تفوق إيجابياته، هو أن تقول: أرجوك، دعك من هذا الكلام.

فهذا مستخدم آخر لم يرد ذكر اسمه، يقول: "عندما تكون ثرياً، لا يُسمح لك بأن تشكو من شيء أبداً. فطالما يتخيّل غالبية الناس أن الأغنياء يعيشون حالة من النقاء، وراحة البال، فليس مسموحاً في نظر العامة أن يكون لديك احتياجات بشرية أو مشاكل. ومع أنك مجرد إنسان، لا يعاملك غالبية الناس على هذا الأساس."

ومن السلبيات الأخرى للثراء أيضاً، تغير مستوى العلاقات مع الأصدقاء والعائلة. فمعظم الناس يتطلعون للاستفادة منك مادياً، وقد يصعب عليك أن تجزم ما إذا كان اللطف الذي يبديه أحدهم سببه محبته لك، أم أنّه يطمع في ما لديك من مال".

ويضيف: "أما إذا كنت أعزب، فقد تكون في شكّ على الدوام بشأن ما إذا كان شريكك يحبك أم يحب مالك."

أجاب معظم المتابعين على موقع (كورا) بأنه على الرغم من سلبيات الثراء، هناك إيجابيات كثيرة لوجود الثروة بين يديك.

ويقول صاحب أحد التعليقات الذي لم يفصح عن اسمه، والذي أشار إلى أنه أصبح يمتلك 15 مليون دولار بعد بيعه شركة كان يمتلكها: "أن تكون ثرياً أفضل من ألا تكون كذلك، ولكن ليس بالدّرجة التي يتصورها البعض."

محرر الموقع : 2014 - 08 - 28